ربط رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سيدي محمد بوشناق خلادي، أمس، نجاح التحول الطاقوي في الجزائر، بتطوير قطاع وطني قوي لإنتاج الكهرباء المتجددة وخاصة في قطاع الطاقة الشمسية. أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بوشناق خلادي، أمس، في كلمة ألقاها خلال ملتقى حول الطاقات المتجددة في الجزائر، نظم بفندق الماركير، أن الجزائر عازمة على الانخراط بقوة في التحول في مجال الطاقة نحو مستقبل أكثر استدامة وأكثر احتراما للبيئة، استجابة للتطورات والرهانات الأخيرة الحاصلة في مجال الطاقات المتجددة وتغيرات المناخ. وأبرز أنه «في هذا السياق الراهن، من الضروري أن ندرك أن التحول في مجال الطاقة لا يمكن أن ينجح إلا إذا قمنا بتطوير قطاع وطني قوي لإنتاج الكهرباء المتجددة، وخاصة في قطاع الطاقة الشمسية». وأضاف، أن ذلك يتطلب الاستقلال في مجال الطاقة وإنشاء نسيج صناعي محلي ديناميكي، قادر على إنتاج معدات إنتاج الطاقة الخاصة به، مما يسهم أيضا في النمو الاقتصادي المستدام والمدر للثروة، مشيرا إلى أن تنويع مزيج الطاقة لدينا أصبح ضرورة حتمية في الجزائر، حتى تتمكن من إدارة الموارد غير المتجددة بشكل أفضل وتلبية الطلب المتزايد على الطاقة. وذكر خلادي، أن الجزائر التي تزخر بمواردها من الطاقة الأحفورية، تتجه الآن بحزم نحو الطاقات المتجددة لتنويع مزيج الطاقة لديها، وهي محظوظة بإمكاناتها الكبيرة من الطاقة الشمسية، التي تعد موردا وفيرا لا ينضب، مقارنة بمواردنا الهيدروكربونية المحدودة. واعتبر بوشناق هذه الإمكانات الشمسية الاستثنائية «فرصة غير مسبوقة» لتطوير البنية التحتية للطاقة بالجزائر مع تعزيز أمننا الطاقوي. وأمام التحديات العالمية التي تسببها تغيرات المناخ، شدد خلادي على ضرورة الوعي بأهمية تسخير هذا المورد الشمسي، نظرا لإسهاماته الحاسمة في خفض إسهامنا الكربوني وتأمين مستقبل طاقوي أنظف، قبل أن يضيف أن هذا التحول يندرج ضمن الحركية العالمية الرامية إلى الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة والتخفيف من آثار تغير المناخ، وفقا للالتزامات الدولية المختلفة مثل اتفاق باريس. وذكر أن هذه «المعطيات المدهشة» لا تظهر حجم إمكانات الجزائر الشمسية فحسب، بل تؤكد أيضا على أهمية استغلالها بشكل فعال لتلبية مختلف الاحتياجات في مجال الطاقة، بالإضافة إلى الإسهام في المعركة العالمية ضد تغير المناخ. ووضعت الجزائر، بحسب بوشناق، إجراءات ملموسة في إطار تنفيذ التزاماتها بالتحول الطاقوي، منها ما قام به مركز تطوير الطاقات المتجددة من تقييمات معمقة للمصادر المتجددة، تؤكد إمكانات الجزائر الشمسية الغنية بهذه الثروة الطبيعية التي تتيح لها فرصة استثنائية لتطوير البنية التحتية للطاقة مع تعزيز أمنها الطاقوي. فضلا عن ذلك، فإن برنامج رئيس الجمهورية، الذي يركز على التنويع الاقتصادي والأمن الغذائي والتحول الطاقوي والاقتصاد الرقمي، يؤكد الالتزام بتحقيق مستقبل أكثر استدامة، إذ أنه يطمح إلى إنشاء نموذج اقتصادي جديد يعتمد على الطاقات الجديدة والمتجددة، التي تشكل ركيزة أساسية لأمننا الطاقوي على الأمد الطويل. ولتحقيق هذه الأهداف، ذكر بوشناق ببرنامج تطوير الطاقات المتجددة الذي وضعته السلطات العمومية ويهدف إلى تركيب 1000 ميجاواط سنويا، مع تسطير هدف نهائي للوصول إلى 15000 ميجاواط بحلول سنة 2035. كما ستعزز هذه المبادرة، المصحوبة برفع قدرات الجزائر في مجال الطاقة المتجددة بشكل كبير، من حصة الطاقات النظيفة في مزيج الطاقة الوطني. وتعكس هذه التدابير، بحسب رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، التقدم الكبير الذي أحرزته الجزائر في تعزيز الطاقات المتجددة، بهدف زيادة قدرات الطاقة النظيفة، مع تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. وحرص المشاركون في أشغال ملتقى الطاقات المتجددة في الجزائر، المنظم بالتعاون مع محافظة الطاقات المتجددة وفعالية الطاقة، على تقييم الوضع الحالي واستكشاف فرص التنمية وتحديد الحوافز اللازمة لدعم هذا القطاع. وتحقيقا لهذه الغاية، ناقش الخبراء والمختصون، ضمن أربع ورشات، مسائل حيوية مرتبطة بالطاقات المتجددة واقترحوا آليات تشجيع الاستثمار الخاص في الطاقات المتجددة والتنظيم والتنافسية واستدامة المشاريع. في حين ركزوا في الورشة الثانية، على بناء القدرات ونقل التكنولوجيا والتكامل الصناعي ودعم الابتكار، لاسيما من خلال الشركات الناشئة. أما في الورشة الثالثة، فبينوا كيفية إسهام الطاقة الشمسية في التنمية المحلية والمنصفة، مع التركيز على المشاريع الصناعية الإقليمية. وحللوا في الورشة الرابعة، الإطار التنظيمي والمؤسساتي اللازم لتحول فعال في مجال الطاقة، فضلا عن إدارة الموارد وتقييم السياسات العمومية. في هذا السياق، ذكر رئيس المجلس الاقتصادي، أن الهدف في الوقت الراهن هو تشجيع الحوار البناء بين القطاعين العام والخاص من أجل وضع استراتيجيات لتطوير الطاقة الشمسية على المستوى الوطني، مع إدخال أفضل الممارسات العالمية في مجال الطاقات المتجددة والتكيف مع تغيرات المناخ. ورفع المشاركون في الملتقى، توصيات ملموسة لتعزيز التحكم في موارد الطاقة وتشجيع التحول نحو الطاقات المتجددة وتشجيع الاستثمارات في أنظمة الطاقة المستدامة، مع الأخذ في الاعتبار آخر التطورات في مجال التكنولوجيات النظيفة والابتكارات في مجال الطاقات المتجددة. وقال بوشناق، «إن النتائج التي نأمل أن نحققها بعيدة الأمد، لكنها ضرورية لمستقبل الجزائر الطاقوي»، معربا عن أمله في إزالة العوائق التنظيمية، والعمل على خلق بيئة ملائمة لتوسيع نطاق الطاقات المتجددة، وتحفيز البحث والتطوير، وتشجيع الصناعة المحلية، وتطوير شبكات الكهرباء الذكية، وتشجيع الاستهلاك الذاتي للطاقة الشمسية. ومن بين التوصيات المرفوعة، تسهيل الحصول على التمويل، واغتنام فرص التمويل الدولي وسوق الكربون، لأن كل هذه الإجراءات تتماشى مع المبادرات العالمية الرامية إلى التخفيف من آثار تغير المناخ مع تعزيز النمو المستدام. وعليه، ينبغي العمل معاً لتوحيد الجهود لتطوير سيناريوهات قابلة للتطبيق، تمكن من تحقيق طموحات الجزائر في مجال الطاقة الشمسية. وسيتطلب ذلك، على وجه الخصوص، التزام ومساهمة جميع الجهات الفاعلة المعنية، سواء من الحكومة أو من القطاع الخاص أو من مراكز البحث أو من المجتمع المدني. من جهته، الأمين العام لمحافظة الطاقات المتجددة الدكتور مسعود خليف، أكد في تصريح ل»الشعب»، أن تطوير الطاقات المتجددة في الجزائر هو «ميدان مربح في المجال الاقتصادي»، لذلك يجب وضع استراتيجية واضحة المعالم، تعمل المحافظة على وضعها حتى تكون سندا للاقتصاد الوطني وليس عائقا، وتمكين المتعاملين الاقتصاديين من الاستثمار في هذا المجال. وأشار إلى أن الطاقات النظيفة أصبحت محور الاقتصادي العالمي، لذلك التحول الطاقوي في الجزائر أصبح حتمية لا مفر منها، خاصة وأن دول أوروبية أسست للتحول الطاقوي منذ 40 سنة، وهي الآن في طور تحديث الميكانيزمات الاقتصادية لفرض هذا الانتقال الطاقوي حتى على البلدان التي تسعى لاجتناب هذا التحول. وأضاف، أن الدول الأوروبية وضعت رسوما على الانبعاث الكربوني، وابتداء من أكتوبر الداخل ستفرض ضريبة على المواد المستوردة التي تستهلك أكثر الطاقة الأحفورية، مثل الكهرباء، الإسمنت، المواد الحديدية، وتتجه بالتدريج إلى مواد أخرى حتى تجبر الدول المصدرة لها بتصنيعها على أساس الطاقات المتجددة أو الصديقة للبيئة، لذلك يجب التخطيط لهذا وبناء اقتصاد متوازن يتماشى مع التوجهات العالمية، لأن الاقتصاد النظيف المتحكم في كل شيء.