تسارعت الجهود والتحركات الدولية في ليبيا في مسعى لإنقاذ مشروع الانتخابات ومنعه من الانحراف عن الطريق للمرور نحو التصويت في أقرب وقت ممكن، وذلك بعد تجدّد الخلافات والتوتر حول القوانين الانتخابية بين الأطراف الرئيسية. لا يزال طريق الانتخابات في ليبيا غير واضح بعد مصادقة البرلمان بصفة أحادية على قوانين الاقتراع وتسليمها إلى المفوضية العليا للانتخابات لتنفيذها، وذلك في ظل معارضة المجلس الأعلى للدولة لهذه القوانين، وتحفظ البعثة الأممية لغياب التوافق السياسي حولها. كما يشكّل مقترح تشكيل حكومة جديدة تتولى مهمة إجراء هذه الانتخابات، نقطة خلاف وتوتر كبيرة بين الأطراف السياسية الليبية. وفي هذا السياق، يعتزم المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي عقد لقاءات مع القادة الليبيين أو ممثليهم، لحسم الخلاف حول القوانين الانتخابية، ومناقشة فكرة تشكيل حكومة تكنوقراط تقود البلاد نحو الانتخابات. لكن الكثير من الخبراء السياسيين يستبعدون إمكانية قبول كل الأطراف السياسية الليبية الجلوس إلى طاولة المفاوضات تحت رعاية باتيلي، لانّ بعض هذه الأطراف تتهمه بعدم الحياد وبتجاوز صلاحياته من خلال التدخل في القوانين الانتخابية، وسعيه لإرضاء جهات على حساب الأخرى. وعلى هذا الأساس، يعتقد هؤلاء الخبراء بأن الأزمة السياسية مستمرة وقد تزداد حدّة خلال الفترة القادمة، في ظلّ تمسك كل طرف بشروطه ووجود قوى نافذة مناهضة لإجراء الانتخابات. النّقاط الخلافية تراوح مكانها وكانت البعثة الأممية إلى ليبيا، قد أعلنت يوم الخميس الماضي، عن وجود 4 قضايا خلافية بين القادة السياسيين حول قانون الانتخابات، داعية إلى ضرورة الدخول في حوار لحلّها ومعالجتها من أجل وضع حدّ للمراحل الانتقالية والسير بالبلاد نحو الانتخابات. وتعد شروط الترشح للانتخابات الرئاسية ومسألة تشكيل حكومة جديدة، أهم النقاط الخلافية بين القادة السياسيين، إذ يصر مجلس الدولة ومعسكر الغرب الليبي على منع العسكريين ومزدوجي الجنسية من الترشح لرئاسة البلاد، لكن البرلمان صادق على السماح للجميع بخوض المنافسة. حديث متجدّد عن حكومة ثالثة في الأثناء، جدّد عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي، مساعيه ودعواته لتشكيل حكومة "جديدة" في البلاد، خلفاً لحكومة "الوحدة" المعترف بها دوليا التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، دون أن يعير الانتباه إلى أن الليبيين لا يريدون تشكيلات جديدة تتصارع فيما بينها بقدر ما يريدون تحديد موعد رسمي لإجراء الانتخابات، وإخراج البلاد من حالة التيه والفوضى السياسية التي تعيشها منذ 2011.