حذّر رؤساء ثلاث وكالات رئيسية تابعة للأمم المتحدة، من أنّ غزة بحاجة ماسّة إلى المزيد من المساعدات، وإلا فإنّ سكانها المحاصرين سيعانون من المجاعة والمرض على نطاق واسع، في حين أفادت السلطات في القطاع أن عدد الشهداء جرّاء الإبادة الصهيونية تجاوز 24000. أدّى العدوان الصهيوني الغاشم الذي يدخل يومه 103 إلى دمار غير مسبوق في القطاع الساحلي الصغير، وأثار كارثة إنسانية أدت إلى نزوح معظم سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، حيث يواجهون ظروفا مأساوية في مناطق النزوح التي ضاقت بهم. وفي السياق، قال برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسف" ومنظمة الصحة العالمية إنه يجب فتح طرق جديدة لدخول المساعدات إلى غزة، ورفع عدد الشاحنات كل يوم، مع السماح لعمال الإغاثة وأولئك الذين يطلبون المساعدة بالتنقل بأمان. فيما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش، إن وكالات الأممالمتحدة وشركائها "لا تستطيع تقديم المساعدات الإنسانية بشكل فعال بينما تتعرض غزة لمثل هذا القصف العنيف والواسع النطاق والمتواصل". وقال إنّ استشهاد 152 من موظفي الأممالمتحدة في غزة منذ بداية الحرب هو "أكبر خسارة في الأرواح في تاريخ منظمتنا". وأدّى العدوان الصهيوني إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة في القطاع، الذي كان يعاني بالفعل من حصار جائر منذ 2007. وقالت الأممالمتحدة قبل يومين، إن أقل من ربع قوافل المساعدات وصلت إلى وجهاتها في الشمال في جانفي لأن السلطات الصهيونية منعت معظمها من الوصول. كما قالت وكالات الأممالمتحدة، إنّها تريد الوصول إلى ميناء أشدود الصهيوني على بعد حوالي 40 كيلومترا شمال غزة، ما سيسمح بشحن كميات أكبر من المساعدات ثم إرسالها مباشرة إلى شمال غزة، والتي قامت قوات الاحتلال بتسوية جزء كبير منها بالأرض في الأسابيع الأولى للحرب. وقف القتال ووصول المساعدات كما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن طول أمد الصراع في غزة "سيزيد مخاطر التصعيد وإساءة الحسابات"، مؤكدا أن لا شيء يمكنه تبرير العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني. كما دعا غوتيريش - خلال مؤتمر صحفي بنيويورك - إلى "وقف إنساني فوري" لإطلاق النار في الحرب المتواصلة على القطاع لأكثر من ثلاثة أشهر. وشدّد على أنّ "أعداد الضحايا المدنيين بغزة على مدار 100 يوم غير مسبوق في أي صراع منذ توليت منصبي، ومعظم الضحايا من النساء والأطفال". وقال "نحتاج إلى وقف إنساني فوري لإطلاق النار لضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين إليها وتيسير الإفراج عن الأسرى ولإخماد لهيب حرب أوسع نطاقا". كما عبّر عن قلقه من اتساع رقعة النزاع إلى لبنان أو أبعد منه، قائلا "لا يمكننا أن نرى في لبنان ما نراه في غزة، ولا يمكننا أن نسمح باستمرار ما يحدث في غزة". وتابع أن "شبح المجاعة يخيم على سكان غزة، مع مخاطر المرض وسوء التغذية والتهديدات الصحية الأخرى". برد قارس ولا تدفئة مع حلول فصل الشتاء، تضاعفت أوجاع النازحين تحت خيم القماش والبلاستيك التي نُصبت في العراء خاصة بمدينة رفح. ويكابد النازحون الأمرّين وخيمهم الهشة تصارع الرياح الشديدة وسيول الأمطار، كما أنّهم يعانون من البرد القارص مع فقدانهم لمصادر التدفئة وحتى للأغطية والملابس الثقيلة. وقالت وكالة الأممالمتحدة للمساعدات الإنسانية (أوتشا) في تقريرها، إن النقص يشمل "مليوناً و200 ألف بطانية ومرتبة، وما لا يقل عن 50 ألف خيمة عائلية معدَّة لفصل الشتاء و200 ألف قطعة ملابس شتوية، بالإضافة إلى قماش مشمع وأغطية بلاستيكية". وأكّد بيان مشترك لمنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية الدولي ومنظمة الأممالمتحدة للطفولة، أنّ هناك "حاجة ملحّة" في قطاع غزة "إلى تغيير جذري في تدفق المساعدات الإنسانية". ودعا إلى تأمين طرق إمداد "بشكل أكثر أمناً وأسرع"، محذّراً من أن مستوى المساعدات الحالي "أقل بكثير مما هي الحاجة لتجنّب مزيج قاتل من الجوع وسوء التغذية والمرض". شهادات مؤلمة في رفح، يقول نازح من شمال القطاع: "ليس لدينا طعام ولا ماء أو تدفئة، نحن نتجمّد حتى الموت"، كما تقول أمّ لستة أطفال نزحت من مخيم النصيرات في وسط قطاع إلى رفح: "في الليل أشعر أننا سنموت من البرد، جميعنا مرضى نعاني من الرشح والسعال". وتضع نازحة أخرى والتي تبعد خيمتها مئات الأمتار عن البحر، ثلاث أغطية بعضها فوق بعض لتجنب البرد، وتقول: "لا توجد وسيلة للتدفئة سوى النار، لكنّ سعر الحطب مرتفع ولا نملك نقوداً. نُشعل النار بالبلاستيك، نختنق من الرائحة". إلى جوارها، يجلس ابنها (14 عاماً) الذي يتولى توفير البلاستيك لإشعال النار. ويقول الفتى وهو يشير إلى يديه اللتين صُبغتا باللون الأسود: "أذهب إلى هناك بالقرب من برك الصرف الصحي عند الحدود، يوجد أسفلها بلاستيك تحت الرمل، أحفر يومياً وأقطع البلاستيك بالسكين". ويقول غير مكترث بالجروح التي تغطي يديه نتيجة هذا العمل: "يموت إخوتي من البرد في الليل وأنا أيضاً، يجب أن نُشعل أي شيء وإلا سنتجمّد".