الصحراء الغربية.. مدرسة التحرّر والانعتاق ثقافة البيضان لن تكون بيدقا بيد الصهاينة نظم المكتب الولائي للاتحاد العالمي لأدباء الحسانية بتندوف، ندوةً أدبية ضمّت أسماءً لامعة في سماء الأدب الحساني بالولاية، بحضور الأمين العام لوزارة الثقافة الصحراوية وعضو الاتحاد بالجمهورية الصحراوية، والعديد من الجمعيات الناشطة في الحقل الثقافي، إضافة إلى مشاركة رئيس الاتحاد العالمي لأدباء الحسّانية العميد الدوه ولد بنيوك، فكانت فرصة لتسليط الضوء على الأدب الحسّاني. أوضح رئيس الاتحاد العالمي لأدباء الحسانية الدوه ولد بنيوك أنّ الزيارة التي قادته إلى مخيّمات اللاجئين الصحراويين وبعدها إلى مدينة تندوف، تندرج في إطار التحضير والتشاور مع أعضاء فروع الاتحاد في كلّ من الجزائر والجمهورية الصحراوية، لوضع رزنامة ملائمة يتّفق عليها الجميع لتحديد تاريخ انطلاق تظاهرة "نواكشوط عاصمة الثقافة الحسّانية"، والتي ستنتشل هذا الموروث من براثين العولمة، وستُظهر للعالم مدى مصداقية أنّ هذه الثقافة هي ثقافة عالمية اعتمدتها منظمة اليونيسكو سنة 2010 كتراث عالمي، مؤكّداً بأنّ الكُرة الآن في مرمى الأدباء الحسّانيين الذي عقدوا العزم على إنجاح تظاهرة "نواكشوط عاصمة الثقافة الحسّانية" التي أصبحت تحدٍّ حقيقي بالنسبة لهم، ستُتتبع بعدها بطبعة أخرى تحتضنها الجزائر كعاصمة للثقافة الحسّانية. وأشاد ولد بنيوك بالسلطات الجزائرية التي تجاوبت مع فكرة إقامة تظاهرة عاصمة الثقافة الحسّانية، والتي تهدف – كما قال - إلى الاستفادة من مضامين الثقافة الحسّانية كثقافة سلم، اندماج، تعايش سلمي، محبة، إيثار وكثقافة ثورة. وقال ولد بنيوك إنّ "الثورة العارمة التي ستنطلق بعبارات حسّانية، ستقف حتماً في وجه المتغوّلين والامبرياليين، وفي وجه من يريدون من الثقافة الحسّانية ومن ثقافات المنطقة أن تصبح بيدقاً بِيَدِ الصهاينة، وهو ما لن يحدث أبداً". وشدّد على أنّ الأدباء الحسّانيين لن يُمكّنوا الأعداء من سيف تُقطع به رقابهم، بل سيكونون يداً واحدة وفي الواجهة لإخماد كلّ القنابل، وأنّ الزمن كفيل بنسيان الآثار الجانبية لتلك القنابل وتحمّلها، كما تحمّل الجزائريون قنابل "النبالم"، وكما تحمّل الصحراويون في المدن المحتلة تعسّف وبطش الاحتلال المغربي وتنكيله بالأطفال والشيوخ والنساء. وندّد ولد بنيوك بسياسات المخزن في المدن الصحراوية المحتلة، وما يتعرّض له الصحراويون من جرائم، مؤكّداً بأنّ منابر الاتحاد العالمي لأدباء الحسّانية ستظلّ صوتاً مُسخّراً لخدمة القضايا العادلة وأوّلها القضية الصحراوية، حتى تتم تصفية آخر استعمار في القارة الافريقية وإنصاف آخر البيضان المتشبّعين بقيم الفروسية والمجد والإباء، مشيداً بدور المرأة الصحراوية التي وصفها بالأيقونة الجامعة والمدرسة الثابتة لقيم التحرّر والانعتاق والمحبة والأمل، وتدفّق دماء العزّة والكرامة. وعرّج رئيس الاتحاد العالمي لأدباء الحسّانية للحديث عن ثقافة مجتمع البيضان، وعن سيمياء الزيّ الحسّاني قبل ظهور الدراعة الحالية التي سادت اليوم، وأصبحت رمزاً، وعلاقة بني حسّان في منطقة توات وتندوف وأزواد بنظرائهم في موريتانيا. الجمهورية العربية الصحراوية.. لُبّ الثقافة الحسّانية واعتبر المتحدّث أنّ الثقافة الحسّانية ذات الامتداد المتفرّع في غرب الصحراء الكبرى، تكاد تكون الوريثة الشرعية للّغة العربية، لأنّها - أيّ الحسّانية - اللّهجة الوحيدة التي لا تحتاج أبداً إلى قاموس لتفسير كلماتها، وإن صادف المتلقّي كلمة تحتاج إلى تفسير معمّق، فهي نِتاج الاحتكاك مع الثقافات الأخرى في مناطق التماس التي قد تتسرّب منها بعض الكلمات إلى اللّهجة الحسّانية، وهو تثاقف يراه ولد بنيوك أمراً محموداً. وقال المتحدّث إنّ الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية هي لُبّ الثقافة الحسّانية، فكلّ البلدان الناطقة بالحسّانية نجد فيها تنوّعاً ثقافياً، باستثناء الجمهورية الصحراوية التي تعتبر الثقافة الحسّانية هي الثقافة الأولى والعملة الوحيدة والسلعة الثقافية الشعبية الوحيدة. واستطرد قائلاً: إنّ الحسّانية لها ما يميّزها عن باقي اللّهجات وهو "التكراح"، أيّ وجود عدّة شروح لكلمة واحدة تُفسّر حسب موضعها في الجملة والسياق الذي قيلت فيه، إلى جانب غِناها من حيث المحتوى وتضمين شِعرها بآيات من القرآن الكريم. وضرب المتحدّث في سياق كلامه عدّة أمثلة عن تضمين اللّغة العربية في الشعر الحسّاني، لاحتواء الثقافة الحسّانية لأمّها العربية "فليس غريباً على الحسّانية أن تكون بنتاً بارّة بأمّها". ونوّه رئيس الاتحاد العالمي لأدباء الحسّانية إلى تحميل الشعر الحسّاني أفكاره للّغة العربية، وكأنّها تستأجر رحم العربية لنظم الشعر الحسّاني على حدّ وصفه، مشيراً إلى أنّ ما يميّز النظميات والسرديات عن الشعر "هو تلك الشاعرية والصور وعُرامة الألفاظ المتتالية المشكّلة لنص، إذا ما قرأناه ظاهرياً، نُحسّ بأنّنا نتعاطى مع إبداع بشري غير طبيعي، وهو ما يجعل الشخص يميّز من الوهلة الأولى بين المشية العادية والرقص على الايقاع، وما بين صدى الأرواح وصدى اللّسان، فاللّسان يُصدر لغةً، والروح تُصدر شعراً".