الأدوية الجنيسة..تجربة ناجحة لتلبية حاجيات سوق الدواء نجحت الجزائر، بعد سلسلة الامتحانات الصعبة التي تعرضت لها منظومتها الصحية، في استقصاء التجارب والخبرات من أجل دعم وتحصين سوق الدواء المحلية من خطر الندرة، خاصة ما تعلق بالأدوية الحساسة التي لا غنى عنها لضمان حياة ذوي الأمراض المزمنة كداء السكري والسرطان. حيث أدركت أن الحل يكمن في التوجه نحو التصنيع والإنتاج المحلي، من خلال إستراتيجية وطنية شجعت الشراكة الأجنبية وجندت القطاعين العام والخاص، وأتت ثمارها بإحصاء أكثر من 200 مؤسسة ناشطة في المجال الصيدلاني، وإنتاج 2.889 دواء مصنع محليا، وتحقيق انتقال تجاري من الاستيراد إلى التصدير، حيث صدرت الجزائر مؤخرا 140 ألف وحدة أنسولين إلى الجارة ليبيا، إضافة إلى إبرام عقود اقتصادية مع 15 دولة افريقية وعربية مهتمة بالأدوية الجزائرية. ما يضع الإنتاج الصيدلاني في بلادنا على المسار القويم الذي سطره رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، وسعيه إلى خفض فاتورة استيراد الأدوية من 2.9 مليار دولار/سنويا إلى أقل من مليار دولار/ سنويا. يري الخبير الاقتصادي، عبد القادر سليماني، أن الإنتاج الصيدلاني وسوق الأدوية بالجزائر شهدا حركية متسارعة في السنتين الأخيرتين، تسعى الجزائر من خلالها إلى تحقيق اكتفائها الذاتي من الأدوية في مرحلة أولى، تليها، مرحلة ثانية متعلقة بمحاولة تسويق الدواء الجزائري نحو أسواق جديدة بالدول العربية والإفريقية، خاصة وأن هذه الأخيرة أبدت اهتماما كبيرا بالمنتج الجزائري. ويرى سليماني أن سياسة توطين صناعة الأدوية في الجزائر، إستراتيجية وطنية داعمة للاقتصاد الوطني وذلك بمساهمتها في تقليص فاتورة استيراد الأدوية إلى أقل من مليار دولار سنويا، بعد أن سجلت أرقاما قياسية تراوحت بين 2.5 إلى 2.9 مليار دولار/سنويا.
توجه نحو التصنيع.. ومخابر عالمية مهتمة وفي ظل سياسة دعم وتحفيز الاستثمار التي انتهجها الدولة دون إقصاء لأي قطاع أو مجال، كان لصناعة الأدوية حظها من التشجيع والاهتمام، يقول سليماني، حيث تحصي الجزائر حاليا ما يزيد عن 200 مؤسسة وطنية تنشط في مجال الصناعات الصيدلانية، إضافة إلى كبرى الشركات والمخابر العالمية التي اغتنمت فرصة التحفيزات الجبائية والتسهيلات التي جاء بها قانون الاستثمار الجديد لفائدة المستثمرين الأجانب، حيث لاحظنا في هذا الإطار - يواصل سليماني - توافدا قويا للشركات العالمية من أجل الاستثمار بسوق الدواء الجزائرية، بنسب إدماج عالية، سمحت بانتعاش هذا النوع من الصناعات الذي أثبتت الجزائر قدرتها على خوض غماره، ورفع تحدياته، خاصة فيما يتعلق بإنتاج احتياجاتها من الأدوية الضرورية ذات الطلب الواسع من قبل فئة كبيرة من المرضى، على غرار مرضى السكري والسرطان، حيث ستنتهي معاناة أكثر من 2.5 مليون مريض بداء السكري، يستهلكون فاتورة استيراد بقيمة 400 مليون دولار، بعد شروع الجزائر خلال السداسي الأول من سنة 2024 في صناعة المادة الأولية لصناعة الأنسولين، عن طريق شراكة بين مجمع "صيدال" ومجمع صيني. من جهة أخرى، ستشرع الجزائر في 6 مشاريع لإنتاج أدوية السرطان. وتطرق سليماني إلى تجربة الجزائر في مجال صناعة الأدوية الجنيسة، ووصفها بأنها "ناجحة"، بعد الدعم الذي تحصلت عليه من قبل السلطات العمومية، من أجل إعادة بعث المؤسسات العمومية التي موّنت سوق الدواء الجزائرية لعقود من الزمن على غرار عملاق الأدوية الجزائرية "صيدال" بولاية المدية، الذي سيبدأ في إنتاج المادة الأولية للمضادات الحيوية، إضافة إلى صناعة المادة الأولية للأدوية المضادة للسرطان نهاية 2024. وهي إنجازات – يؤكد سليماني - تحتسب لصالح الخزينة العمومية لما ستوفره من أغلفة مالية كانت تخصص لاستيراد هذه الأدوية الحيوية التي تتوقف عليها حياة الآلاف من المرضى، إلا أنها لن تحجب القيمة المضافة التي سجلها القطاع الخاص في مجال إنتاج المواد الصيدلانية وشبه الصيدلانية، بما فيها المؤسسات الناشئة. حيث يتوقع الخبير أن يحذو مجال الصناعات الصيدلانية، حذو العديد من القطاعات التي انتقلت من تبعية الاستيراد إلى تحدي التصدير، كمجالي الطاقة والمعادن والصناعات الغذائية. مستبشرا بالخطى التي تخطوها الجزائر في إطار التوجه إلى نموذج اقتصادي جديد، يعمل على تصنيع المواد الأولية التي تستعمل كمدخلات لإنتاج بعض الأدوية. 2889 دواء مصنع محليا واسترسالا لحديثه عن الإستراتيجية الوطنية للإنتاج الصيدلاني، يقول سليماني إن الجزائر تحصي ضمن حافظة مؤسساتها المنتجة للأدوية ما يزيد عن 200 مؤسسة متخصصة في الإنتاج الصيدلاني، 130 مؤسسة منها متخصصة في إنتاج الأدوية وتغطي ثلثي حجم الاحتياجات الوطنية من الأدوية، حيث تم في هذا الصدد تسجيل ارتفاع في عدد الأدوية المصنعة بالجزائر ناهز 2889 دواء مصنع محليا من أصل 3641 دواء مسجل في المدونة الوطنية، وبحسب المتحدث، فإن الإستراتيجية الجديدة لوزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني، تعتمد على ثلاثة محاور كبرى تلخصت في مواصلة ترقية الاستثمار والإنتاج الصيدلاني الوطني، بالموازاة مع تعزيز تغطية الحاجيات الوطنية من المواد الصيدلانية والمستلزمات الطبية الأساسية، إضافة إلى وضع خطة عمل لتصدير المواد الصيدلانية والمستلزمات الطبية. واستطرد سليماني قائلا إن المحاور وخطة العمل المتبناة من طرف القطاع الوزاري المسؤول عن الإنتاج الصيدلاني، ليست سوى نموذج مصغر ومستنبط من الإستراتيجية الاقتصادية الوطنية المسطرة من طرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، من أجل خلق نسيج اقتصادي صيدلاني يسمح بتقليص فاتورة واردات الجزائر من الأدوية إلى أقل من مليار دولار/سنويا، وفتح مجال تصنيع بعض الأدوية الحساسة، مثل الأدوية الخاصة بأمراض السرطان وإنتاج الأنسولين الذي شكل تصنيعه محليا ارتياحا كبيرا واطمئنانا من عدم ندرته مستقبلا، لدى فئة مرضى السكري. تجارب ناجحة لصالح المنظومة الصحية الأدوية الجنيسة.. إنتاج الأنسولين، وتصنيع المواد الأولية التي تدخل في صناعة بعض الأدوية الحساسة، حصيلة ثمّنها الخبير الاقتصادي، مؤكدا أنها تضاف إلى جملة المجهودات والانجازات التي سجلتها المنظومة الصحية الجزائرية خلال جائحة كورونا، أين حرصت الجزائر على توفير حاجياتها الصحية بما فيها الأدوية، من خلال الجهود التي تبذلها وزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني بالتنسيق مع المتعاملين الاقتصاديين عموميين وخواص، من أجل ضبط سوق الدواء، ورفع الطاقة الإنتاجية لضمان السيادة الصحية، بالمقابل ستمكن رقمنة القطاع الصيدلاني، من التحكم في سوق الصناعة الصيدلانية وتنظيمها، من خلال إحصاء دقيق لما هو مصنع محليا وما هو مستورد. أما بالنسبة لما هو مصدر، فقد ثمّن سليماني التجربة الجزائرية في مجال تصدير الأدوية نحو العديد من الدول الإفريقية بما فيها دول الجوار، مالي والسنغال، تونس وليبا، إضافة إلى كوت ديفوار، ليصل عدد الدول التي ستوجه نحوها الأدوية المصنعة محليا، وفق عقود واتفاقيات اقتصادية هامة، إلى 15 دولة. كما صدرت الجزائر 140 ألف وحدة دواء لداء السكري إلى الجارة ليبيا.