تتواصل بالجزائر العاصمة، فعاليات المهرجان الثقافي الوطني لأغنية الشعبي في طبعته ال 13 والمنظم تحت إشراف وزارة الثقافة والفنون حيث يعرف هذه السنة مشاركة 17 صوتا واعدا قدموا من 12 ولاية. كان قد تم بقصر الثقافة مفدي زكرياء، الإعلان عن الافتتاح الرسمي للطبعة ال 13 للمهرجان من قبل اسماعيل إنزارن مدير تنظيم وتوزيع الإنتاج الثقافي والفني بوزارة الثقافة والفنون وممثلا لوزيرة القطاع صورية مولوجي التي أكدت في رسالتها المقروءة أن هذا المهرجان يأتي "لتعميق صلات التواصل بين حاضرنا الجديد وتاريخنا المجيد" وأن هذا الموعد الفني قد أصبح "عادة حميدة تحمل كثيرا من اللحظات الفنية الراقية (..) التي لا يمكن فصلها عن ذاكرة جماعية مفعمة بكم هائل من الموروث الشعبي الجزائري في أجمل صوره الفنية". وأضافت بأن إحياء فعاليات المهرجان هو "إحياء للفن الأصيل المعروف بتميز لونه وعذوبة وزنه وأصالة مضمونه، الذي يستمده من تراثنا الثقافي العريق الذي صمد رغم كل المساعي التي حيكت إبان الاستعمار الفرنسي لطمس هويتنا، حين كان هذا الفن أحد الوسائل التي دافع بها وعنها الشعب الجزائري تحقيقا لوجوده وإثباتا لهويته". واعتبرت في ذات السياق "أن الحديث عن أغنية الشعبي يتجاوز في حقيقته التكلم عن نص من ألفاظ وموسيقى، أو عن موروث شعبي وحسب، لما تحمله من أبعاد عميقة تتعلق بذاكرة أمة وجيل وديوان لمرحلة حاسمة وتأريخ لهوية أجيال، فجزائرنا تفخر وتزخر ثقافيا بتنوع هائل في شتى المجالات والمضامين المتصلة بالثقافة والفنون والموروث الشعبي، إذ يُعد هذا المكون الثقافي ركنا أساسيا في هويتنا الجزائرية". كما أشارت السيدة الوزيرة في كلمتها إلى أن أغنية الشعبي تحديدا هي "أحد أهم الطبوع الفنية الجزائرية التي اكتسبت خصوصية جعلت من ألحانها وموسيقاها تنتشر في كل أرجاء العالم لتعبر عن هموم وطموحات الجزائري الحر بقوة الكلمات التي تضمنتها قصائد الشعر الملحون التي نظمها شيوخ كبار منذ القرن السادس عشر على رأسهم أمير شعراء الملحون سيدي لخضر بن خلوف وغيره من الشيوخ الذين تعاقبوا على الساحة الأدبية الشعبية ..". ومن جهته، ركز محافظ المهرجان، عبد القادر بن دعماش، في كلمته على الدور الذي يلعبه المهرجان في التكوين حيث أصبح بمثابة "معهد للتكوين عمل منذ تأسيسه على إبراز وتثمين هذا النوع من الغناء الجزائري بهدف الحفاظ عليه كموروث وترسيخ استمراريته عند جيل الشباب من خلال المسابقات وهو ما ركزنا عليه في الط 13 من خلال مرافقتهم وتوجيههم لترقية الثقافة الجزائرية والاعتراف بجميل الشخصيات الفنية التي سبقتهم في هذا الميدان". وتميزت سهرة الإفتتاح بالتنوع والإبداع بحضور جمهور من محبي أغنية الشعبي، الذين استمتعوا بقصائد تعكس ثراء ريبرتوار أغنية الشعبي في الجزائر، وقد رافقت هذه السهرة فرقة موسيقية محترفة بقيادة الهادي العنقى التي قدمت في البداية وصلة شرفية لأغنية الكاردينال الحاج محمد العنقى "الحمد لله ما بقى الاستعمار في بلادنا" تبعها مباشرة دخول قوي للمطرب عبد الغني عزوز أحد المتوجين في الطبعة 9 الذي اختار تقديم أغنية بعنوان "غزة" للتعبير عن مساندة الجزائر لفلسطين ودعمها المستمر للشعب الفلسطيني وقد تجاوب الحضور مع الأغنية وعبروا بدورهم عن دعمهم ومساندتهم. واستهلت المنافسة مع المترشح الأول نبيل عشو من ولاية غرداية الذي أدى أغنية "ربي يقوي يمدا" بالامازيغية (الميزابية)، أما زميله بولحليب زياد من ولاية المدية فقدم أغنية "راني ملسوع بالهوى" للشاعر محبوب سطمبولي في طبع رمل الماية وانتهى بمخيلص في طبع الزيدان. وفي الفقرة الثانية تداول على الخشبة المتنافسون علواش أزواو من ولاية تيزي وزو الذي أدى أغنية بعنوان "أيمايعزيزن"، بينما تميزت صابرية بوعجاج من ولاية مستغانم بأدائها لقصيدة سيدي لخضر بن خلوف "يا حاج دير مزية"، تبعتها قراءة شعرية بالعامية الجزائرية ألقاها الشاعر ياسين أوعابد بصفته واحد من الذين يكتبون للأصوات الشعبية الجزائرية، لتختتم السهرة بجلسة شعبية محترفة وراقية مع الفنان مهدي طماش الذي أمتع الحضور بصوته واتقانه لفنون الأداء بدءا باستخبار "قلبي معدوم من هواك" ثم "آ ضيف الله رد الجواب أصغى ليا" من نظم الشيخ الجيلالي امتيرد. ورفعت هذه الطبعة الى روح الفقيد الشيخ منور (1913 -1971) إلى جانب تكريم كل من الفنانين عبد الرحمن قبي وكمال بورديب. وتضم لجنة التحكيم كل من بوعافية مصطفى رئيسا وعضوية كل من ياسين شهلال، سيد علي دريس، عبد القادر رزق الله وناصر مقداد.