يتجاوز مشروع إعادة تأهيل السدّ الأخضر ومكافحة التصحّر، في عمقه ومساره الأبعاد البيئية، ويتعداها إلى الجدوى الاقتصادية والاجتماعية، بأثره الإيجابي على التنمية المستدامة، وخلق الثروة والتمكين من فرص الشغل، من خلال الحرص على الاستثمار في منتوجها عبر الصناعات التحويلية المختلفة، ما يحسّن المستوى المعيشي لسكان هذه المناطق. تحتل ولاية تبسة المرتبة الثالثة وطنيا من حيث المساحة الخاصة بإعادة مشروع السدّ الأخضر والمقدرة ب " 407.138 " هكتار عبر تسع 9 بلديات معنية بهذا المشروع، فالمساحة المعنية بإعادة التأهيل تمثل أكثر من 30 بالمائة من المساحة الإجمالية للولاية وحوالي 11 بالمائة من مساحة السدّ الإجمالية. خصّص للمشروع مبلغ 800 مليار سنتيم على مدار السبع سنوات القادمة 2023- 2030، منها مبلغ 117 مليار سنتيم خصّصت لأشغال عام 2023، لما له السدّ الأخضر- من أهمية اقتصادية كبيرة والمتمثلة في تحريك عجلة التنمية المحلية عن طريق الأشغال المصاحبة للمشروع كفتح المسالك الريفية والغابية، مع حفر الآبار، وغراسة الأشجار المثمرة، الأمر الذي يساعد على تحسين المستوى المعيشي للسكان ويخلق مناصب شغل جديدة. تكتسي إعادة تأهيل السدّ الأخضر طابعا اقتصاديا واجتماعيا بحكم العناصر التي يتضمّنها هذا التأهيل؛ إذ يعطي امتدادا أخضر بين بوابة الصحراء وبين مناطق الهضاب والمناطق التلية ممّا يؤدّي إلى ديمومة الإخضرار ومنع التصحّر ويضمن الاستقرار المناخي وتساقط الأمطار، وهذه الميزة الإضافية بالنسبة للمناطق التي استفادت من السدّ الأخضر لاسيما منطقة تبسة بحدود الصحراء المرتبطة، سواء بصحراء خنشلة أو بصحراء واد سوف وكذا الجزء المرتبط بالشقيقة تونس. وفي هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي وأستاذ جامعي بجامعة الشيخ العربي التبسي بولاية تبسة، الدكتور أحمد طرطار، أنّ امتدادات هذا الشريط الأخضر تمكّنها من جلب الأمطار وخلق نوع من الرطوبة التي تحدث تأثيرات على المخزونات المائية وقاعدة الموارد الطبيعية، ما يساهم في بعث الزراعات المختلفة الموسمية على مدار السنة وتساعد الفلاحين على المحافظة أكثر على الفلاحة بالمنطقة وتعزيز الإنتاج، فتوفير هذا المناخ يعطي دافعية للفعل الفلاحي ويعطي أيضا دافعية للسياحة، ما يؤدّي باستقطاب السكان إلى مثل هذه المناطق وتوفير ملاذ إيجابي أثناء العطل والمناسبات بالنسبة لكثير من العائلات. وعمليا يضيف ذات المتحدّث أنّ هذا الشريط الأخضر سيتحوّل إلى غابات تستقطب السياح للترويج للسياحة الداخلية، من خلال بعث نشاطات كالمتنزهات وفضاءات الترفيه العائلية والمطاعم والفنادق وبعث المنتجعات الرياضية وغيرها. تفعيل اقتصاد العائلة يسعى قطاع الغابات لاستغلال الثروات الغابية وفق الأطر القانونية المنظمة، حيث لاقت تجربة استغلال النباتات العطرية والطبية نجاحا كبيرا خاصة تلك المتعلّقة بالحلفاء والشيح والصنوبر الحلبي وإكليل الجبل والتي تتوفر عليها الولاية بكميات كبيرة؛ إذ تعتبر الغابة ثروة قابلة للاستغلال، المقنّن والمنظّم والمؤطّر. تنتج غابات الولاية سنويا حوالي 1325 طن من مادة الحلفاء وبالنسبة لبذور الصنوبر الحلبي تم إنتاج 700 قنطار منه بالإضافة إلى 3 آلاف ستار في السنة من الحطب، وهو الإنتاج الذي يتعزّز به مشروع السدّ الأخضر الذي سيتوفر على مختلف أنواع النباتات. من جهة أخرى، تفعيل جانب الاقتصاد العائلي بتزويد العائلات بصناديق النحل ورؤوس الماشية فضلا عن الحفاظ على المراعي المتدهورة وإعادة تأهيلها، لزيادة الإمدادات العلفية واستعادة إنتاجية الأرض وتحسينها. وتجسيدا لمختلف البرامج التنموية التي أقرّتها الدولة عبر تنفيذ عمليات فكّ العزلة عن المناطق الريفية والنقاط الغابية والرعوية والمستثمرات الفلاحية، على مستوى التسع بلديات المعنية بالسدّ الأخضر، وذلك بفتح وتهيئة المسالك، وتزويد الأسر بوحدات الطاقة الشمسية، وإنجاز السواقي والبرك المائية الموجّهة للسقي الرعوي، وإنجاز وتجهيز نقاط المياه، وغراسة مصدات الرياح، وحفر الآبار العميقة، علاوة على تدعيم الفلاحين بالغراسة المثمرة المقاومة، والعمل جار بفعّالية في إنجاز مشروع حماية وتوسيع السدّ الأخضر بأبعاده البيئية، الاجتماعية والاقتصادية.