أكّدت الباحثة والأستاذة الجامعية بمعهد الآداب لجامعة مولود معمري بتيزي وزو، سلوى طبركان في حديث ل «الشعب»، أنّ أكبر عائق يواجهه الباحثون في ميدان جمع التراث والموروث الشعبي الجزائري هو اختلاف الروايات حتى داخل المنطقة الواحدة، مع وجود صعوبة كبيرة في تحديد المنبع الأصلي لمختلف الحكايات الشعبية والألغاز التي صنعت مراحل طويلة من تاريخ هذا الإرث. دعت الباحثة المتخصصة في مجال التراث الشعبي كافة الباحثين المشتغلين على هذا الجانب إلى ضرورة توحيد المفاهيم الخاصة بهذا العالم الثقافي ومحاولة إنشاء مدونة عامة لمختلف أنواع التراث كالشعر الملحون، الحكايات الشعبية والأساطير، الألغاز وغيرها من التعابير الاخرى التي رسمت المجتمع الجزائري على مر التاريخ وباختلاف طفيف من حيث طريقة السرد والإلقاء، أسماء الشخصيات الرئيسية في الحكايات الشعبية من منطقة إلى اخرى عبر الوطن، لكنها تجتمع في النهاية لتشكل موروث شعبي جزائري زاخر من حيث التنوع في النماذج وغزارة المنتوج، الذي يظل اغلبه خارج المدونة الحالية وآخر مهدد بالزوال نتيجة غياب الحفظ وخطر العولمة التي قد تأتي على الثقافة المحلية لشعوب دول الجنوب، على حد قولها. ولدى تقييمها لواقع الموروث الشعبي الجزائري وطبيعة الاعمال المقدمة في هذا الشأن على قلتها، عبّرت الباحثة سلوى طبركان بالقول: «مهما اجتهدنا للحفاظ على تراثنا الشعبي إلاّ أنّ الجزء الأكبر منه يبقى بعيد اعن الجمع والتدوين، فكل جدة تتوفى تزول معها مكتبة وذاكرة مشحونة بكل فنون التراث، وبالتالي مع فقدان الشواهد والرواة من الصعب إعداد بطاقة فنية شاملة وموضوعية عن الموروث الشعبي الجزائري». ودعت الأستاذة عبر «الشعب» كل الباحثين والهيئات الوطنية من دور ثقافة، المعاهد المتخصصة والجامعات إلى بذل مزيد من الجهود لإنقاذ التراث الشعبي ونقله للأجيال القادمة. عدم الإفصاح والتعاطي السلبي مع الباحث بؤرة سوداء وفي سؤال عن أهم العقبات التي يواجهها الباحث في محاولة الاشتغال على الموضوع وتقديم دراسات ميدانية عن التراث الشعبي، وضعت الباحثة مشكلة عزوف الرواة عن الافصاح والتعاطي الايجابي مع الباحثين أهم عائق يواجهه الاساتذة في بداية الطريق، كما تشكّل أيضا العادات والتقاليد المحافظة في بعض المناطق وبالخصوص منطقة القبائل التي اشتغل فيها تقول الباحثة إشكالية أخرى، حيث يحول الحياء والعرف أحيانا دون تقدم في البحث والنقاش بين الراوي والباحث، خاصة في بعض الأعمال من قصائد وحكايات شعبية التي تتناول بعض الخصوصيات العاطفية والاجتماعية التي سادت المنطقة، وهو ما تسبّب في ضياع جزء كبير من تراث منطقة القبائل. قالت سلوى طبركان ل «الشعب»: «رغم ذلك فإنّنا نحاول تجاوز هذه العقبات، عن طريق خلق علاقات تفاهم مفعمة بالثقة المتبادلة بين الجانبين، لجعل الراوي في حالة نفسية مريحة تمكنه من التعاون وتقديم مزيد من الشهادات والأعمال الشفهية التي يحتفظ بها لنفسه». في الأخير، دعت الأستاذة الجامعية سلوى طبركان إلى أهمية خلق إطار منظّم على شكل هيأة أكاديمية ثقافية تعنى بالتراث الشعبي الوطني، بهدف تنسيق الجهود وتشجيع الباحثين ماديا ومعنويا لمواصلة مجهوداتهم في هذا الاتجاه حتى لا تبقى فردية، وأخرى انسحبت نتيجة صعوبة العمل، مثلما قالت. للإشارة، الباحثة شاركت في الملتقى الوطني الثاني للموروث الشعبي الجزائري بولاية بومرداس بمداخلة تحت عنوان» خصوصيات الحلقة اللغزية في منطقة القبائل الكبرى، دراسة ميدانية لعينات من منطقة واضية وعزازقة».