تقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن التنبؤات المتشائمة التي تتحدث عن انخفاض إنتاج الغذاء في إفريقيا وآسيا خلال عقد من الزمان بسبب التغيرات المناخية وانخفاض الاستثمار، قد تتخذ مساراً معاكساً بقليل من المساعدة من العلوم النووية. وتقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) بالمساهمة في إنتاج أصناف من المحاصيل التي تنمو بقوة في البيئة، التي تعاني من آثار التغيرات المناخية باستخدام أنواع من الأشعة. إشعاع مثمر ويقول ''تشيكيلو إمبا''، رئيس وحدة تربية النبات في مختبر الزراعة والتقنيات الحيوية التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن الموضوع ليس أكثر من تعريض بذور المحاصيل الرئيسية للإشعاع لإحداث التغيرات المرغوبة، وجعلها أكثر مقاومة للجفاف ولأمراض معينة أو لإعطائها القدرة على النمو في التربة المالحة. ويمكن القيام بالاستنبات بطريقة أخرى، فقد يجد العامل في هذا المجال الذي يبحث عن ميزة مقاومة الحشرات، على سبيل المثال، هذه الصفة في صنف بري منخفض الجودة والإنتاج، فيتم جمع صفات هذا النبات بآخر يتسم بالجودة والإنتاج الوفير، ويتم بعدها اختيار أي نتاج يحمل السمات المطلوبة وتكثيره. وأضاف ''إمبا'' أن دول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى التي تعاني من أنظمة زراعية أكثر ضعفاً، ستستفيد بالقدر الأكبر من تبني التغيرات (الطفرات) المستحثة بالإشعاع لتحسين محاصيلها، فلا يوجد، ما يمنع استخدام هذه التقنية في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بعد أن تم تطبيقها في آسيا وأوروبا. مخططات النبات وتملك جميع الأنواع الأحيائية مخططاً يدعى »جينوم«، وهو الذي يحدد مجموعة متنوعة من الصفات الموجودة والمحتملة في الكائن الحي. فعلى سبيل المثال، تحدد هذه المخططات طول النبات وإنتاجه وقابليته للإصابة بالآفات الزراعية أو مقاومته لها وما إلى ذلك من الصفات. والتعرض للإشعاع يحدث تغيرات طفيفة في مخطط البناء الأساسي للنبتة، فينتج صنفاً جديداً مختلفاً عن النبتة الأم، ويتم ذلك من خلال مولدات الطفرة كأشعة غاما مثلا لتسريع التغيرات الطبيعية. كما أن الطفرات المستحثة توفر حلاً للمختنقات الوراثية خلال عملية الاستنبات، إذ تكون الأصناف الهجينة الناتجة عن خلط السلالات بالجودة ذاتها التي تتمتع بها النبتة الأم. وعلى الرغم من كل هذه المزايا التي يوفرها الاستنبات بالإشعاع، فإنه يواجه الكثير من المعارضة الناجمة عن القلق العام من كلمات مثل »الإشعاع« و»الطفرة«. ويقول رئيس قسم الاستنبات وعلم الوراثة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ''بيير لاغودا'': »أتفهم أن الريب ينتاب الناس حيال هذه التقنيات، ولكن في هذه الحالة لا بد من فهم أنه في الاستنبات، نحن لا ننتج أي شيء لا يمكن للطبيعة أن تنتجه بمفردها، كما لا تبقى أي مخلفات إشعاعية في النبتة بعد إحداث الطفرة«. وقال ''إمبا'' إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدأت العمل على الاستنبات بالإشعاع منذ 44 عاماً، وفي منتصف التسعينيات استطاعت الوكالة وغيرها من الوكالات العاملة في المضمار نفسه كمعهد كو لونغ دلتا رايس للأبحاث إحداث إنجازات مهمة في تحسين المنتجات الغذائية، كما حصل مع الأرز الفيتنامي. ويتعاون علماء الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع العاملين في الاستنبات في العديد من الدول الإفريقية باستخدام التقنيات النووية من أجل تحسين النبات وتعزيز محتواه الغذائي، ووفرة إنتاجه ومقاومته للآفات الزراعية.