/ قدم رئيس مجلس الدولة لي كتشيانغ رؤيته للعلاقات الصينية الجزائرية وتطورتها وآفاقها المستقبلية في محيط جيواستراتيجي مضطرب يفرض تحديات.وذكر كتشيانغ بهذا الطرح في مقابلة صحفية مع وسائل إعلام إفريقية بمناسبة زيارته إلى عدة بلدان للقارة السمراء. كيف، ومتى ولماذا تنقلها " الشعب" ضمن هذه الورقة عن أبعاد جولة الرسمية التي تشمل إثيوبيا ومقر الاتحاد الإفريقي ونيجيريا وأنجولا وكينيا ذكر المسؤول الصيني أنه زار مصر عام 2009، غير أنه لم يشاهد الصورة الكاملة لقارة إفريقيا التي قالت بعض الكتب عنها إنها تشمل المناطق العربية شمالاً وما يسمى ب«إفريقيا السوداء" جنوب صحراء، وهي قارة تعرف بشاسعتها وخصوبتها وجاذبيتها وتفتخر بالحضارة العريقة والباهرة، وتحتضن أكثر من 1500 قبيلة تستخدم أكثر من 2000 لغة، فتعتبر منبعاً للحضارة البشرية. وتعمل الدول الإفريقية منذ مطلع هذا القرن على إحياء روح عموم إفريقيا وتتقدم في طريق التكامل الإفريقي بخطوات متسارعة، وتتصدر كمجموعة الدول الأخرى من حيث معدل النمو الاقتصادي في العشر سنين الماضية، وحققت إنجازات مرموقة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتتمتع اليوم بالحيوية والنشاط الكبيرين في التنمية والنماء الأمر الذي يثير كل الإعجاب والتقدير من غيرها. ويمكن القول إن إفريقيا قد أصبحت قوة مهمة في عملية تعددية الأقطاب وسوقاً ناشئة مهمة تعزز الانتعاش والتكامل الاقتصاديين في العالم ومثالاً بارزاً على مستوى العالم يحتفظ بكنز التنوع الحضاري. صمود في وجه الاضطرابات عن سر صمود العلاقات الصينية الإفريقية وتطورها المستمر أمام تقلبات الأوضاع التي طرأت في الساحة الدولية منذ أكثر من نصف قرن، أجاب المسؤول الصيني: «إن العلاقات الصينية الإفريقية تضرب جذورها في أعماق التاريخ، وإن الصداقة الصينية الإفريقية ظلت صامدة أمام اختبارات الزمان، وتجسدت منذ الخمسينيات والستينيات في القرن الماضي حينما وقفت الصين والدول الإفريقية جنباً إلى جنب في ظل المعاناة المشتركة ". وذكر لي كتشيانغ المثل الصيني القائل إن "الحصول على ألف من النقود الذهبية سهل والعثور على صديق صعب"." لن ينسى الشعب الصيني أن الأفارقة هم الذين حملونا إلى أروقة الأممالمتحدة، كما نفتخر دائماً بجهودنا في بناء السكك الحديدية فيما بين زامبيا وتنزانيا بلا مقابل. ومن بين المساعدات الدولية التي قُدمت إلى المواطنين المنكوبين في محافظة ونتشوان بمقاطعة سيتشوان الصينية بعد تعرضها للزلزال المدمر في عام 2008، كان للمساعدات من إفريقيا معنى خاصا، وفي الأممالمتحدة وغيرها من المحافل الدولية المتعددة الأطراف، إن الصين هي الدولة الأكثر عزماً على إيصال صوتها للدفاع عن الحقوق والمصالح المشروعة للدول الإفريقية والدول النامية الغفيرة. وإن الشعوب الإفريقية إخوان وأصدقاء وشركاء في قلوب الشعب الصيني نتعاون معهم بكل صدق وإخلاص. وقد تجاوزت العلاقات الصينية الإفريقية بكثير القيود الجغرافية والتباين الثقافي والاختلافات المؤسستية وتعتبر نموذجاً ناجحاً لتعاون الجنوب - الجنوب". قيم ومبادئ لا تتغيّر عن جولته هذه في إفريقيا وهي الأولى من نوعها بعد توليه منصب رئيس مجلس الدولة الصيني، رد رئيس مجلس الدولة لي كتشيانغ أنها رحلة للتناقل والتعاون والتضامن قائلا:« أنني سأسير مرة أخرى على طريق الصداقة الذي فتحه الجيل السابق من القيادات الصينية والإفريقية وألمس بنفسي التضامن والتآزر والمشاعر العميقة فيما بين الشعب الصيني والشعوب الإفريقية". وواصل كلامه:« زرت مقر الاتحاد الإفريقي خلال هذه الجولة وألقيت فيه كلمة حول الأفكار والرؤى في تطوير العلاقات والتعاون بين الصين وإفريقيا في المرحلة الجديدة، كما سأقوم بتبادل وجهات النظر بشكل معمق مع القيادات للدول الأربع التي سأزورها حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية، بالإضافة إلى التواصل بشكل واسع مع الشخصيات من مختلف الأوساط في هذه الدول، وحضور مؤتمر قمة إفريقيا لمنتدى الاقتصاد العالمي وإلقاء فيها كلمة، وتبادل الآراء مع القيادات الإفريقية المشاركة في المؤتمر حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون الثنائي، كما سأزور الجاليات الصينية والعاملين في الشركات والمؤسسات الصينية المتواجدين هناك". هناك مثل إفريقي يقول: "من يمشي بمفرده يمشي سريعاً، ومن يمشي مع الآخرين يمشي بعيداً. إن الصداقة والمشاعر العميقة التي ظلت صامدة أمام اختبارات الزمان وما يبني عليها من التعاون الشامل المتميز بين الصين وإفريقيا يستحقان كل الحرص." وحول الخيارات المفتوحة أمام الجانب الصيني لتعزيز هذا التعاون الإفريقي مستقبلا قال المسؤول الصيني في هذا المقام:« تعتبر الصين أكبر دولة نامية في العالم، وتعد إفريقيا أكثر قارة كثافة من حيث عدد الدول النامية، وكلنا نواجه مهمة ملحة لتنمية الاقتصاد وتحقيق الحداثة. وبعد الدخول إلى القرن الجديد، نجحنا في التمسك بالفرصة التاريخية التي توفرت من خلال تطور العولمة وحرصنا على التضامن والتآزر والتعاون لتحقيق الكسب المشترك، الأمر الذي أدخل العلاقات الصينية الإفريقية إلى "مرحلة ذهبية" استفدنا منها كلنا استفادة كثيرة. وفي الوقت الراهن، تمر الصين بمرحلة حاسمة لتعزيز الإصلاح على نحو شامل والإسراع بتغيير نمط النمو الاقتصادي، بينما تطلق قارة إفريقيا مسيرة جديدة لتعزيز التنمية والنهضة من خلال الوحدة، مما يوفر فرصاً جديدة تمكن التعاون الصيني الإفريقي من التقدم بخطوات كبيرة. فسأعمل من خلال هذه الزيارة مع قيادات الدول الإفريقية ومؤسسات الاتحاد الإفريقي والممثلين الاقتصاديين من الصين والدول الإفريقية على استخلاص أوجه القوة والقصور بموقف صادق وعملي وفاعل وبحث المجالات الجديدة والسبل الجديدة للتعاون الصيني الإفريقي الشامل بشكل فعال بما يشكل "النسخة المطورة" للتعاون بين الجانبين. حداثة في ظل الخصوصية وحول آليات التعاون الممكنة بما يعزز التنمية الصناعية وقطاع التصنيع بالقارة ذكر رئيس مجلس الدولة لي كتشيانغ " أن إفريقيا دخلت إلى مسار النمو السريع، وتتطور الحداثة بشكل لا يقاوم. وتحرص الصين على توظيف مزاياها والمشاركة الفعالة في بناء البنية التحتية في إفريقيا لتعزيز الترابط والتواصل داخل القارة، وبالتالي تدعيم التعاون القطاعي من خلال بناء البنية التحتية وغيرها، ومساعدة إفريقيا في التركيز على تطوير الوحدات التصنيعية الكثيفة العمالة بما يعزز التوظيف والاستهلاك. كما سيعمل الجانب الصيني على إيجاد سبل تعاون مبتكرة للاستثمار والتمويل لمساعدة الجانب الإفريقي على تجاوز مأزق النقص في الأموال. كما سيتم التوقيع على اتفاقيات تعاون تشمل مجالات الطرق والسكك الحديدية والطيران والكهرباء وغيرها بين الجانبين خلال هذه الجولة". وواصل:« سيعمل جانبانا على تعزيز التعاون في مجالات الموارد البشرية والبيولوجيا وحماية البيئة، بما يزيد من إمكانية القارة في تحقيق التنمية البعيدة المدى. إن الموارد البشرية هي أكثر الموارد إمكانية في إفريقيا. إن الصين على استعداد لتدريب مزيد من الأكفاء في مختلف المجالات للدول الإفريقية وتعزيز التأهيل المهني للشباب الأفارقة، بما يساعد إفريقيا على الاستفادة المستفيضة والمستمرة من ثمار هذا الكسب الديمغرافي. وحول مسألة عدم التوازن في التجارة الصينية الإفريقية وحالات عدم وصول أداء جودة المنتجات الصينية المصدرة إلى إفريقيا إلى المستوى المطلوب ومخالفات الشركات الصينية للقوانين واللوائح المحلية الخاصة بالعمل والعمال أجاب المسؤول الصيني:« بدأت تظهر "آلام النمو" في التعاون بين شركات جانبينا مع التطور الشامل والسريع للعلاقات الصينية الإفريقية، وظهرت بعض المشاكل الجديدة التي تتطلب الحلول الملائمة من قبل الجانبين. إن الحكومة الصينية تولي ذلك اهتماماً بالغاً، ولا نلتف عليه ولا نتستر عليه، بل ونحرص على الجلوس مع الدول الإفريقية لحله عبر مشاورات جادة على أساس الاحترام المتبادل وبموقف عملي وفعال. وأؤد أن أؤكد مجدداً بهذه المناسبة على أن الجانب الصيني حريص على مواصلة التعاون مع إفريقيا على أساس مبادئ الصدق والمساواة والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك، ونطالب الشركات الصينية الالتزام الصارم بالقانون والأنظمة المعمول بها في المجتمع المحلي وتتحمل المسؤولية المطلوبة عن جودة مشاريع المقاولات الهندسية وجودة المنتجات وتتحمل المسؤولية المطلوبة تجاه المستهلكين وتتحمل المسؤولية المطلوبة عن المجتمع المحلي والبيئة المحلية. وفي الوقت نفسه، أدعو الدول الإفريقية ذات الصلة إلى تعزيز الرقابة على السوق والإجراءات الأمنية وحماية الحقوق والمصالح المشروعة للشركات الصينية وسلامة أفرادها في إفريقيا وفقاً للقانون". وأضاف :« إذا ما ألقينا النظرة العامة إلى التعاون الصيني الإفريقي، فسنجد أن هذه المشاكل ليست إلا حالات منفردة لا تمثل التيار أو الاتجاه العام الذي يتمثل في التطور والتعمق المستمرين للتعاون بين الجانبين. إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين جانبينا العام الماضي 21 مليار دولار وهو ما يشكل ألفي ضعف من ذي في عام 1960، كما تبقى الصين أكبر شريك تجاري لإفريقيا لخمس سنوات متتالية. وتجاوز عدد الشركات الصينية العاملة في إفريقيا 2500 شركة وفرت أكثر من مائة ألف فرصة عمل للمجتمعات المحلية. أما عدد السياح الصينيين في إفريقيا، فقد تجاوز مليوناً وأربعمائة ألف سائح في العام الماضي، الأمر الذي جاء بعائدات كبيرة للنقد الأجنبي للقارة. وبناء على التقرير الصادر عن صندوق النقد الدولي، إن نسبة المساهمة للتعاون الصيني الإفريقي في النمو الاقتصادي في إفريقيا قد تجاوزت 20٪، وإن "العامل الصيني" أخذ يبرز في التنمية الإفريقية، فإن التعاون الصيني الإفريقي قد عاد بفوائد ملموسة على شعوب الجانبين، وله آفاق رحبة جداً.