حتى لا ينغلق المجلس الشّعبي البلدي على نفسه ويتحوّل إلى "علبة"، لا يطلع أي واحد على ما يجري عبر لجانه، قرّرت السّلطات العمومية أن ينفتح هذا الفضاء على سكان المنطقة التي يعيشون فيها ليعرفوا ماذا أعدّ لهم أعضاؤه بعد أن منحوا لهم الثّقة في تسيير شؤونهم اليومية. وبالرّغم من أنّ النّصوص واضحة في هذا الإطار، والتي تؤكّد على إشراك المواطن في تدبير أحواله على مستوى بلديته، إلاّ أنّ هذا الأمر بقي حبرا على ورق، ومجرّد خطاب لم يتعدّ جدران مصالح البلديات التي ترى في ذلك إحراجا لها كونها اعتمدت العمل في جوّ من الغموض، هذا ما أدّى إلى الوقوع في الانسدادات والاحتجاجات التي لا تخدم السّير الحسن للمؤسّسات. اليوم هناك توجّه قائم على الذّهاب إلى هذا الخيار، وهذا من خلال تنصيب فوج عمل يخوّل له التّفكير مليّا في إثراء هذه الآلية، وتوسيع العمل بها وفق منظور جديد يكتمل ما ورد في النّصوص الأساسية للبلاد، اعتمادا على حوالي 5 مواد تشير صراحة إلى إدراج المواطن في المبادرات المتّخذة على صعيد إعداد البرامج التّنموية في البلدية. ولا يسمح من الآن فصاعدا، أن ينفرد أعضاء المجلس الشعبي البلدي بالقرارات دون استشارة فعاليات المجتمع المدني من جمعيات ولجان أحياء، وإشراكهم مباشرة في المداولات المعنية بأي مشروع يعني البلدية، وهذا لرع كل لبس أو غموض تجاه قرار معين تمّ تمريره وفق اعتبارات مجاملتية أو لأغراض أخرى لا علاقة لها بالتّسيير. وتكون الجمعيات النّزيهة ولجان الأحياء النّظيفة عين السّكان، وأداة تبليغ عن كل التّجاوزات حتى يعود المجلس إلى رشده، ويكفّ عن التصرف في المال العام كما يحلو له، وتغلق كل المنافذ المشبوهة التي اعتدنا عليها. وهكذا ستدعّم البلدية مستقبلا بنشاط جديد لم نتعوّد عليه، قد يكون غريبا على بعض رؤساء البلديات الذين للأسف سيتحفّظون على كل خطاب يستعمل أمام العناصر الجديدة، لا لشيء سوى لكونهم يبدون تخوّفات من وقوع في مطبّات هم في غنى عنها، لذلك فإنّ السّلطات العمومية وعن طريق وزارة الداخلية والجماعات المحلّية تبدي حزما وعزما في تحديد الصّلاحيات والمهام وإطار التدخل، والعلاقة القائمة بين الفاعلين لإضفاء طابع الدّيمومة على هذا المسعى. ففوج العمل الذي شكّل لهذا الغرض تنتظره مهمة حيوية في إيجاد إجابات مقنعة، قاسمها المشترك القانون، وهذا بوضع فواصل دقيقة في عمل كل طرف خاصة تجاه من يحمل صفة "المنتخب" وغير ذلك، لأن الغاية هو استحداث ذلك التّكامل بين كل الأعضاء لخدمة البلدية لا أكثر ولا أقل. وكانت ما يعرف ب لجنة المدينة "كوفيل" التي اشتغلت خلال العهدات السّابقة تجربة رائدة في بلورة فضاء للحوار بين مسؤولي البلدية ولجان الأحياء وحتى الجمعيات النّاشطة، إلاّ أنّها ذهبت في هدوء ولم يعد المنتخبون يعملون بها كونها استطاعت أن تكون حقّا مرجعا في تنبيه البلديات إلى كل النّقائص الموجودة على مستوى الأحياء، كالإنارة والنّظافة والبنايات المهدّدة بالسّقوط، التوقف العشوائي للسيارات، الإستيلاء على الأرصفة، انسداد البالوعات، الإزدحام المروري، ترميم العمارات، إخلاء الأسطح، وغيرها من الملفات الملحّة التي تطرح على هذه المؤسّسات. ويكون دخول الجمعيات ولجان الأحياء إلى مداولات المجالس الشعبية البلدية خطوة عملاقة باتجاه ترقية نشاط هذه الهياكل قصد إبداء رأيها في كل المداولات المطروحة، وبذلك نكون في نسق تام مع الحركية الدّولية في هذا المجال.