كانت لسنوات طويلة أول ما يحتك به الرضيع عند خروجه إلى الحياة الجديدة،....هي المرأة الصابرة والمتصبرة التي ترافق وتتابع الحامل إلى ساعة ولادة الطفل تابعت فترة تكونه لحظة بلحظة،.... كل يوم تشارك المرأة القابلة في تحقيق معجزة خلق الإنسان... لذلك استحقت و بجدارة اسم ملائكة الرحمان....السيدة عقيلة قروش واحدة من القابلات التي تفتح قلبها ل»الشعب» وتتحدث عن المهنة والمتاعب. السيدة عقيلة قروش رئيسة نقابة القابلات الجزائريات واحدة منهنّ ، أجرت معها «الشعب» ليكون هذا الحوار الذي لخَّص مسيرة امرأة ناضلت منذ 1984 لإخراج القابلة إلى النور بعد سنوات طويلة من التهميش بقيت أثناءها في الظلام الدامس اختصر دورها في عملية توليد الحوامل فقط . «الشعب»: كيف كانت بداياتك في مهنة القابلة؟ عقيلة قروش: حبي لهذه المهنة كان وراء توجهي إلى دراستها في مدرسة البليدة بعدما توقف تكوين القابلات بالعاصمة. في سنة 1984 تخرجت وتوظفت في مستشفى بني مسوس . كانت الممارسة اليومية للمهنة والتعامل اليومي مع مستخدمي الصحة أو المرضى سببا في كشف الكثير من السلبيات المتعلقة بالقابلات وعملهن ، الأمر الذي جعلني استقل بعيادة خاصة للتوليد في 1989 ظنا مني أنها الحل لكل ما أعيشه في المستشفى ولكن جاءت الحقيقة عكس ذلك تماما لأنني وقفت فيها على مشاكل أكبر. ^ كيف؟ ^^ نقص و ضعف التكوين الصحي للقابلات ، غياب الحماية القانونية بسبب الفراغ في بعض المواد أدى إلى التلاعب بها وجعل القابلة في كثير من الأحيان تتحمل مسؤولية أخطاء لم تكن السبب فيها ، فأي مشكل يحدث في مصلحة التوليد تكون هي أول من تتحمل عواقبه قد يصل في بعض الأحيان إلى قضايا لا يفصل فيها إلا القضاء، و أيضا استغلال العيادات الخاصة للقابلات بشكل فضيع، وحصر مهمة القابلة في متابعة الحالة الصحية للحامل ومنعها من التوليد. ^ ما الدور الذي تلعبه النقابة في الحماية للقابلة عند حدوث أي مشكل؟ ^^ تجربتي الخاصة تجعلني أؤكد أن القابلة وحيدة في مواجهة مصيرها ، الكل يتملص من تبعات الخطأ و يعتبرها المسؤولة الوحيدة أمام القانون، لعل الحوادث التي عايشتها كانت خير دليل على ذلك، عندما وجدت القابلة بلا حماية في بداية مشواري المهني انخرطت في الاتحاد الوطني للعمال الجزائريين ولكن خابت أمالي بسبب الواقع الذي اصطدمت به ، استدعيت للتحقيق بعد وفاة سيدة حامل و العجيب أنني حملت مسؤولية وفاتها لأنها أتت إلى عيادتي ولم تجدني بينما ذهبت قبل ذلك إلى المستشفى أين رفضت مصلحة التوليد استقبالها ...كنت في نظر القانون المسؤولة الوحيدة عما ألم بها ولكن الحمد لله استطعت إثبات العكس . القضية التي أفاضت الكأس تلك التي اتهمت فيها بالتزوير و سرقة طفل سنة 2005 ، كانت السبب المباشر في توجهي إلى دراسة الحقوق في الجامعة لأنني أتذكر تملص الجميع من الوقوف بجانبي ، سواء كانوا أطباء أو قابلات أو نقابة كانت إجابتهم واحدة عند طلبي المساعدة : «لا نعرف عن الأمر شيئا»، فما كان علي سوى البحث بنفسي عن دليل براءتي والحمد لله أنني وجدته وعرفت المتهمة الحقيقة في القضية،.... في تلك اللحظة تخيلت حجم الكارثة التي كانت ستحل بعائلتي ومستقبلي المهني لو سجنت ظلما. ^ ماذا أفادك التكوين في المهنة وخاصة دراسة مادة القانون؟ ^^ التجربة وضعتني وجهها لوجه مع الفراغ القانوني الذي يتلاعب بمصير القابلة وقد حفزني إلى دراسة القانون، وبالفعل التحقت بجامعة الحقوق بعد نجاحي في شهادة البكالوريا للمرة الثانية وقطعت عهدا على نفسي للعمل من أجل سد تلك الفراغات القانونية، كانت مرحلة جديدة في مسيرة النضال من أجل الدفاع عن حق القابلات في الحماية القانونية كما تطالب وتوصي به المنظمة العالمية للصحة التي وضعت تعريفا واضحا لهذه المهنة وهي تنادي منذ أربع سنوات كل السلطات التي أمضت على اتفاقياتها للاهتمام بالقابلات و أوصت بأن تكون القوانين الخاصة تصب في مصلحة القابلة العاملة وهو ما ينقص عندنا. ^ يشتكي الكثير من نقص التكوين الذي أدى إلى هذا الوضع القاتم؟ ^^ حقيقة، اعتبر التكوين القاعدي للقابلات ناقصا و ضعيفا كان التخصص يدرس في كلية الطب غداة الاستقلال لكنه أصبح يدرّس في مدرسة شبه الطبي، وبعدما كان تكوين القابلات المتربصات يتم على يد أساتذة أصبح اليوم متخصصون في شبه الطبي يشرفون على ذلك وأراه أكبر خطأ يمارس ضد الدفعات المتخرجة وعلى التكوين المتواصل لها ، ورغم كل الإجراءات التي قام بها الوزير الحالي إلا أن طريقة التكوين الناقصة زادت هويتها، ورغم مراجعتنا للقانون الأساسي للقابلات وإنشاؤنا مدارس عليا للقابلات بقيت عمارات فارغة تحت سلطة شبه الطبي. فبفضل تدخل رئيس الجمهورية سنة 2011 أنشئت ثلاث مدارس عليا للقابلات بولايات : تلمسان، عنابة و تيزي وزو وهي الأولى على المستوى العربي، تشرف عليها وزارتي الصحة والتعليم العالي ولكن وجود الرغبة السياسية لم يعقبه وضع برنامج التكوين القاعدي والتكميلي كما ينص عليه القانون ودفتر الشروط ، لذلك أتساءل عن حال الدفعات المتخرجة في السنتين المقبلتين، فالدور المنوط بوزارة التعليم العالي بقي معطلا . ^ كيف ترون القانون الأساسي للقابلات؟ ^^ يعد قانون القابلات الأساسي الجزائري من بين الأحسن في العالم بسبب المواد المستحدثة أخيرا والتي من بينها مراجعة التكوين القاعدي للقابلات بزيادة مدة التكوين من ثلاث سنوات الى خمس سنوات مع تثمين برامج طبية جراحية واستعجالية في هذه المدة . أيضا القابلة لا تموت قابلة لأنها ستستفيد من الترقية التي ستجعلها اختصاصية في ميادين شتى : الطفل ، جراحة، تهيئة ومتابعة الولادة ، مع العمل على إدخال أجهزة تكنولوجية حديثة مختصة في التصوير الصوتي للجنين والحمل بصفة عامة . و بفضل إصلاحات رئيس الجمهورية استطعنا الظفر بمادة جديدة تنص على تسيير ومتابعة نشاطات القابلات في كل ميادين عملها دون تدخل شبه الطبي و الطبي إلا في حالة الضرورة. أما فيما يخص التكوين المتواصل فكان لنا الحظ أن أدرجنا برامج وطنية ودولية لتكوين القابلات الفاعلات في الأماكن النائية التي لا تتوفر على أطباء لمتابعة النساء والأطفال بكل حرفية، وهذا شرف لكل القابلات اللائي شاركن بمالهن الخاص لخدمة المواطن والوطن لبلوغ أهداف الألفية الثالثة ، التي ستقدم بصددها الجزائر تقرير لمنظمة الصحة العالمية في 2015 . ^ ماذا عن مجلس أخلاقيات المهنة؟ ^^ قانون الصحة الذي سيصدر قريبا يوصي بتأسيس مجلس أخلاقيات المهنة الذي سيتم فيه إدراج تعريف القابلة الجزائرية وفقا لتعريف المنظمة العالمية للصحة وتوصيات مجلس الأممالمتحدة لكل الدول المنزوية تحت غطائها. ^ ماذا عن نقابة القابلات الجزائريات؟ ^^ قبل تكوين النقابة ، أسست جمعية الاتحاد الوطني للقابلات الجزائريات في 2004 اعتمدت سنة 2007 الجمعية التي عملت على حماية نساء الخدمة وتسيير أمورهن و كذا المبادرة بمشاريع مهنية خاصة بالمجال، ولكن المشاكل الكبيرة جعلتني أؤسس نقابة تنطوي تحت لواء الاتحاد الوطني للعمال الجزائريين و بعدها أسست نقابة مستقلة خاصة بالقابلات تناضل من أجل تحقيق وجودهن خاصة.