يزداد المغرب تخبّطا جراء استمرار احتلاله للصّحراء الغربية منذ صفقة مدريد المشؤومة وخياره الهروب إلى الأمام في مواجهة حتمية الذهاب إلى الاستفتاء، وتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حق تقرير المصير ضمن قواعد الأممالمتحدة المتعلقة بتصفية الاستعمار. غير أنه وبالموازاة تتمسّك سلطة الاحتلال بخيار نهب ثروات الشعب الصحراوي من خلال استنزاف موارده الطبيعية، خاصة الفوسفات والثروات البحرية كالسمك والمعادن باستباحة المناطق الاقتصادية والجرف القاري عن طريق منح الامتياز لشركات متعددة الجنسيات بما فيها أوروبية، كما توقّف عنده بوجمعة صويلح الخبير في شؤون القانون الدولي لدى تدخله في النقاش. وبعد أن ذكّر بقرارات الأممالمتحدة التي تتمحور مختلف بنودها حول عدم أحقية استغلال ثروات شعب بدعوى تأخر اقتصادي، وتكرس حق الشعوب في استغلال ثرواتها الطبيعية ضمن ميثاق سيادة الشعوب على ثرواتها، أثار مدى نجاعة الآليات التي وضعتها الأممالمتحدة وعلى قلتها في تمكين بلوغ الشعب الصحراوي في تجسيد تطلعاته المشروعة. وبالطبع هي تطلعات تصب في تحقيق الحرية والاستقلال، ومن ثمة التوجه إلى النهوض بالمنطقة بمعايير اقتصادية واستثمارية تخلق النمو، وتعزز فضاءات الحريات بما يعزز قدرات بلدان المنطقة الشاملة وشعوبها على مواجهة تداعيات النظام العالمي الجديد، وإفرازات العولمة التي تداهم الشعوب المتأخرة عن ركب الأمم في مجال التنمية والنمو الاقتصادي والاجتماعي. وتوقّف الدكتور صويلح بشكل معمّق عند الانتهاكات الصارخة من دولة الاحتلال لقواعد القانون الدولي باستنزاف لا حدود له وأبخس الأثمان للموارد الطبيعية للصحراء الغربية، بإبرام عقود مع شركات ذات نفوذ في المشهد الدبلوماسي العالمي تستحوذ على خيرات شعب يأبى أن تنكسر إرادته في الانعتاق من الاحتلال الحقير، والانخراط في ديناميكية دولية إنسانية للتنمية تتطابق مع أهداف الأممالمتحدة. ولأنّ حجم المصالح كبير وتحقّق لتلك الشركات وبلدانها مكاسب لا حدود لها، فمن الطبيعي أن يتأخر الحل الدبلوماسي والسياسي لهذه القضية، ويصاب مجلس الأمن الدولي بعطل مزمن كما أضاف المتدخل، في ضوء عرض دقيق لتطورات مسار القضية الصحراوية كما عرضه محمد الأمين احمد مستشار الرئيس الصحراوي ورئيس حكومة اسبق. هذا الأخير أكّد أنّ المقاومة للاحتلال تأخذ مسارا مدنيا من خلال اعتماد أسلوب سلمي وفعال يسقط الأطروحات الباطلة للإدارة المغربية دون التخلي عن كل الوسائل التي يكرّسها القانون الدولي ومبادئ الأممالمتحدة، التي طال تجسيدها بما يوفّر للطرف المحتل مزيدا من الوقت في محاولته الاستثمار في طول الزمن واللعب على تناقضات العلاقات الدولية للإفلات من حكم التاريخ بأنه بلد محتل وغاصب، ولا مجال أمامه سوى العودة الى جادة الصواب، ومن ثمة الدفع بالمنطقة قاطبة الى أفق جديد يقود الى بناء رفاهية الشعوب في ظل حفظ كرامتها بعيدا عن أي هيمنة. ولم تدّخر الجزائر منذ بداية أولى فصول المشكلة أي جهد للعمل من اجل الحل العادل ضمن الأممالمتحدة، ولا تزال حريصة على مبدأ تصفية الاستعمار وفقا لروح ميثاق الأممالمتحدة، وبما يتطابق مع القانون الدولي الإنساني.