منذ استكمال مسار السلم والمصالحة في مالي، بتوقيع تنسيقية حركات أزواد على الاتفاق بتاريخ 20 جوان 2015، لم تسجل أعمال عنف مسلح أو مناوشات بين الأطراف المالية التي شاركت في المفاوضات التي قادت الجزائر وساطتها رفقة المجموعة الدولية. فتركيز الحكومة والحركات السياسية والمسلحة، منصب حاليا على تنفيذ مختلف ورشات الاتفاق وتشكيل اللجان الخاصة، بمرافقة من لجنة المتابعة التي ترأسها دائما الجزائر، ووسط حرص شديد على عدم تلويث مناخ السلم النسبي السائد، بسعي كل طرف إلى تقديم مساهمته في تعزيز الثقة الجماعية. لكن، ومنذ طي صفحة المفاوضات الطويلة، شهدت بعض المدن في شمال مالي، اعتداءات وكمائن أودت بحياة عدد من جنود الجيش المالي وقوات الميونيسما وبعض المدنيين، آخرها عملية اقتحام فندق سيفاري، يوم الجمعة الماضي. تم تبنيها جميعها من طرف الجماعات الإرهابية الناشطة في المنطقة. هذه الهجمات الإرهابية متوقعة ومنتظرة في أية لحظة، لأن ما تبقّى من التنظيمات الدموية في مالي ومنطقة الساحل ككل، هدفها الأساسي العبث بالأمن وهدم السلم وإفساد معيشة المواطنين البسطاء، ومن المهم أن تتوحد جهود الحركات المسلحة لشمال مالي وقوات الجيش لمحاربة هذه الآفة والتصدي لها، بدعم من القوات الدولية المتواجدة هناك. فصناعة السلم، لا تتوقف على تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة بجزئياته، بل بالتضامن والعمل المشترك على دحر الجماعات الإرهابية وإفشال مخططاتها الإجرامية وتحمل المسؤولية الجماعية. لقد دعت الوساطة الدولية التي قادتها الجزائر، في كل مناسبة، حتى قبل انطلاق مسار الحوار الشامل، الأطراف المالية إلى الإسراع في التوصل إلى اتفاق لعزل الإرهاب ومحاربته، بوضع اليد باليد. ويبدو أن المعركة انطلقت مبكرا.