دون شك أن أكبر الرهانات اليوم تكمن في كيفية جذب الرأسمال الأجنبي وتدفقه، على اعتبار أن القرض السندي الساري يجند الرأسمال المحلي في إطار تنمية الإدخار الوطني، والذي يندرج ضمن النموذج الاقتصادي الجديد. لذا النجاح في جلب الاستثمار الأجنبي المباشر أكثر من ضروري، من أجل إنعاش الاقتصاد وبعث الصادرات وخلق الثروة، ويتوقف نجاح المهمة على مدى القدرة على تحسين مناخ الاستثمار، كون المشكل الجوهري لا يتعلق بمسألة القاعدة 51-49 القابلة للتطوير إنما بممارسات يجري تغييرها على مختلف المستويات المعنية بالاستثمار وتمويله. غير أنه خارج القطاعات ذات الطابع الاستراتيجي فإنه بالنسبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة التي توفر لها فرص تنافسية ينبغي أن تتجه إلى مشاريع جديدة يتم إطلاقها وفقا لخارطة الطريق الوطنية للاستثمار والتنمية حتى يتحقق التنوع والتعدد في المشاريع ذات القيمة المضافة، ولذلك يمكن التوجه بالمشاريع الاستثمارية في الطاقات المتجددة والفلاحة الصناعية بمنطقة الهضاب العليا الشاسعة والتي تتوفر على إمكانيات هائلة، مع توسيع نطاق الشراكة الوطنية والأجنبية بشكل يعمق الإنتاج بجودة عالية ليكون مؤهلا للتسويق المحلي وللتصدير. لكن يفترض بالموازاة مع ذلك أن تنجح الشراكة المحلية وتحسم معادلتها، لتكون بمثابة المرآة العاكسة للمؤشرات الإيجابية، حتى يستنير بها المستثمر الأجنبي، ومن ثمة يطوى ملف إرساء الثقة ويتجسد تعميقها بين الشركاء في ظل سوق ناشئة. ويبدو أن كل ذلك لن يتحقق إلا بتوفر محيط فعّال ومناخ متجانس من مواصلة خطوات انفتاح البنوك على محيطها مع بعث منظومة المعايير التنافسية وإطلاق أجهزة الجودة وسلامة المنتجات بالنسبة للخدمات. وفي هذا الإطار، وتحسبا لمقتضيات إرساء مشروع النموذج الاقتصادي الجديد المرتكز على قيمة النمو، من الضروري تحديد الأولويات التي ينبغي أن يركز عليها التوجه الجديد، ويتعلق الأمر بالخصوص بتنمية قطاعات الصناعة والفلاحة والسياحة ضمن قاطرة استثمارية متكاملة في وقت يشهد فيه مناخ الاستثمار المنتج تحسنا مستمرا استجابة لانشغالات السوق وتحدياتها.