ارتفع عدد ضحايا حوادث المرور بشكل ملفت للانتباه منذ ال 14 أوت الماضي، تاريخ دخول الإجراءات الجديدة للتقليل من حوادث المرور، حيث سجلت مختلف المصالح أكثر من 200 قتيل وأكثر من 1000 جريح، وهي أرقام تعكس عمق مشكلة حوادث المرور في بلادنا التي أصبحت كابوسا حقيقيا لم تنفع معه إجراءات الردع وعليه فإحالة الملف على مخابر البحث العلمي وإشراك جمعيات المجتمع المدني ووسائل الإعلام في عمليات التحسيس والتوعية أكثر من ضروري. أصبحت بلادنا رائدة عالميا في حوادث المرور وهي ظاهرة خطيرة تؤكد وجود العديد من الاختلالات على عدة مستويات، فمختلف الهيئات أوكلت لمصالح الأمن مهمة محاربة إرهاب الطرقات وهذا خطأ جسيم، لأن مصالح الأمن وحدها لا تسطيع إيقاف مشاكل الطرقات، كما أن اللجوء إلى العقوبات والمخالفات الردعية لم تفض إلى شيء بل زادت من ارتفاع الوفيات. والذي يسير في طرقاتنا يلمس التجاوزات الخطيرة للسائقين خاصة من أصحاب شاحنات الوزن الثقيل، فسائقي هذا النوع من المركبات يستفزون سائقي السيارات مستغلين حجم المركبات الكبير وتنتشر مثل هذه السلوكات في الطرق السريعة خارج العاصمة، حيث يسرد مستعملو الطرق وقائع جد خطيرة عن سائقي الشاحنات الذين ينقلون مختلف البضائع والحاويات. ومن الأسباب التي زادت من حوادث المرور هو قدم واهتراء العديد من مركبات النقل خاصة تلك التي تنشط في المدن على غرار العاصمة، فحافلات نقل المسافرين تعرف تدهورا كبيرا ولا يوجد من يوقفها عن النشاط أو يطالب بإعادة إصلاحها، ويطرح هذا المشكل العديد من التساؤلات حول جدوى تقديم تلك الحافلات على المؤسسات التقنية لمراقبة السيارات التي تمنح شهادة صحة المركبات. وبالمقابل تعرف العمليات التحسيسية والتوعوية ضعفا كبيرا، فالجزائري الذي يدمن على متابعة الفضائيات يعزف عن متابعة التلفزيون الجزائري، وبالتالي فالومضات التحسيسية والتوعوية لا تصل إلى هدفها، كما أن جمعيات المجتمع المدني بعيدة كل البعد عن دورها المتمثل في المساهمة في اقتراح الحلول اللازمة لحل مشكلة إرهاب الطرقات التي لم ننجح إلا في فرض إجبارية حزام الأمن، أما باقي المشاكل فلم تعرف الطريق إلى الحل. ومن الأسباب التي أدت إلى زيادة حوادث المرور هو حالة الطرقات وضعف استراتيجية وضع ممهلات وإشارات في مستوى الأموال الضخمة التي منحت لقطاع الأشغال العمومية والذي يبتعد عن الدعاية لمنجزاته أكثر من الواقع، وبالتالي يجب مراجعة سياسة المشاريع وتكييفها أكثر مع التحولات التي تعرفها بلادنا، فالمشاريع تتجاوز سنوات طوال لاستكمالها وعليه عند استلامها يكون الزمن قد تجاوزها وتظهر مشاكل أخرى أكثر تعقيدا وتكون مختلف الوزارات قد عادت إلى نقطة الصفر. وعليه، فحوادث المرور في الجزائر التي خلفت أكثر من 20 ألف قتيل في ال 5 سنوات الأخيرة تزداد شراسة من يوم لآخر ومهما كانت الإجراءات، فالحل لن يكون غدا.