أعطى وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين يزيد زرهوني للحدث الرياضي الهام الذي صنعه الفريق الوطني بالخرطوم دلالة وأبعادا دون تركه يمر مرور الكرام. وذكر الوزير في حفل أقيم بالحماية المدنية بالدار البيضاء على أخذ العبرة من تأهل الخضر إلى مونديال جنوب إفريقيا عن جدارة واستحقاق، جاعلا من المتاعب والصعوبات نقطة تحفيز وانطلاق إلى الأمام بعزيمة أكبر، مستصغرا الأشياء التي اعترضته واضعا مونديال جنوب إفريقيا نصب الأعين لأن الفوز الذي تحقق في السودان بعد مشوار مشرف ليس مكسبا رياضيا فقط لكنه يخص أمة بأكملها أرادت أن تفرح بالإنجاز بعد سنوات الإحباط والأزمة، معيدة الجزائر إلى سابق عهدها من العزة والكرامة محتلة أولى المواقع في عصبة الأمم. وتتقاسم الهيئات الوزارية والمصالح هذا الطرح بالتأكيد الصريح على قوة التغيير والهزة التي أحدثها ''الخضر'' منتزعا ثقة لا تقدر بثمن كاسبا الاحترام والتقدير. ووردت هذه الشهادات من أكثر من وزير في احتفائية بنصر ''الخضر'' ساهمت فيه كل الفعاليات والأطراف بلا استثناء ضاربة المثل في إمكانية بناء جزائر أخرى تنجح في مهامها ومشاريعها، وتنتزع عنها الكليشيهات السلبية التي أُلصقت بها زورا وبهتانا. وبدأت الجزائر هذه الخطوة بمجيء رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم مراهنا على الأمن والسلم والمصالحة والتقويم الوطني، وهي رهانات يتوقف تجسيدها على الجميع بلا إقصاء وانتقائية. ونجحت في كسر الحصار غير المعلن على الجزائر التي عادت من بعيد متكلة على الأبناء في الخروج من النفق المظلم وعدم البقاء أسر المرحلة الانتقالية. وعلى هذا الدرب سار الفريق الوطني وأعاد الأمل للجزائريين بإمكانية فتح صفحة جديدة من العمل الجماعي تندمج فيه القوى الحية وتتفاعل وفق المبدأ المقدس: تقاسم وظيفي مكمل بعضه البعض دون ادعاء أحد أنه أجدر بما تحقق وما أنجز، دون السقوط في التأويلات والكلام المنمّق الذي تروجه أي جهة والادعاء أنها أحق بصنع المجد وأفراح الجزائر. ما تحقق في ميدان المريخ بأم درمان وما أنجز برهان على إمكانية الجزائر في الإقلاع والتطور إذا حددت الأهداف بدقة وشحنت الإرادة ووزعت المهام بدقة ومسؤولية تجعل كل قطاع مندمجا في العملية مدركا لخطورة التحديات لا يتوقف عند سلبيات الأشياء والحواجز والمصاعب، لكن تجاوزها بروح الواقعية والتبصر والنظرة البعيدة التي تضع في الحسبان أي طارئ ولا تستسلم له. واتضح هذا من قرار رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بتهيئة المحيط لمرافقة الفريق الوطني ومؤازرته، وجعل من الاعتداءات التي استهدفت عناصره والأنصار بالقاهرة قوة إضافية في انتزاع الفوز بالأداء الفني والروح الرياضية. وانساقت القطاعات والهيئات وراء المبادرة، وانخرطت فيها القوى الحية واندمجت الطبقة السياسية رغم تباين المشرب واللون وانصهرت، مدركة أن الفوز فوزها والانتصار انتصار الجزائر المنتمية إليها والمتنافسة من أجل خدمتها ببرامج تختلف في الأسلوب والمنهج لكن تتفق حول المضمون. إنها صورة مكتملة توقّفنا عندها في الأجواء الاحتفائية بالتأهل للمونديال بعد انتصارات متتالية للخضر. وتبين لنا بالملموس أن هذا الفوز يصلح أن يحفظ درسه للآتي. ويكون المرجع الثابت لإنجازاتٍ أخرى تجعل الكل مسؤول فيه حسب الدور المسند إليه والمسؤولية الموكلة له، وما يتحتم فعله بلا تقاعس وتهاون تفقد المشروع صلابة وانتعاشا ونجاحا. إنها صورة صنعتها كل القوى الحية التي آمنت بالجزائرالجديدة التي تتحدى الظرف الصعب وتجعل من كل زلة خطوة انطلاق إلى الأمام بعزيمة أكبر وإرادة لا تعترف بالمستحيل.