الاستدانة الخارجية مستبعدة بسبب تداعياتها على الجانب الاقتصادي أكّد وزير المالية عبد الرحمان راوية، أول أمس، بالجزائر أن مشروع قانون المالية ل 2018 سيكرّس لامركزية أكبر في مجال الاستثمار مع الحفاظ على استمرار المجهودات المبذولة في مجال تهيئة الاقليم، والرفع من جحم الوعاء العقاري الموجه للاستثمار، فضلا عن العمل على ترقية نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. أوضح الوزير في كلمته خلال جلسة علنية بالمجلس الشعبي الوطني، خصّصت لعرض مشروع القانون المتمم والمعدل للأمر المتعلق بالقرض والنقد، أن مشروع قانون المالية 2018 بادر إلى وضع إجراءات تهدف إلى تعزيز إنتاج القطاع الفلاحي. في حديثه عن ميزانية 2017، قال راوية إنّ متوسّط سعر برميل النفط الذي يسمح بتحقيق توازن في الميزانية العمومية خلال السنة الجارية هو 70 دولارا، في حين أن سعر البرميل حاليا لا يتجاوز 60 دولارا. وبرّر راوية لجوء الحكومة إلى التمويل غير التقليدي مستبعدا اللجوء إلى الاستدانة الخارجية بسبب تداعياتها على الجانبين الاقتصادي والاجتماعي. في هذا الصدد قال راوية: «الواقع أن معظم الدول التي تواجه صعوبات مالية تلجأ عموما إلى الاستدانة الخارجية، لكن تجاربنا السابقة في هذا المجال دفعتنا إلى تبني خيار الاستدانة الداخلية»، مذكّرا أنّ لجوء الجزائر إلى الاستدانة الخارجية في الماضي أدى بها إلى تحمل أعباء مديونية ثقيلة، وبالتالي تسجيل اختلال في ميزان المدفوعات وتداعيات على قطاعات الشغل والاستهلاك والاستثمار في سياق برنامج إعادة الهيكلة تم إملاءه من طرف الهيئات المالية الدولية. كما أكّد راوية أن اللجوء إلى التمويل غير التقليدي تم اختياره كحل بعد استنفاد كل المساعي التقليدية في تغطية العجز المالي، مبرزا في هذا السياق تسبيقات من بنك الجزائر لفائدة الخزينة العمومية المسقفة ب 10 بالمائة من الإيرادات العادية، والتي قدرت ب 276 مليار دينار في 2016 و280 مليار دينار في 2017، وكذا فوائد بنك الجزائر التي دفعت للخزينة العمومية بمبلغ 610 مليار دينار في 2016 و919 مليار دينار في 2017. لكن اللجوء إلى القروض المباشرة من البنك المركزي المسموحة لمدة خمس سنوات حسب مشروع القانون المتمم والمعدل للأمر المتعلق بالقرض والنقدي، ستصاحبه إصلاحات هيكلية هامة تمس الإطار التشريعي والجبائي وترشيد النفقات. واستطرد الوزير: «يجب على كبريات المؤسسات أن تكون خطط استثماراتها تناسب حاجاتها الحقيقية(...). يجب كذلك احترام طريقة تسيير النفقات الميزانياتية المحدّدة على المدى المتوسط». وأضاف راوية، أنّه ستتولّى لجنة على مستوى وزارة المالية مهام مراقبة ومتابعة تطبيق آلية التمويل غير التقليدي في الميداني، مبرزا أنه سيتم عن قريب استصدار مرسوم رئاسي يخص هيكلة وتسيير هذه اللجنة. ولدى عرضه لبعض المؤشرات المالية التي توضح هشاشة الوضعية المالية للبلاد بسبب تراجع أسعار النفط ونفاد صندوق ضبط الإيرادات، قال الوزير إن يمة الصادرات الجزائرية من المحروقات تراجعت من 3، 60 مليار دولار في 2014 إلى 7، 18 مليار دولار خلال السبعة أشهر الأولى من 2017. توقع 31 مليار دولار صادرات المحروقات مع نهاية 2017 كما أبرز الوزير أن الجباية البترولية المحصلة من يناير إلى غاية نهاية جوان 2017 بلغت ما مقداره 100. 1 مليار دينار، تمثل 60 من المائة فقط من المحصل عليه خلال نفس الفترة من 2014. بخصوص احتياطات الصرف التي بلغت 8، 105 مليار دولار مع نهاية جوان الفارط، يقول راوية إنه يمكن أن تتقلص لتصل إلى 97 مليار دولار مع نهاية 2017. إلى جانب ذلك قال الوزير، إن ودائع صندوق ضبط الإيرادات استنفدت بالكامل في فبراير 2017، بعد أن غطّى 800. 8 مليار دينار من عجز الخزينة في سنوات 2014، 2015 و2016. وساهم تقلّص الموارد المالية للدولة في تسجيل تراجع كبير في نفقات التجهيز بين 2015 و2016، لكن في نفس الوقت تم تسجيل ارتفاع في نفقات التسيير بنسبة 80 من المائة من كتلة الأجور والتحويلات الاجتماعية. وأوضح الوزير، أنّ برنامج الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية والميزانياتية الذي سيرافق التمويل غير التقليدي الذي يرخص لبنك الجزائري خلال مدة أقصاها خمس سنوات للقيام بالشراء المباشر للسندات الصادرة عن الخزينة العمومية، سيسمح بتحقيق توازنات في ميزانية الدولة وميزان المدفوعات مع انقضاء الأجل المحدد في مشروع القانون.