يمتلك الإنجليزي، بول إنس رصيدا كرويا طويلا، وتحفل مسيرته في الملاعب بعلامات عدة أبرزها مشاركته مع سبعة أندية إنجليزية، من بينها مانشستر يونايتد وليفربول، وارتدائه قميص إنتر ميلان الإيطالي.. كما كان أيضا أول لاعب أسمر البشرة يتقلد شارة قيادة المنتخب الإنجليزي، وأول أسمر يقود أحد الفرق الإنجليزية في البريميرليج بعدما تولى تدريب فريق بلاكبيرن روفرز، إنس الذي يتواجد حاليا بجنوب إفريقيا، حيث يعمل كمحلل لمباريات المونديال لإحدى القنوات التلفزيونية، يتحدث عن انطباعاته حول المونديال، وأعرب عن سعادته بمستوى تنظيم الحدث في جنوب إفريقيا واعتبره مفاجأة سعيدة، كما كشف عن سر تدهور مستوى المنتخبات الإفريقية باستثناء غانا، وأشار إلى أن عددا من لاعبي المنتخب الإنجليزى لم يظهروا بمستواهم الطبيعي، وهو ما أدى إلى المشاركة المخزية لمنتخب الأسود الثلاثة. المفاجأة الأبرز حتى الآن كانت خروج إنجلترا من الدور الثاني وسط شائعات عن مشاكل داخل صفوف الفريق، واختلافات بين عدد من اللاعبين أبرزهم واين روني وجون تيري، ما هزّ المعنويات من الداخل، هل تعتبرها شائعات أم لديك معلومات عن حدوث ذلك بالفعل؟ لا أستطيع الجزم بحدوث خلافات داخل الفريق أم لا، لكنك إذا نظرت إلى تاريخ المونديال ستجد دائما قدرا من النزاعات داخل أي فريق، حدث ذلك حين كنت ألعب لمنتخب إنجلترا وهو أمر طبيعي، لأنه من المستحيل أن تشعر بالإنسجام مع الكل، لكن الأهم أن يبقى الجميع على إيمانهم بوجود هدف ومهمة يلتف حولها الجميع هي الفوز بكأس العالم، وهو ما يجعل اللاعبين يخوضون التدريبات والمباريات ككتلة واحدة، كان هذا دائما حال المنتخب الإنجليزي، وأعتقد أنه لم يتغير في جنوب إفريقيا، ولهذا فينبغي أن لا نحمّل عامل الروح المعنوية مسئولية الفشل في هذا المونديال. إذن ماذا حدث؟ أعتقد أنه بعد المستوى الرائع الذي ظهرنا به خلال التصفيات حدث نوع من التراخي، ولم نستعد لخوض غمار المونديال أو نعمل على تطوير مستوانا بالشكل المناسب، ولهذا تراجع الأداء والنتائج في جنوب إفريقيا. وهل يمكن تفسير تدني مستوى نجم كبير مثل واين روني بتراجع أداء المنتخب كله؟ لم يظهر روني بشكله الطبيعي، فعندما يكون في مستواه تفوز إنجلترا دائما، وهو لم يظهر بمستواه العادي بالمونديال.. قمت بالتعليق على مباريات إنجلترا كلها وتابعته جيدا، وأعتقد أن كل ما يتعلق بروني سواء تمريراته أو تحكمه في الكرة أو حتى رغبته في الإنتصار كلها لا تعكس صفات روني الطبيعية ومردوده خلال التصفيات أو حتى التوقعات التي أفرطت فيها الصحف الإنجليزية قبل البطولة، كان ذلك محبطا، لقد جعلنا المنتخب يعتمد عليه بمفرده، وهو خطأ جسيم لا يتحمل روني مسؤوليته. نحن كإعلاميين أدهشنا حديث جون تيري الدائم بالنيابة عن الفريق في الوقت الذي يتقلد فيه ستيفن جيرارد شارة القيادة.. ماذا يعني ذلك؟ بالنسبة لي سيبقى جون تيري قائدا لإنجلترا، ومعظم اللاعبين يعتبرونه كذلك بصرف النظر عن ما وقع من أحداث خارج المستطيل الأخضر وحرمانه من شارة القيادة، هو يتحدث دائما بالنيابة عن اللاعبين ويقودهم رغم أن جيرارد هو القائد الرسمي. هل سبب هذا حدوث شرخ في صفوف اللاعبين أدى لاحقا إلى الخروج المبكر؟ لا أعرف مرة أخرى هل حدثت نزاعات أم لا.. لكن المفروض أن يجلس اللاعبون معا لإزالة أي خلافات، وينبغي أن يرتفعوا فوق مصالحهم ورغباتهم الشخصية، وأن يظهروا أمام الإعلام والجماهير كتلة واحدة حتى لا تتأثر الروح المعنوية ويتراجع المستوى نتيجة لذلك. عرف المدرب فابيو كابيلو دائما بالصرامة والقوة.. ألم يكن غريبا أن يطالبه اللاعبون علنا بإجراء تعديلات على خطة اللعب والإجتماع به لمناقشة ذلك؟ نعم أنا مندهش جدا، فكابيلو يضع القواعد حتى للمشرفين في المطبخ والمسؤولين عن إعداد الوجبات، ولكن الحديث عن اجتماعاتٍ حدثت بين اللاعبين والمدرب، ومهما كانت دوافعها، يؤكد إلى حرص الجميع على نجاح المشاركة الإنجليزية بالمونديال، وقد اعتبر اللاعبون الكبار أن ثمة أمورا ينبغي توضيحها أو حلها حتى تمضي إنجلترا في طريقها المفروض. كثيرون تحدثوا عن الضغوط النفسية التي فرضتها الصحافة على اللاعبين خاصة روني الذي لم يقدم شيئا، هل تعتبر ذلك سببا آخرا للإخفاق؟ الإعلام حاول إثارة حماس اللاعبين، ولكن وحتى نكون صرحاء فإننا لم نكن أقوياء بما يكفي، لم يفعل روني شيئا وعدد آخر كبير من اللاعبين لم يظهروا بمستواهم وخذلونا جميعا، ولذلك لم نبلغ الدور ربع النهائي.. والآن ينبغي أن نتعلم من تلك التجربة لكي نعود أقوى في المستقبل. أي المنتخبات أعجبك مستواها في البطولة؟ البرازيل، الأرجنتين، هولندا، غانا وألمانيا قدمت جميعا مستوى طيبا جدا.. وأعجني بشكل خاص مستوى غانا التي نظمت صفوفها جيدا وحققت ما لم يتوقعه منها كثيرون. باستثناء غانا عجزت المنتخبات الإفريقية عن تقديم شيء يذكر في حدثٍ استضافته قارتهم.. لماذا؟ المنتخبات الإفريقية تمتلك لاعبين موهوبين لكنها تفتقد الإلتزام التكتيكي، ولهذا تلجأ الإتحادات الإفريقية عادةً في المونديال للتعاقد مع مدريبن أجانب بهدف فرض نوعٍ من الإلتزام التكتيكي. و ما رأيك حول المنتخب الجزائري؟ الجزائر يقودها مدرب وطني قدمت مستوى جيدا جدا أمام إنجلترا، وكان يمكن أن تذهب لأبعد من الدور الأول لو امتلكت قدرات هجومية أفضل، فلاحظت أنها تملك تشكيلة منسجمة وتعداد لابأس به ولقد أدى مردود لابأس به في المونديال وخاصة في اللقاء أمام المنتخب الإنجليزي، حيث سيطر على المباراة بشكل كبير وكان قادرا على افتكاك النقاط الثلاث. لكن مشكلته كبيرة في الهجوم؟ أظن ذلك لأنه لا يملك عدد كبير من المهاجمين في التشكيلة التي قدم بها إلى جنوب إفريقيا وزادت متاعبه بعد تعرض قلب هجومهم للطرد في المباراة الأولى أمام المنتخب السلوفيني، مما صعّب من مهمتهما وغيابه أثر على الفريق في المباراة الثانية التي لم تجد الحلول اللازمة للوصول إلى المرمى في المبارتين. و هل ترى أن لديها مستقبل؟ هذا الفريق لديه مستقبل ممتاز لو تواصل الإهتمام به وإيجاد حل للمشاكل التي يعاني منها خاصة على مستوى الهجوم، وإن واصل التطور فسيسجل حضوره في المواعيد الكبرى القادمة، لأن الأساس موجود وهو اللاعبين ويبقى فقط بعض التعديلات والرعاية لهذا الجيل القادر على مواصلة التألق، الأمر نفسه عانت منه نيجيريا التي فقدت لاعبها ساني كايتا من دون مبرر أمام اليونان.. لو حافظ هذا اللاعب على هدوئه ولم يطرد لواصلت نيجيريا طريقها في البطولة. والمنتخبات الإفريقية الأخرى؟ أعرف أيضا بوجود مشكلات داخلية داخل معسكري الكاميرون ونيجيريا، والنجاح في كأس العالم لا يمكن تحقيقه في أجواء المشكلات، كذلك تعاقد نيجيريا وكوت ديفوار مع مدربيها في توقيت متأخر للغاية يصعب معه تحقيق نتائج طيبة، وهو درس ينبغي أن تتعلم منه الإتحادات الإفريقية في المستقبل. إعتبر البعض الكرة "جابولاني" مسؤولة عن قلة عدد الأهداف، وندرة الأهداف الجميلة.. هل توافقهم؟ الحقيقة أن جابولاني مشكلة، وهي تبدو أقرب إلى كرة الشواطىء منها ككرة قدم، رأينا نجوما كبار يسددون في المدرجات، أو بعيدا جدا عن المرمى.. فهذه الكرة تطير في كل الإتجاهات، وثمة شيء خاطئ بها طبعا. الحديث عن الأحوال الأمنية في جنوب إفريقيا شغل الجميع قبل المونديال، والبعض تنبأ بحدوث مشكلات كبيرة أو حتى سقوط قتلى بين الجماهير.. كيف عايشت الأمر؟ تجربتي في جنوب إفريقيا كانت رائعة، قمت برحلة طيران استغرقت 11 ساعة من إنجلترا حتى هنا ولم أشعر بالندم أبدا، وبرغم كل مزاعم الإعلام، فإن البلد جميل وودود، والتنظيم رائع، هذه المرة جئت لمتابعة المونديال ولكنني سأعود مرة أخرى لأقضي إجازتي بين شعب يجيد التعامل مع ضيوفه والترحيب بهم.