استغرب الكثير من الملاحظين موقف بعض محاميي الدفاع الذين انتقدوا استشهاد النائب العام في مرافعته بآيات من القرآن الكريم، إلى درجة أن أحدهم قالها صراحة في مرافعته في حق أحد المتهمين المتابعين بجنحة الرشوة واستغلال النفوذ وتلقي امتيازات، في حين أن محاميا آخر قال في حديث جانبي مع أحد زملائه أنه يرفض استخدام ما أسماه القانون القرآني خلال هذه المحاكمة. وذلك في إشارة كذلك إلى مداخلة النائب العام التي لعب فيها كثيرا على مشاعر الحاضرين ونجح في ذلك بدليل أنه أستطاع أن يسيل دموع الكثيرين منهم، خاصة عندما كان يوظف آيات القرآن الكريم في عدة مناسبات. غير أن وجه الغرابة في أمر هؤلاء المحامين هو عدم اعتراضهم على قيام الكثير من زملائهم على الإستشهاد بمواد من القانون الفرنسي خلال مرافعاتهم في حق موكليهم، والأكثر من ذلك حسب ما لاحظت الشروق أن مواد القانون الفرنسي لم تكن مجرد أمثلة تذكر في سياق الحديث، بل إن بعضهم يعتبرها دليلا ضد الإتهامات التي يواجه بها موكليهم. وحتى إن كان أحد المحامين قد أكد أنه ليس عيبا الإستدلال بمواد من القوانين الفرنسية المختلفة، بحجة أن القانون الجزائري أصلا مستوحى من القانون الفرنسي، فإن المشكلة والتناقض وقع عندما تجرأ البعض على انتقاد الإستشهاد بالآيات القرآنية في مرافعة النائب العام وحتى في مرافعات بعض المحامين، ذلك أنه توجد قوانين جزائرية مستوحاة من روح الشريعة الإسلامية، وهذا الأمر هو الذي اعتبره البعض إهانة للقرآن الكريم (القانون الأسمى) بالسكوت عن استشهاد البعض بالقانون الفرنسي، وكأن الرسالة التي يريد بعض محاميي الدفاع إيصالها هي أن القانون الفرنسي صالح للإستعانة والإستشهاد في هذه المحاكمة، والقانون القرآني غير صالح لذلك، وهنا وجه الخطورة حسب ذات المتحدث. هذا وتجدر الإشارة أنه بغض النظر عن هذه القضية الخطيرة في نظر الكثيرين، فإن الغالبية الساحة من المحامين خرقت قانون المحاماة الذي ينظم مهنتهم، والذي ينص صراحة في أحد مواده على أن مرافعات الدفاع يجب أن تتم باللغة العربية، وهو ما لم يلتزموا به ووجدوا راحتهم بالمرافعة باللغة الفرنسية، رغم أن القاضية فتيحة ابراهيمي نبهتهم عدة مرات وقالت إن قانون المحاماة (قانونكم) يمنع ذلك في مادته الثانية، لكن ذلك بدون جدوى، حيث واصل أكثرهم مرافعاته باللغة الفرنسية رغم أن كل من في القاعة ينطقون باللغة العربية، اللهم إلا المتهم الوحيد جون برنار فيلان الذي يبدو أنه وجد متنفسا مع هؤلاء (الخارجون عن قانون المحاماة)؟!. نسيم لكحل: [email protected]