يتحدث الدكتور زغلول النجار في هذا الحوار الحصري والجريء الذي خص به "الشروق" عن عشقه الكبير للجزائريين وتأثره بتاريخهم ونصرتهم للقضية الفلسطينية، ويتطرق إلى قضية تطاول بعض المحسوبين على السلفية في الجزائر على الإخوان والصوفية، كما يبدى رأيه في العديد من القضايا الدولية التي أثارت جدلا واسعا على غرار اعتقال علماء في السعودية والأوضاع في مصر وسوريا، ويقف عند الأخطاء التي تحملها كتب تفسير القرآن الحديثة في تفسير الآيات الكونية والعلمية، ويختم حديثه بالدعاء لشهداء الطائرة العسكرية، داعيا عائلاتهم إلى الصبر واحتساب الأجر . زرت الجزائر في العديد من المناسبات، ماذا وجدت في الجزائريين دون غيرهم؟ في البداية، أشكركم وأشكر جريدتكم "الشروق" الموقرة على هذا الحوار، متمنيا لكم التوفيق والسداد ودوام الريادة والتألق. الجزائريون شعب عظيم وشجاع، ثورتهم التحريرية ألهمت الشعوب العربية وتحولت إلى رمز للتحرر والإيمان والإرادة، وجهادهم ضد المستعمر الفرنسي لا زال مثالا يقتدى به في الشجاعة والقوة والصبر، فليس من السهل أن تتغلب على قوة استعمارية غاصبة مثل فرنسا وتطردها شر طردة بوسائل شبه بدائية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على بسالة الثوار وإيمان الجزائريين بقضيتهم التحررية، ما جعل المؤرخين يصنفون الثورة الجزائرية كأعظم ثورة في القرن العشرين، ولا زالت تدرس في المدارس والجامعات العربية تحت شعار "ثورة المليون ونصف المليون شهيد..". كلما ذكرت فلسطين إلا وتذكر الجزائر، ما هو السر في هذا الربط؟ الجزائريون معروفون بنصرة القضية الفلسطينية على عكس الكثير من الدول العربية التي باعت القضية وأدارت ظهرها للفلسطينيين. فاليهود هم شعب غاصب ومحتلون يجب طردهم بالجهاد، ونصرة إخواننا المرابطين على الثغور، وأنا لم أر شعبا يعشق فلسطين ويهب لنصرتها مثل الجزائريين والتاريخ يشهد على ذالك، وشعار "نحن مع فلسطين ظالمة او مظلومة" خير دليل على ذلك، كما أن الجزائر احتضنت الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، والمساعدات الجزائرية للمحاصرين في غزة لا تنقطع، والجزائر معروفة بنصرتها أيضا للقضايا العادلة ومختلف الشعوب العربية والإسلامية. بعض زعماء "السلفية" في الجزائر أخرجوا الإخوان والصوفية من أهل السنة والجماعة، ما تعليقك عن الموضوع؟ بداية، أتأسف على مثل هذه الخرجات الشاذة لأشباه السلفية الذين تحولوا إلى أبواق لتنفيذ مخططات غربية لضرب الإسلام المعتدل والوسطية من خلال حملات التكفير والإقصاء التي تتناقض مع جوهر الدين ومبادئ الإسلام، وبالنسبة إلى إخراج الإخوان من أهل السنة والجماعة واتهامهم بتهم باطلة فهو تكفير مبطن يعود لنجاح هذه الجماعة التي يزيد عمرها عن 80 سنة في تقديم إسلام معتدل وسطي على نهج السلف الصالح، وهي معروفة باعتدالها ووسطيتها ومواقفها المشرفة، وأنا أدعوا الذين تجرأوا على الإخوان إلى دراسة ماضي هذه الحركة العريقة قبل الافتراء عليها وفهم جيد للإسلام، فهم حسب رأيي لا يعرفون حقيقة الإسلام. ما رأيك في حملات الاعتقال التي طالت علماء ودعاة في السعودية؟ ما تعيشه السعودية حاليا من حملات اعتقال ضد العديد من الدعاة والعلماء الربانيين المشهود لهم بالاعتدال والوسطية هدفه تشويه الإسلام والانصياع لمخططات غربية في صناعة إسلام جديد على الطريقة الأمريكية يؤطره علماء باعوا أنفسهم ومواقفهم، وهذا ما جعلنا نشاهد تناقضات في الفتاوى بإباحة المحرمات والانفتاح المفضوح على كل ما يأتي من الغرب، ونحن جد متأسفين لما يحدث في أرض الحرمين من تطورات مخيفة تمهد لعهد جديد من التميع والانسلاخ عن المبادئ والقيم التي طالما ألفها المجتمع السعودي المحافظ. تنبأتم قبل سبع سنوات بالانقلاب على الإخوان في مصر واستحالة استمرار مرسي في الحكم..؟ أيقنت منذ سنوات طويلة أن الغرب وعلى رأسهم أمريكا واليهود لن يسمحوا للإسلاميين بالوصول إلى الحكم، وهم مستعدون على تدمير دول واستباحة شعوب بأكملها لمنع الجماعات الإسلامية المعتدلة من قيادة الشعوب العربية، وهذا ما دفعني إلى نصح الإخوان في مصر بالاكتفاء بالمشاركة والاستحواذ على البرلمان وتسيير وزارات سيادية وعدم التورط في الترشح للرئاسيات، لأن الأمر سينقلب عليهم، ويدمر كل ما بنوه خلال السنوات الطويلة، غير أنهم لم يسمعوا النصيحة وأصروا على المشاركة في الرئاسيات وقيادة البلاد في عهد ميزته الفوضى وتصفية الحسابات وتراجع الإيرادات.. فحدث ما حدث، وتحول الإخوان إلى السجون بعد مؤامرة دولية ضدهم، والمهم أن يستفيد الإخوان اليوم من هذه التجربة.. انتقدتم كثيرا بشار الأسد كيف تقيمون الأوضاع في سوريا؟ ليس من شأني التدخل في الشؤون الداخلية للدول، لكن ما يحدث في سوريا من تقتيل وتنكيل وتعذيب وإبادات جماعية وتهجير تجاوز كل الحدود بسبب شهوة الحكم، فالرئيس السوري بشار الأسد فضل الاستعانة بالأجانب من اجل الاستمرار في الحكم فوق جماجم القتلى، وأنا شخصيا ضد بشار الأسد وحاشيته، وما يعيشه السوريون اليوم لم تتنبأ به أسوأ السيناريوهات، ولم نشاهده حتى في أفلام الرعب وقصص الخيال.. هل تواكب كتب التفسير ما أثبته العلم الحديث من إعجاز في القرآن؟ للأسف الشديد، العرب مازالوا متأخرين في مواكبة الفتوحات العلمية الجديدة التي كشف عنها القرآن منذ أربعة عشر قرنا، فأغلب كتب التفسير تقدم شرحا سطحيا وتقليديا للآيات العلمية والكونية في القرآن الكريم أغلبها خاطئ وتجاوزه الزمن، والغريب في الأمر أن 10 علماء مختصين في تفسير القرآن في السعودية ألفوا مجلدا مختصرا في تفسير القرآن طبعت منه ملايين النسخ الفاخرة بمختلف اللغات، وعندما اطلعت عليه وجدت فيه الكثير من الأخطاء في تفسير الآيات العلمية والكونية، والمشكل أننا نسوق هذه الأخطاء إلى مختلف الشعوب العربية والغربية، وهذا بسبب عدم مواكبة علماء التفسير للتقدم العلمي في الإعجاز في الكتاب والسنة، والذي يتطلب منا جهدا كبيرا لتقديم تفسير صحيح للقرآن. تأثرت كثيرا بفاجعة استشهاد 257 جزائري في سقوط طائرة عسكرية.. كلمة ختامية لعائلات الضحايا.. تأثرت أيما تأثر باستشهاد عدد كبير من الجزائريين في سقوط الطائرة العسكرية في بوفاريك، وأنا يومها كنت في زيارة للعاصمة الجزائرية وتابعت باهتمام كبير تطورات القضية وعشت حزن الجزائريين على شهدائهم، أقول لعائلات الضحايا اصبروا واحتسبوا أجركم عند الله، فالشهيد يشفع يوم القيامة لسبعين فردا من عائلته، وضحايا الطائرة نحسبهم شهداء، وعلى عائلاتهم الفرح والبشرى والصبر، لأن الله سيجزي الصابرين في الدنيا والآخرة دون حساب. الدكتور زغلول النجار في سطور زغلول راغب محمد النجار، هو عالم مصري مصنف كأول مرجع في الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، ولد يوم 17 نوفمبر سنة 1933، وهو باحث في مجال الجيولوجيا، درس في كلية العلوم جامعة القاهرة وتخرج منها سنة 1955م بمرتبة الشرف، وكان أول دفعته، فمنحته الجامعة جائزة بركة لعلوم الأرض، ثم تحصل على دكتوراه في علوم الأرض من جامعة ويلز ببريطانيا سنة 1963م، ومنحته الجامعة درجة زمالتها فيما بعد الدكتوراه، حصل على الأستاذية "درجة البروفيسور" وذلك سنة 1972م، وكُرِّم بالحصول على جائزة الدكتور مصطفى بركة في علوم الأرض، وهو أحد مؤسسي الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة. عمل في شركة صحارى للبترول وفي المركز القومي للبحوث بالقاهرة وكذلك عمل في مناجم الفوسفات في وادي النيل ومناجم الذهب بالبرامية (صحراء مصر الشرقية)، وفي مناجم الفحم بشبه جزيرة سيناء وفي كل من جامعات عين شمس (القاهرة)، الملك سعود بالرياض، جامعة ويلز (المملكة المتحدة)، وجامعات الكويت وقطر ومعهد الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران، كما عمل أستاذا زائرا في جامعة كاليفورنيا، ومستشارا للتعليم العالي بالمعهد العربي للتنمية بالخبر بالسعودية ومديرا لجامعة الأحقاف باليمن ومديرا لمعهد مارك فيلد للدراسات العليا في بريطانيا، ورئيسا للجنة الإعجاز العلمي للقرآن بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمصر. شارك في تأسيس قسم الجيولوجيا في كل من جامعات الرياض والكويت والملك فهد للبترول والمعادن في الظهران وتدرج في وظائف هيئة التدريس حتى حصل على درجة الأستاذية وعلى رئاسة قسم الجيولوجيا في جامعة الكويت سنة 1972 م، وفي جامعة قطر سنة 1978م/ أشرف على أكثر من 35 رسالة ماجستير ودكتوراه في قسم جيولوجية كل من مصر، والجزيرة العربية، والخليج العربي، عمل عضوا في العديد من الجمعيات المحلية والعالمية. اختير عضوا في هيئة تحرير مجلات علمية أروبية وأمريكية وعربية شهيرة. عمل مستشارا علميا لكل من مؤسسة روبرستون للأبحاث ببريطانيا، ومستشارو النفط العرب الكويت، وبنك دبي الإسلامي بدولة الإمارات العربية المتحدة. تحصل على الكثير من الجوائز منها جائزة مسابقة التوجيهية، وزارة التربية والتعليم بمصر (1951 م) وكان أول الحاصلين عليها، جائزة بركة لعلوم الأرض بجامعة القاهرة (1955 م) وكان أول الحاصلين عليها، جائزة روبرتسون للأبحاث فيما بعد الدكتوراه بجامعة ويلز بريطانيا سنة 1963 م-1967م. جائزة أفضل البحوث المقدمة لمؤتمر البترول العربي سنة 1970 -1972م، وجائزة أفضل البحوث المقدمة لمؤتمر الأحافير الدقيقة الطافية بكل من جنيف بسويسرا (1967م)، روما – إيطاليا عام 1970م. منح العديد من شهادات التقدير من مؤسسات عربية وأجنبية، منح جائزة رئيس جمهورية السودان التقديرية، وسام العلوم والآداب والفنون الذهبي عن سنة 2005م. وفيما يتعلق بالإنتاج العلمي له أكثر من مائة وخمسين بحثا ومقالا علميا منشورا، وخمسة وأربعين كتابا باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية.