صادق مجلس الشيوخ الأمريكي، مساء السبت، على تعيين القاضي المحافظ بريت كافانو عضواً في المحكمة العليا، لتنتهي بذلك أسابيع من السجالات والمواجهات السياسيّة الشرسة التي تخلّلتها اتهامات للقاضي بارتكاب اعتداء جنسي عندما كان شاباً. وحصل كافانو الذي نفى هذه الاتهامات بشكل قاطع، على غالبية ضئيلة في مجلس الشيوخ (50-48)، وقدّم بذلك انتصاراً سياسياً مهماً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يريد تعزيز موقع الجمهوريين قبل شهر من انتخابات منتصف الولاية. وغرّد ترامب الذي دافع بشدة عن كافانو قائلاً: “أهنئ مجلس الشيوخ على تثبيت مرشحنا الرائع”. وأضاف أنه سيوقع “في وقت لاحق اليوم على التعيين، وسيقسم (كافانو) اليمين رسمياً”. وكان ترامب استبق نتيجة التصويت، السبت، فغرد على تويتر مُشيداً ب”يوم عظيم لأمريكا”. I applaud and congratulate the U.S. Senate for confirming our GREAT NOMINEE, Judge Brett Kavanaugh, to the United States Supreme Court. Later today, I will sign his Commission of Appointment, and he will be officially sworn in. Very exciting! — Donald J. Trump (@realDonaldTrump) October 6, 2018 واعتقلت الشرطة الأمريكية، السبت، عدداً من المتظاهرين الذين تجمعوا على بُعد أمتار من مدخل مبنى الكابيتول حيث مقر الكونغرس، على الرغم من الطوق الأمني الذي أغلق المنطقة المحيطة بالمبنى. وتمكن نحو 150 شخصاً من أصل 2000 متظاهر، معظمهم نساء، من اختراق العوائق الموضوعة خارج المبنى. وشاهد مراسل وكالة فرانس برس أكثر من 60 متظاهراً مكبّلي الأيدي بالأصفاد وهم يرفعون قبضاتهم المغلولة، تُرافقهم الشرطة. وهتف المتظاهرون ضد كافانو، رافعين لافتة ضخمة على الجهة الشرقية للمبنى المواجه لمبنى المحكمة العليا كُتب عليها “نوفمبر اقترب”، في إشارة إلى انتخابات منتصف الولاية. وبعد تثبيته، أقسم القاضي كافانو اليمين الدستورية لينضم بذلك إلى أعلى محكمة في الولاياتالمتحدة والتي تتحقق من دستورية القوانين وتفصل في أكثر النزاعات الشائكة في المجتمع الأمريكي مثل الحق في الإجهاض وعقوبة الإعدام وتنظيم حيازة الأسلحة النارية وزواج المثليين وحماية البيئة. وبوصول هذا المدافع المتحمس عن القيَم المحافظة إلى المحكمة العليا، يُصبح القضاة التقدميون – أربعة من أصل تسعة – أقلية على امتداد عقود في المحكمة العليا. وقال زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل عبر شبكة فوكس نيوز: “إنه يوم عظيم لأمريكا”، مهنئاً زملائه لأنهم “رفضوا الرضوخ لذاك الضغط الهائل”. ويُشكّل هذا الأمر انتكاسة للديموقراطيين والناشطين في مجال الحقوق المدنية الذين تحركوا منذ ترشيح كافانو في جويلية لمنع تثبيته، فنظموا حملات إعلامية وتظاهرات وتواصلوا مع أعضاء مجلس الشيوخ المعتدلين. “لا شيء” في التقرير وكان القاضي بريت كافانو ضامناً تثبيته عندما خرجت امرأة من الظل في منتصف سبتمبر واتهمته بمحاولة اغتصابها خلال أمسية لطلاب مدرسة ثانوية في العام 1982. كان لهذه الاتهامات وقع هائل في بلد حساس إزاء مسألة العنف الجنسي منذ فضح ممارسات المنتج هارفي واينستين وعشرات من أصحاب النفوذ في أعقاب انطلاق حركة “#مي_تو” (أنا أيضاً). وخلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ تابعها 20 مليون أمريكي، قالت كريستين بلازي فورد، وهي أكاديمية في الحادية والخمسين من العمر، إنها “متأكدة بنسبة 100 في المائة” من أن كافانو هو الذي حاول اغتصابها في حين كانت في ال15 وكان هو في ال17. لكن كافانو أكد براءته وقال إنه ضحية مكيدة يُدبرها اليسار المتطرف. هنا طلب مجلس الشيوخ تحت ضغط أعضاء لم يحسموا موقفهم تكليف مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) إجراء تحقيق إضافي، وقدّم الإف بي آي، الأربعاء، تقريراً أيد موقف الجمهوريين الذين لم يجدوا فيه “شيئاً” يدين القاضي وباشروا على الفور المرحلة النهائية من عملية التثبيت. من جانبهم، اعتبر محامو بلازي فورد، أن التحقيق الإضافي غير مرض وقالوا في بيان، إن “تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي لم يتضمن مقابلة الدكتورة فورد والقاضي كافانو ليس تحقيقاً ذا مغزى”. “ليس الرجل المناسب“ قرّر أعضاء مجلس الشيوخ، الجمعة، خلال تصويت إجرائي إغلاق مناقشاتهم وكشفوا في الوقت نفسه عن قرارهم. ومن بين أربعة كانوا مترددين، قال ثلاثة إنهم سيصوتون لصالح تثبيت كافانو، هم الجمهوريان جيف فليك وسوزان كولينز والديموقراطي جو مانتشين. وظلت الجمهورية ليزا موركاوسكي على موقفها المعارض. وقالت للصحفيين، إن “بريت كافانو ليس الرجل المناسب للمحكمة الآن”. وقالت، ليل الجمعة، أمام مجلس الشيوخ: “آمل أن يكون (القاضي كافانو) حكَماً محايداً وقوة استقرار”. كذلك بررت سوزان كولينز موقفها في خطاب طويل أمام زملائها قائلة، إن القاضي كافانو يستحق “قرينة البراءة” في غياب عناصر تدعم التهم الموجهة إليه. وفي حين أقرت كولينز، بأن شهادة فورد كانت صادقة ومؤلمة وقوية، قالت “لا أعتقد أن هذه الاتهامات يُمكن أن تكون منصفة في منع كافانو من العمل في المحكمة”. يبقى معرفة مدى تأثير هذا التصويت على الانتخابات البرلمانية في 6 نوفمبر، فهل سيدفع النساء للتصويت لصالح الديموقراطيين؟ وهل سيبدي المحافظون امتنانهم للجمهوريين أم تتراجع حماستهم بعدما نالوا ما كانوا يريدونه؟ ستأتي الإجابة بعد شهر. #UPDATE Conservative US judge Brett Kavanaugh was confirmed to the Supreme Court Saturday by a razor-thin margin in the Senate, ending months of partisan rancor over his nomination and offering Donald Trump one of the biggest victories of his presidency https://t.co/E8UCkgZizm pic.twitter.com/7vFQJrgd9T — AFP news agency (@AFP) October 7, 2018