عندما نشر الاتحاد الجزائري لكرة القدم عبر موقعه الإلكتروني خبر الاستعانة بتقنية الفيديو"var"، التي جاءت برغبة من "الفيفا" في مواكبة التطور ومحاولة التقليل من أخطاء الحكام، مناشدة كل الاتحادات الكروية بتعميم العمل بهذه التقنية التي استخدمت مؤخرا في عدد من الدول وبعض المنافسات القارية والدولية، آخرها نهائيات كأس العالم بروسيا، ونهائي رابطة الأبطال الإفريقية، قلت في نفسي ما الذي يجعل مسؤولينا يلجؤون إلى هذه التقنية الجديدة. القائمون على "الفاف" وحتى الرابطة المحترفة لم يجدوا حلولا لأبسط المشاكل التي تحدث أسبوعيا في ملاعبنا، من سوء برمجة وظاهرة العنف والرشوة التي أصبحت حديث وسائل إعلام أجنبية، لكنهم فضلوا تجريب تقنية الفيديو في بلدنا، وهم متيقنون من عدم جاهزية ملاعبنا لتطبيق هذه التقنية التي عجزت عنها حتى أكبر البلدان، فما عدا بعض البطولات التي تعد على الأصابع فإن معظم الاتحادات المنضوية تحت غطاء اتحاد "أنفانتينو" لا يمكنها وحتى لسنوات طويلة، استخدام هذه التقنية التي تتطلب أموالا باهظة لاستعمالها، وتجهيزات كبيرة وظروفا مواتية من الصعب تحقيقها في بطولتنا المحلية التي لا تزال تسير إلى الوراء مخلفة مشاكل يصعب إيجاد حلول لها، فعندما شاهدنا ما حدث في لقاء المولودية أمام اتحاد بلعباس من أخطاء تحكيمية غير مفهومة، وعنف وسب وشتم في المدرجات، علينا أن ننادي وبصوت مرتفع كفانا نفاقا… وكفانا رداءة، فالذي يحدث أسبوعيا في كل الملاعب الجزائرية لا يتقبله العقل، أبناؤنا في خطر ولا أحد دق ناقوس الخطر. عندما عرفت أن تطبيق هذه التقنية مكلف جدا من الناحية المالية، كما تستوجب الاستعانة ب33 كاميرا في المباراة الواحدة حسب معايير الاتحاد الدولي لكرة القدم، فضلا عن توفير قاعة تحكم مركزية وسيارات بث، فإن أقل تكلفة لتطبيق هذه التقنية في الجزائر قد تصل إلى 200 مليون سنتيم، وهو مبلغ لن تستطيع "الفاف" توفيره في ظل ما يحدث في الكرة الجزائرية، إضافة إلى عدم توفر المناخ المناسب لتطبيق هذه التقنية، فعندما نسمع أسبوعيا تصريحات من المدربين واللاعبين وبعض المسيرين يدعون فيها وبشتى الطرق إلى العنف، لا أرى أي جدوى من اللجوء إلى هذه التقنية التي بقدر ما تقلل من أخطاء الحكام فإنها تقتل نشوة كرة القدم، وتقتل أيضا الفرحة الأولى لدى المناصر الذي أصبح ينتظر جهازا إلكترونيا للتعبير عن فرحته. لست متشائما أو ضد التطور التكنولوجي في كرة القدم، لكن أن يلعب بمشاعرنا مسؤولون يريدون ذر الرماد في العيون، ليقول الجميع إن الكرة الجزائرية بخير، فهذا المعتقد هو بعيد عن الحقيقة، وهذه التقنية لن تنجح في مثل هذه الظروف. عندما نغير عقليتنا ونتقبل الخسارة بكل روح رياضية، ونصفق للفائز والخاسر، ونطلب من الجميع التحلي بالروح الرياضية، يومها نطبق تقنية الفيديو، ونتقبل كل القرارات بكل روح رياضية، أما اليوم فملاعبنا متعفنة ومملوءة بشياطين الكرة، الذين لا يهمهم في آخر المطاف سوى ملء جيوبهم على حساب الشرف الغائب عن محيطنا الكروي.