خرج مواطنون في مسيرات سلمية عبر الجزائر العاصمة والعديد من ولايات الوطن للجمعة ال24 على التوالي، مجددين مطالبهم ب”التغيير الجذري” و”رحيل رموز النظام السابق”، وتأكيد الارتباط بالوطن وتغليب مصلحة “الجزائر فوق كل اعتبار وفوق كل الخلافات الفئوية والتجاذب السياسي والحسابات الضيقة”، مع الإسراع في التأسيس لمرحلة جديدة تقودها شخصيات وطنية مخلصة ونزيهة وتحظى بثقة الشعب، وتعمل على إنهاء الأزمة وانتخاب رئيس للجمهورية، مشددين على ضرورة إعادة الاعتبار للشخصيات التاريخية والوطنية التي ضحت بالنفس والنفيس من أجل تحقيق الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية. واصل العاصميون المسيرات الشعبية السلمية، بتجديد نفس المطالب المرفوعة منذ بداية الحراك، متمسكين بالتغيير الجذري ورحيل جميع رموز نظام بوتفليقة، حيث لم تثن حرارة ورطوبة شهر أوت المتظاهرين من الخروج إلى الساحات وشوارع العاصمة التي اعتادوا ارتيادها والتجمهر بها منذ 22 فيفري الماضي، لاسيما الفضاءات المحاذية لساحة البريد المركزي وشارعي عميروش وزيغود يوسف، إلى جانب ساحات أول ماي، موريس أودان، الشهداء، حيث رفعوا شعارات عبروا فيها عن تمسكهم بأهمية الوحدة الوطنية وجددوا المطالبة برحيل جميع رموز الفترة الماضية وإرساء دولة مؤسسات تسودها العدالة والإنصاف، مع ضرورة إيجاد حل توافيق للخروج من الأزمة الحالية قبل فوات الأوان. نريد لمن يحاور أن يبكي على الجزائر في حدود الساعة الواحدة و45 دقيقة زوالا، أي مباشرة بعد انقضاء صلاة الجمعة، توافدت حشود المواطنين نحو وسط العاصمة والجزائر الوسطى على وجه التحديد، حيث ساروا في مختلف الشوارع الرئيسة، كالعربي بن مهيدي، وديدوس مراد، وحسيبة بن بوعلي، وعسلة حسين، وزيغود يوسف والجامعة المركزية، وسط مرافقة أمنية مشددة وتعزيزات كبيرة لوحدات مكافحة الشغب والعناصر الأمنية بالزي الرسمي والمدني، مع تسلسل المركبات التابعة للشرطة، بدءا من ساحة البريد المركزي إلى غاية ساحة موريس أودان، حيث ردد المتظاهرون شعارات تدعو للوحدة واللحمة الوطنيتين والديمقراطية على غرار: “وحدة الجزائر خط أحمر” و”يدا بيد لبناء جزائر الغد ، إلى جانب ترديدهم لأناشيد وطنية بما فيها النشيد الوطني “قسما”. إلى ذلك، دعا المتظاهرون إلى الإسراع في إيجاد الحلول، من خلال فتح قنوات الحوار مع شخصيات تحظى بثقة الشعب، وإبعاد كل رموز العصابة والمتسببين في الوضع الذي آلت إليه البلاد، حيث رفع المتظاهرون في هذا الشأن لافتات عديدة تكرس تطلعاتهم من بينها “نعم لحوار شامل بين كل الجزائريين بإشراف النزهاء”، “لا لحوار وانتخابات بإشراف رموز العصابة”، “ذهاب بدوي وحكومته مطلب لا رجعة فيه”، “نعم للحوار لا للوصاية والإقصاء”، وكذا “لا يونس لا عرعار .. الشعب صاحب القرار”. كما طفت في مسيرة الجمعة العديد من الشعارات الجديدة مثل: ” نريد لمن يحاور أن يبكي على الجزائر دما.. ولا حوار من أجل إنقاذ عصابة فرنسا”، وكذا “اللهم ارزق الجزائر رجلا يملك من الحكمة ما يوحد به الأمة ويزيل عنها الغمة”، فيما لفت أحد المتظاهرين الأنظار من خلال رفعه ليافطة كبيرة كتب عليها “الحل النهائي: 2020 2035 جمهورية الخلاص الوطني: حكم تكنوقراطي + التقشف + شعب نشيط + تنظيم النسل + تنظيف المحيط… 2035: الجمهورية الجزائرية الجديدة: حكم ديمقراطي + اقتصاد منتج + شعب مزدهر”. “الجزائر أمانة”.. تدوي في ساحات الحراك وعلى غرار الجمعات الماضية لم يفوت الحراكيون أمس فرصة المطالبة بمواصلة محاسبة أفراد العاصبة وباركوا العمل الكبير الذي تقوم به المحكمة العليا التي ضربت بيد من حديد كبار المسؤولين السابقين، مع إصرارهم على زج جميع المتورطين في الفساد وناهبي المال العام في السجون، إذ رفعوا العديد من الشعارات مثل “محاسبة وزراء التربية بن بوزيد وبن غبريط مفسدي التعليم”، و”نريد تغيير سفراء العصابة في الخارج”، وكانت أغلب الشعارات التي حملتها أيادي المحتجين، بالعاصمة، تصب في خانة مطالبة جهاز العدالة بمواصلة القبض على رموز النظام السياسي السابق، دون استثناء، مرددين بهتاف موحد “الجزائر أمانة”. من ثلوج فيفري إلى حرارة أوت.. نفس الإصرار في الجمعة 24 حرارة استثنائية عرفتها مختلف الولايات في الجمعة 24 والتي تزامنت مع أحداث كثيرة، من بينها مستجدات مسار الحوار والحرائق التي أبادت الغطاء النباتي والحيواني في الفترة الأخيرة، خاصة في شرق البلاد، وهو ما جعل الكثير من المشاركين في مسيرات الجمعة يرفعون شعارات تندد بالمجرمين، الذين أبادوا الغطاء النباتي وأفقدوا الكثير من رموز المنطقة الطبيعية، على غرار تيزي وزو وبجايةوقسنطينة التي ضاعت غاباتها التي اشتهرت بها، وطالب المتظاهرون بضرورة سن قوانين ردع سريعة، وجرّ كل من يتورط في حرق الغابة إلى العدالة. البجاويون: الشعب هو صاحب القرار.. الشعب هو البطل! خرج البجاويون، في مسيرة حاشدة رغم موجة الحر الاستثنائية، تزامنا والجمعة رقم 24، جابوا من خلالها شوارع مدينة بجاية انطلاقا من دار الثقافة “الطاوس عمروش” وصولا إلى ساحة حرية التعبير “سعيد مقبل”، فالمدينة القديمة وبعدها الميناء، للإلحاح على ضرورة تحقيق القطيعة مع النظام البوتفليقي الفاسد، برحيل كل رموزه، وحناجرهم تردد شعارات “أولاش السماح أولاش” و”بدوي ارحل وبن صالح ارحل” وغيرها من الهتافات التي تدعو في مجملها إلى ضرورة تحقيق التغيير الحقيقي برحيل كل رموز النظام الفاسد ومحاسبتهم. من جهة أخرى، أوضح العديد من المواطنين أن رحيل بن صالح وبدوي وأعضاء الحكومة “بات أكثر من ضروري من أجل الشروع في بناء دولة جديدة بعيدا عن الفاسدين والمفسدين، الذين دمروا البلاد ومستقبل أبنائها خلال حكم بوتفليقة”، حيث تساءل أحد المواطنين في هذا الشأن “عندما تلقي القبض على لص داخل منزلك، فهل تسلمه لرجال الأمن أم تتحاور معه؟”.. أما مواطن آخر فقد أشار إلى أن “الجميع يريد تنظيم انتخابات رئاسية.. لكن الحراك، الذي لا يمثله أيا كان، لن يقبل بذلك إلا عندما تتوفر الشروط التي تضمن نزاهة هذه الانتخابات حتى لا نتفاجأ ببوتفليقة 2”. وأصر المشاركون في مسيرة بجاية على ضرورة إطلاق سراح ما أسموه “معتقلي الرأي” وباحترام الحريات الشخصية، كما طالبوا بمحاسبة كل الذين نهبوا أموال الشعب “من صغيرهم إلى كبيرهم ومن دون استثناء”، وأكد المشاركون في مسيرة الجمعة 24 عزمهم على مواصلة الحراك إلى غاية تطهير البلاد من المفسدين بشعار “ما يبقى في البلاد غير ولادها.. والشعب هو صاحب القرار وهو البطل.. فلا داعي للمراوغات وتضييع المزيد من الوقت”، وقد تم خلال مسيرة بجاية رفع أطول راية وطنية تحمل أرقام وأسماء جميع ولايات الوطن من 1 إلى 48 عنوانها الوحدة. “نريد سجن محرق جبل الوحش” في مسيرة قسنطينة لم يثن الصيف بعطلته وأيضا بحرارته القياسية التي تجاوزت زوال أمس الأربعين في مدينة قسنطينة، أهل المدينة بالبقاء أوفياء للحراك الشعبي الذي دخل جمعته الرابعة والعشرين، ولكن هذه المرة بمزيد من الوعي من المواطنين الذين بدوا متأثرين جدا بما حدث في حظيرة جبل الوحش المعروفة باسم رئة المدينة وهي المنطقة الغابية الوحيدة، التي تستقبل أهل المدينة لقضاء فترة الراحة وأيضا لممارسة الرياضة. وقد عبر المواطنون من خلال لافتات بتنديدهم لصمت الحكومة وعجزها الكامل عن حماية الغابات وطالبوا باستقالتها وخاصة الوزراء الذين تدخل الغابة ضمن اهتماماتهم ومنها وزارة البيئة. المواطنون طالبوا بمعاقبة من تسببوا في حرق غابة جبل الوحش وأن لا يقل مصيرهم عن مصير العصابة القابع بعض روادها في الحبس. انتفاضة ضد العصابة ومحرقي الغابات بسكيكدة عبر السكيكديون المشاركون في المسيرة السلمية رقم 24 للحراك، عن استيائهم الشديد للحرائق العديدة التي تندلع كل يوم في مختلف ربوع الولاية، أين خلفت الرعب والهلع وسط العائلات بشرقها وغربها وشمالها وجنوبها، حيث لا يمر يوم إلا وأحصت مختلف فرق الإطفاء التابعة للحماية المدنية لولاية سكيكدة، ما يزيد عن 6 حرائق، ولعل أخطرها ذلك الحريق الذي شب بقرية قرقورة التابعة لبلدية بني زيد والتي حولت المنطقة إلى رماد، أين حاصرت ألسنة اللهب السكان الذين نجوا بأعجوبة من موت محقق. كما طالبوا الجهات المعنية التصدي لهذه العصابة، موجهين سهام الاتهام إلى مافيا الفحم، بعد تعدد نشوب الحرائق تزامنا مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، بشكل يثير الشك والاستفهام مع اشتعال ألسنة النيران بشكل مستقيم متواز في غابة واحدة، ونشوبها في الأدغال وغابات الصنوبر والبلوط، بدافع استغلالها في بيع الفحم، في مشهد يعزز فرضية الافتعال والتعمد. حرائق الغابات في قلب اهتمامات المتظاهرين بقالمة واصل ظهر أمس، سكان ولاية قالمة، خروجهم إلى الشارع في الجمعة الرابعة والعشرين على التوالي، مؤكدين تمسكهم بمطالبهم المرفوعة منذ بداية الحراك الشعبي، والمتمثلة في ضرورة رحيل رئيس الدولة عبد القادر بن صالح ورحيل نور الدين بدوي وحكومته. المتظاهرون الذين تجمعوا كالعادة في قلب مدينة قالمة بشارع سويداني بوجمعة، لم تمنعهم درجات الحرارة المرتفعة والتي فاق مقياسها ال45 درجة مئوية ظهر أمس، من الخروج للتعبير عن رفضهم القاطع للانتخابات في ظلّ وجود رموز النظام السابق وهتفوا “لا انتخابات مع العصابات”، كما رفع بعضهم لافتات تطالب بضرورة محاسبة المتسببين في إشعال النيران في الغابات عبر مختلف ولايات الوطن وإلحاقهم بالعصابة التي يقبع أفرادها في سجن الحراش. “نريد حماية الغابات من المجرمين”.. في مسيرة الطارف في مدينة الطارف لم تمنع درجات الحرارة المرتفعة، التي عاشتها الولاية والتي وصلت أمس 42، المتظاهرين الذين قلّ عددهم ولكن عزيمتهم مازالت قوية، إذ واصل العشرات حراكهم، مباشرة بعد خروجهم من مسجد الفرقان، إذ انطلقوا في مسيرة إلى غاية ساحة الاستقلال، حاملين شعارات باتت تقليدية في الحراك، منها “بدوي بن صالح ارحلا.. أفلان أرندي ديقاج”، وأيضا رفعت شعارات من قبيل “نريد حماية الغابات من المجرمين”، وهذا بعد أن شهدت الطارف صباح أمس ومساء الجمعة، عمليات حرق في العديد من الولايات، خاصة أن الولاية هي الأغنى من حيث الغطاء النباتي على المستوى الوطني، ورفع بعض أبناء الطارف لافتات تضع غابات القالة وخاصة حظيرة طونغا المحمية عالميا ضمن أهم ما تمتلكه الولاية والجزائر على وجه العموم.