عاد الهدوء، الجمعة، تدريجيا إلى أنحاء مدينة وادي ارهيو بغليزان في أعقاب الأحداث الدامية التي شهدتها المنطقة، ما بين ليلة الأربعاء إلى الخميس، وخلفت مقتل أربعة مواطنين، والمواجهات التي اندلعت في حدود الساعة العاشرة ليلا، بعد حادث المرور الذي أدى إلى مقتل شاب لا يتعدى سنه 15 سنة وجرح مرافقه الذي توفي لاحقا، حيث كانا على متن دراجة نارية من نوع بيجو 103 في اتجاه حي البوايش بوادي أرهيو. حسب شهود عيان، فإن سيارة كان يقودها شرطي خارج الخدمة اصطدمت بالدراجة النارية، ما خلف مقتل شاب في عين المكان، فيما أصيب مرافقه بجروح متفاوتة الخطورة، نقل على إثرها إلى مصلحة الاستعجالات الطبية بالمؤسسة الاستشفائية أحمد فرنسيس، أين توفي هو الآخر نتيجة للجروح الخطيرة التي أصيب بها، وقالت مصادر متطابقة للشروق إن هذا الحادث أعقبته أحداث شغب من قبل مجموعة كبيرة من المواطنين، الذين جاؤوا من عدة أحياء، على غرار العوامرية وخرماشة، وحاولوا اقتحام مقر أمن الدائرة، كما هددوا بحرقه، ما أدى إلى تدخل أعوان الشرطة باستعمال الغاز المسيل للدموع لتفرقة الحشود البشرية التي طوقت مقر الأمن، فيما قام آخرون بإضرام النار بالعجلات المطاطية وسط الشارع الرئيسي الذي أغلق أمام حركة المرور، كما قاموا بتحطيم واجهة مقر وكالة بدر وبعض أقسام مركز البريد. وأضافت مصادر الشروق أن الاحتجاج أخذ أبعادا خطيرة، وتسارعت الأحداث عندما سمعت أصوات طلقات نارية، وأفضى الأمر إلى سقوط شابين توفيا في عين المكان، فيما أصيب نحو 16 شخصا آخر، من بينهم 5 أعوان شرطة بجروح متفاوتة الخطورة، ونقلوا إلى مصلحة الاستعجالات بمستشفى المدينة لتلقي الإسعافات، ليرتفع عدد القتلى إلى أربعة ضحايا في عمر الزهور، وهم الشاب عبد المولى المنحدر من حي خرماشة، عبد الجليل المقيم بحي الديانسي والشاب سرار محمد الأمين البالغ من العمر 15 سنة، فيما واصل الغاضبون احتجاجهم إلى صبيحة الخميس، أين اعتصموا أمام مقر أمن الدائرة، وطالبوا بإيفاد لجنة تحقيق وزارية حول الأسباب الحقيقية التي أدت إلى وقوع هذه الأحداث الأليمة والقصاص من المتسببين فيها . وفي غضون ذلك، سارعت والي غليزان نصيرة براهيمي بإيفاد لجنة تحقيق إلى وادي ارهيو، كما قدمت التعازي لأسر الضحايا، ودعت سكان المنطقة إلى ضبط النفس والتحلي بالحكمة في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات التي فتحتها المديرية العامة للأمن الوطني والجهات القضائية من نتائج لتحديد المسؤوليات، كما أصدرت وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية بيانا تحوز الشروق نسخة منه، جاء فيه أنه عقب الحادث المؤسف الذي شهدته بلدية وادي ارهيو بولاية غليزان، يعرب السيد صلاح الدين دحمون وزير الداخلية عن أسفه الشديد للحادثة، مقدما تعازيه الخالصة لعائلات الضحايا، كما أمر الوزير بإيفاد لجنة تحقيق من المديرة العامة للأمن الوطني لتقصي الحقائق حول الظروف والملابسات، إلى جانب تحديد المسؤوليات طبقا للقانون والإجراءات التي ستتخذها العدالة في هذه القضية، حيث كلف وكيل الجمهورية لدى محكمة وادي ارهيو لمعالجتها. وفي خضم تسارع الأحداث واختلاف الروايات حول حقيقة ما جرى، أوضح بيانان صحفيان صادران عن وكيل الجمهورية لدى محكمة وادي ارهيو، أنه بتاريخ 18 سبتمبر 2019 على الساعة التاسعة و45 دقيقة ليلا، وقع حادث مرور بمدينة وادي أرهيو تمثل في اصطدام سيارة شخصية لشرطي كان في فترة راحة، مع دراجة نارية يقودها الضحية القاصر “م. أ”، البالغ من العمر 15 سنة، أسفر عن وفاة سائق الدراجة النارية وإصابة مرافقه المدعو “ب. ع. د”، البالغ من العمر 24 سنة بجروح بليغة، وقد أدت هذه الحادثة في نفس الليلة إلى وقوع أعمال شغب وتجمهر عدة أشخاص وقطع الطريق العمومي باستعمال الحجارة والمتاريس وحرق الأدوات البلاستيكية وكذا تخريب مرافق عمومية وخاصة، ورشق القوة العمومية ومحاولة اقتحام مقر أمن دائرة وادي ارهيو قصد القبض على موظف الشرطة المتسبب في حادث المرور، وأثناء تدخل مصالح الشرطة لوضع حد لهذه الأعمال، أصيب شخصان، ما أدى إلى وفاتهما، ويتعلق الأمر بالمدعو “ج. ع. ج” والمدعو “ع. م. م”، وعلى إثر هذه الأحداث، أمرت نيابة الجمهورية بفتح تحقيق لكشف ظروف وملابسات وقوعها وتحديد المسؤوليات على ضوء ما ستسفر عنه التحقيقات القضائية. وعود بتقديم المتهمين إلى العدالة أما مصالح أمن الولاية في بيانها الأخير، فقد كشفت أن حادث مرور وقع على مستوى المخرج الغربي لمدينة وادي ارهيو على الطريق الوطني رقم 04 الرابط بين غليزان والشلف بين شرطي مستفيد من راحة على متن سيارته الخاصة وشابين يبلغان من العمر 15 و24 سنة، كانا على متن دراجة نارية، نتج عنه وفاة الأول وإصابة الثاني بجروح، وعلى إثر الحادث انطلقت أحداث بين مجموعة من الأشخاص وقوات حفظ النظام على مستوى مقر أمن الدائرة، ومؤسسة إعادة التربية ووكالة بنك التنمية المحلية، ما تسبب في خسائر فادحة للمرافق العمومية، حيث سجل وفاة مواطنين شابين، سيحدد التحقيق الجاري وكذا الخبرة الشرعية ظروف حدوثها، وبعد إخطارها أمرت النيابة العامة بفتح تحقيق في القضية. وفي انتظار ما ستسفر عنه نتائج التحقيقات القضائية، تم أول أمس تشييع جنازة الضحايا الثلاثة بمقبرة وادي أرهيو، بحضور كبير لمواطني المدينة، فيما عاد الهدوء تدريجيا إلى المنطقة التي عاشت أجواء متوترة منذ اندلاع موجة الاحتجاجات، حيث تدخلت بعض الشخصيات وأعيان المدينة لتهدئة الوضع بعدما تلقوا وعودا بتقديم المتهمين إلى العدالة ومحاكمتهم.