يشكل تواجد التلميذ في السنوات الأولى بالمدرسة أمرا مخيفا ومثيرا للقلق بالنسبة إليه، وقد يصور له تفكيره الصغير المؤسسة التربوية بمثابة عقاب له، لذا يحاول التملص من الذهاب إليها بالرفض من خلال الصراخ والبكاء المستمرين، خصوصا إذا لم يحظ بمعاملة جيدة من قبل المعلمين وهو ما دفع بالبعض منهم إلى إعادة النظر في طرق استقبال الأطفال حتى يزداد حبهم وتعلقهم بالمدارس. تحظى طرق استقبال التلاميذ في المؤسسات التربوية الأجنبية عند كل دخول مدرسي أو صبيحة كل يوم بإعجاب جميع الجزائريين، فالمدرس في الخارج يخرج شخصيا لاستقبال التلميذ ويصافحه، ويتحدث معه باسمه الشخصي مع عبارات ثناء وإطراء على شكله وملابسه، وهو ما يفرحه ويدخل الطمأنينة لقلبه ويلغي الحواجز الموجودة بينه وبين مدرسه، وكأنه واحد من أفراد أسرته ويصبح بمثابة بديل لعائلته. وهو ما عكس تماما ما يحدث في مؤسساتنا التعليمية، حيث يخشى التلاميذ الذهاب إليها ويرفضون الالتحاق بالطابور، فيبكون ويصرخون متمسكين بأوليائهم راغبين في العودة إلى منازلهم، لما يجدونه من معاملة فظة وعنف وقوة من بعض المدرسين، تصل في أحايين كثيرة إلى الضرب وهو ما يزيد من ذعرهم وخوفهم. غير أن بعض المعلمين قد تفطنوا مؤخرا لظاهرة نفور التلاميذ ورفضهم دخول القسم، واهتدوا لتغيير أسلوبهم وطريقة تعاملهم مع تلاميذهم، والبداية كانت من ولاية غرداية، حيث أظهر مقطع فيديو مصور داخل إحدى المدارس في الولاية سالفة الذكر، أحد المعلمين وهو يقف عند باب قسمه والتلاميذ يقفون في طابور وهو يقوم بمصافحة كل واحد منهم والترحيب بهم، وهو ما تجاوب معه الأطفال وتخلصوا من قلقهم وتوترهم سريعا حتى إن البعض منهم ركض بسرعة صوب المدرس واحتضنه بقوة، وهو ما ينم عن وجود ألفة ومحبة كبيرة بينهم. واستطاع هذا الفيديو الحصول على إشادة واسعة وثناء رواد مواقع التواصل الاجتماعي من هذا الأسلوب العصري والمتحضر الذي ينتهجه هذا المدرس، وطريقته العفوية في الترحيب بجميع التلاميذ دون استثناء، مطالبين بقية المدرسين بالسير على خطاهم واتباع هذه الأساليب الحضارية في التربية والتعليم التي من شأنها إضافة الكثير للمؤسسات التعليمية المحلية، والتقليل من ظاهرة التسرب المدرسي التي يكون أسلوب المدرس وطريقته في التعامل مع التلاميذ العامل الرئيسي فيها، واتباعه العنف دافعا قويا لتركهم مقاعد الدراسة