كشفت محاضر سماع أقوال ضباط الشرطة المتهمين بالتواطؤ مع رجل الأعمال الجزائري عاشور عبد الرحمن، المتابع بتبديد واختلاس أموال عمومية، أن موظفين ضباط في سلك الشرطة، قاموا بتزوير تقرير رسمي وتسليمه لعاشور عبد الرحمن، لأجل عرقلة حسن سير العدالة والحيلولة دون تسليم عاشور عبد الرحمن، من العدالة المغربية إلى العدالة الجزائرية. واكتشفت الشرطة القضائية أنه في إطار تنفيذ الأمر بالقبض الدولي الصادر عن السيد عميد قضاة التحقيق بمحكمة سيدي امحمد ضد المتهم عاشور عبد الرحمن رياض، استظهر محاميه أمام السلطات المغربية تقريرا صادرا عن أمن ولاية تيبازة بدون رقم وبدون تاريخ، أي أنه مزوّر، تم توجيهه إلى السيد المدير العام للأمن الوطني العقيد علي تونسي، موقع باسم "م. أوسليم"، رئيس أمن ولاية تيبازة يحمل ختم أمن الولاية المذكورة، مفاده أنّ المعاملات التي تخصّ المدعو عاشور عبد الرحمن رياض، مع البنك الوطني الجزائري، وبالضبط تعاملاته مع وكالة القليعة هي معاملات مشروعة. وبناء على تعليمات السيد وزير العدل، حافظ الأختام الطيب بلعيز، من خلال الإرسالية التي وجهها بتاريخ 2 مارس 2006 للمدير العام للأمن الوطني تمّ فتح تحقيق حول هذا التقرير وظروف تسريبه إلى محامي المتهم عاشور عبد الرحمن بالمغرب، فقامت مصلحة قمع الإجرام بفتح تحقيق في القضية، وبعد حلّ هذه المصلحة أسند التحقيق إلى رئيس أمن ولاية الجزائر مصلحة الشرطة القضائية بناء على تعليمات نيابة الجمهورية لدى محكمة بئر مراد رايس. وبعد التحقيق المعمّق في الوقائع وسماع أقوال المدعو عاشور عبد الرحمن رياض، الموقوف بسجن سركاجي والتحري حول واقعة إختفاء الأقراص اللينة "فلاش ديسك" المتعلقة بالقضية، توصلت التحريات إلى أن الوثيقة المزورة لم تسجل ولم ترسل إلى العقيد علي تونسي المدير العام للأمن الوطني، وأنها محرّرة من طرف كل من محافظ الشرطة "ب. حسن"، رئيس المصلحة الولائية للشرطة القضائية بأمن ولاية تيبازة وكذا محافظ الشرطة بنفس المصلحة "خ" عبد القادر"، بناء على مكالمة هاتفية من العميد الأول للشرطة "ز" الهاشمي" رئيس أمن ولاية تيبازة سابقا والذي حوّل رئيس أمن ولاية وهران بتاريخ الوقائع، علما أن كلا من محافظ الشرطة "ب. حسان" رئيس المصلحة الولائية للشرطة القضائية بأمن ولاية تيبازة والعميد الأول للشرطة رئيس أمن ولاية تيبازة سابقا، تمّ إيداعهما الحبس بأمر إيداع صادر عن وكيل الجمهورية بمحكمة باب الوادي، بعد أن حقق معهما في هذه الوقائع، كما توصلت التحريات إلى أنّ الوثيقة المزوّرة قام بإمضائها محافظ الشرطة "ب. حسان" بدلا عن رئيس أمن ولاية تيبازة "م. أوسليم" الذي يعتبر المخوّل قانونا بتوقيعها، إلا أنه كان غائبا، لكن الوثيقة وقعت باسمه، وتبيّن أيضا أنّ جميع التحريات التي أجريت في قضية عاشور عبد الرحمن رياض، قام بها محافظ الشرطة "خ. عبد القادر" تحت الإشراف والمتابعة المستمرة لرئيس أمن الولاية آنذاك، المدعو "ز. الهاشمي" الموقوف حاليا رهن الحبس، وتوصلت التحريات كذلك إلى أن الوثيقة المزورة سلمت للمتهم عاشور عبد الرحمن رياض، من قبل "سبيح محمد" العميد الأول للشرطة الذي يشغل منصب المدير العام لمستشفى الأمن الوطني ليغليسين بالأبيار، حسب شهادة المدعو "ل. عبد العزيز" صديق محمد سبيح، وثبت في التحقيق، حسب ماهو وارد في محاضر الشرطة القضائية، أن العميد الأول للشرطة "ز. الهاشمي" التقى بالمدعو عاشور عبد الرحمن رياض، بمكتب محمد سبيح رفقة "د. عبد العزيز" الذي استمعت له الشرطة القضائية كشاهد على حصول هذا اللقاء بعيادة "ليغليسين" بالأبيار، وهو ما أكده أيضا الشاهد "ع. محمد" وتمّ خلال هذا اللقاء تسليم الوثيقة المزوّرة لعاشور عبد الرحمن، وثبت أيضا أن التقرير المزوّر أرسل عبر الفاكس من أمن ولاية تيبازة إلى عيادة ليغليسين بالأبيار وبالضبط إلى مكتب العميد الأول للشرطة محمد سبيح. وكشفت التحريات، أن محمد سبيح، استفاد من تذاكر سفر مجانية مسلمة من قبل المدعو عاشور عبد الرحمن رياض، كما كشفت عن وجود إتصالات بالهاتف بين كل من "ز. الهاشمي" وسبيح محمد ابن ميسوم سبيح، سفير الجزائر بفرنسا بتاريخ حدوث الوقائع، أي يوم 7 أكتوبر 2004 حسب كشف إتصالات الجزائر. وتأكد أن عميد الشرطة "غ. محمد"، رئيس أمن دائرة القليعة سابقا غير مسؤول بخصوص تزوير هذه الوثيقة وتسريبها، باستثناء موافقته على منح جواز السفر للمدعو عاشور عبد الرحمن رياض، الذي لم يكن في ذلك التاريخ موضوع، أي إجراء يمنعه من الحصول على جواز السفر، وهو ما مكنه من مغادرة التراب الوطني، غير أن الشرطة القضائية اكتشفت أن جميع "الأقراص اللينة" "فلاش ديسك" التي حفظت فيها المعلومات المتعلقة بقضية عاشور عبد الرحمن رياض، على مستوى أمن ولاية تيبازة قد مسحت وأتلفت بها كل المعلومات من قبل محافظ الشرطة "خ. عبد القادر" في حين حاول عاشور عبد الرحمن، نفي كل هذه المعلومات وصرّح أنه استلم التقرير السري بباريس من قبل المدعو "ج. س" شريكه السابق في مؤسسة خاصة بالقليعة، وهو بدوره سلمها للمحامي زيان محمد المغربي الجنسية لتعطيل عملية تسليمه من المغرب إلى السلطات الجزائرية، رغم الأمر بالقبض الدولي الصادر ضده، وهي التصريحات التي جاءت مخالفة ومناقضة تماما لتصريحات باقي الأطراف، واعتبرت الشرطة القضائية في محاضرها أن الهدف من هذه التصريحات هو التهرّب من المسؤولية الجزائية وخلق غموض أكثر حول الوقائع، خاصة وأنّ المعني أودع رهن الحبس بعد فشل خطته الرامية إلى منع تسليمه إلى السلطات القضائية الجزائرية. وأكدت الشرطة القضائية استنادا إلى ما تقدم من معطيات أنه بعد أن تمكن عاشور عبد الرحمن رياض، من الحصول على مبالغ مالية ضخمة من البنك الوطني الجزائري بطرق غير شرعية، استعمل سلطة المال للتأثير على مسؤولين سامين في الشرطة بأمن ولاية تيبازة، وتمكن من الحصول على تقرير مزوّر يضفي الطابع الشرعي على كل معاملاته مع البنك الوطني الجزائري، وهو التقرير المستعمل من قبل محاميه لمنع تسليمه بعد أن صدر في حقه الأمر بالقبض الدولي المؤرخ في 7 ديسمبر 2005، ويوجد هذا التقرير المزوّر حاليا ضمن ملف عاشور عبد الرحمن في قضيته مع البنك الوطني الجزائري الموجودة على مستوى غرفة الإتهام بمجلس قضاء الجزائر قيد المداولة على أن يتم الفصل فيها يوم 22 جويلية المقبل. وتوصلت الشرطة القضائية إلى أن كل من "ز. الهاشمي"، رئيس أمن ولاية تيبازة ومحمد سبيح، المدير العام لمستشفى الأمن الوطني ومحافظي الشرطة بأمن تيبازة "ب. حسان" و.خ" عبد القادر" متورطين في الوقائع المتعلقة بالتقرير المزوّر، إلى جانب أشخاص آخرين لم يتم الكشف عنهم في مرحلة التحريات، ونسبت إليهم جرائم تكوين جمعية أشرار لغرض الإعداد لارتكاب جناية، التزوير في محررات عمومية ورسمية، الرشوة واستغلال النفوذ وعرقلة سير العدالة. جميلة. ب