تجاوب الرئيس عبد المجيد تبون، مع واحدة من المطالب التي رفعتها أحزاب المعارضة، والمتمثلة في إجراء حوار يسبق الانتخابات التشريعية المسبقة، التي يعتزم القاضي الأول الدعوة إليها في غضون الأسابيع القليلة المقبلة. الرئيس تبون قرر توزيع مسودة مشروع القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات على الأحزاب السياسية، من أجل المشاركة في إثرائها قبل الذهاب إلى الصياغة النهائية، كما جاء في البيان الذي عممته رئاسة الجمهورية في أعقاب جلسة العمل التي ترأسها الرئيس تبون، وخصصت للمشروع السالف ذكره. وتؤكد مخرجات جلسة العمل التي ترأسها الرئيس تبون، انفتاح رئاسة الجمهورية على مطالب المعارضة، التي كانت قد شددت على ضرورة التواصل قبل الذهاب إلى الانتخابات التشريعية والمحلية المسبقتين، وذلك من خلال دعوته إلى توزيع مسودة المشروع على الشركاء السياسيين قبل صياغتها النهائية. ولم يتضح لحد الآن، إن كان الأمر يتعلق بحوار بين ممثلين عن السلطة والأحزاب السياسية، أم أن الأمر يتعلق فقط بتوزيع المسودة على الشركاء السياسيين، كما كان الحال في الدستور المعدل، وهي الطريقة التي لم تحقق طموحات البعض، الذي اشتكى من عدم تبني المقترحات التي سلمت للجنة الصياغة، التي ترأسها أحمد لعرابة المكلف أيضا بصياغة المسودة الجديدة. وكانت أحزاب المعارضة، وفي مقدمتها حركة مجتمع السلم، قد دعت الرئيس تبون إلى "اعتماد الحوار والتوافق الوطني لتوفير الشروط المناسبة لبعث مسار انتخابي شفاف وعادل ونزيه"، وهي الدعوة التي جاءت بعد توجه القاضي الأول نحو الإسراع في إعداد قانون الانتخابات الجديد، قبل الذهاب إلى التشريعيات والمحليات المسبقتين، أثناء رحلته العلاجية. وتعتبر جبهة القوى الاشتراكية من الأحزاب التي رفعت لواء الحوار قبل الذهاب إلى الاستحقاقات التشريعية المسبقة، متسلحة بالمعطيات التي أفرزها الاستفتاء حول الدستور، والذي تميز بإقبال محتشم من قبل الجزائريين، بنسبة مشاركة لم تتعد ال24 بالمائة. ومع تأكيد رئاسة الجمهورية على الالتزام ب"فسح المجال للشباب والمجتمع المدني للمشاركة في صناعة القرار السياسي من خلال المؤسسات المنتخبة"، يتضح أن السلطة تراهن هذه المرة على شريحة أخرى كانت مهمشة بسبب فساد الممارسة السياسية سابقا، وهو التوجه الذي من شأنه أن يقلل على الأقل من احتمالات تكرار التعاطي المحتشم مع العملية الانتخابية، وذلك من خلال الدفع بانخراط فئات كانت يائسة. ومن بين هذه الفئات، الشباب الذي بادر بإنشاء أحزاب سياسية جديدة وخاصة في الفترة التي أعقبت الحراك الشعبي، وهي تأمل في أن تتضمن مراجعة قانون الانتخابات، إلغاء عتبة ال4 بالمائة، التي قضت على أحلام الكثيرين، لتضاف بذلك إلى "أخلقة الحياة السياسية" عبر إبعاد تأثير المال الفاسد على المسار الانتخابي. ومن شأن توجه السلطة نحو إشراك المعارضة في إعداد مسودة القانون العضوي الجديد للانتخابات، أن يعبد الطريق نحو انتخابات تشريعية ومحلية أكثر قبولا لدى الشركاء السياسيين، غير أن هذا المعطى يبقى مرهونا بمدى تجاوب لجنة الصياغة مع المقترحات والملاحظات التي ستدفع بها الأحزاب السياسية وممثلي المجتمع المدني لاحقا.