باشرت المصالح المختصة في وهران، تلمسان، البليدة على وجه الخصوص، تحقيقات واسعة في شبهات فساد تشمل أرباب مطاحن وتعاونيات الحبوب والبقول الجافة، لتسليط الضوء على عمليات التلاعب في نقل القمح بشكل عام، حيث تبرم بعض التعاونيات اتفاقيات "غير بريئة" مع خواص لشحن الحبوب من الموانئ إلى مخازن التعاونيات وذلك بفواتير مضخمة جدا، ما يدر أرباحا "خيالية" يجنيها الخواص . تدقق التحقيقات المفتوحة في هذا الإطار في عدة ملفات محاسبية لبعض التعاونيات، لاسيما مراجعة العقود المبرمة بين هذه الأخيرة والخواص في مجال نقل البضائع، في الوقت الذي تتوفر فيه مؤسسات الدولة على وسائل نقل قادرة على القيام بذلك وبتكاليف معقولة جدا، وهو ما يدفع إلى التساؤل عن دور النقل العمومي في القيام بذلك، كون أن تعاونيات الحبوب والبقول الجافة تتوفر على وسائل نقل حديثة من شاحنات وصهاريج ومراكب نقل سريعة. واهتزت تعاونيات الحبوب في عدد من وحدات الغرب الجزائري على وقع فضائح مدوية في الشهور الأخيرة، بعد تسجيل اختفاء عتاد فلاحي "آلات حاصدة" وتوزيع حبوب مغشوشة، وكانت تحقيقات قد تم إجراؤها بعدد منها قد كشفت عن وجود اختلاسات، من خلال الغش في ميزان الحبوب. وطالت تلك التحقيقات، يومها، العشرات من الموظفين في تلمسان، عين تموشنت، البيض، يعملون بعدد من تعاونيات الحبوب، إلى جانب التلاعب بسجلات دخول وخروج شحنات الحبوب، كما جرى التحقيق مع ثلاثة مسؤولين على مستوى الديوان الوطني في إطار تحديد المسؤوليات. مستودعات سرية لتخزين الحبوب تواصل المصالح الأمنية في الجزائر، حربها على "مافيا" التلاعب بأطنان القمح الليّن، إذ نفذت حملات واسعة في الأيام القليلة الأخيرة، أسفرت عن حجز ما يربو عن 824 قنطار من خليط مادة القمح اللين "الفرينة" في كل من ولايات معسكر، تلمسان، تيارت، البيض، النعامة، في عمليات نوعية أنجزتها قوات الدرك، التي قامت بمداهمة مستودعات سرية ونقاط تخزين غير مرخص بها، بالإضافة إلى ضبط حمولات واسعة من أصل الكمية الإجمالية المحجوزة، في حواجز أمنية على مستوى الطرق السريعة . وفي هذا السياق، تمكنت مصالح الدرك في ولاية البيّض، بالاشتراك مع فرق التجارة لذات الولاية، يوم السبت، من حجز ما مقداره 45 قنطارا من القمح اللين، كانت الكمية موجهة للبيع كمواد علفية للمواشي، دون احترام الإجراءات القانونية المنصوص عليها في التعاملات والممارسات التجارية، وتمت العملية في سياق التحقيقات الكبرى المستمرة حول مراقبة هذه المواد تنفيذا لتعليمات وزارة التجارة، وسبق للموالين والمواطنين في الولاية الفلاحية، شن وقفات احتجاج صاخبة أمام المقار الرسمية، اعتراضا على ارتفاع أسعار الأعلاف واستفحال ظاهرة تهريب القمح اللين إلى نقاط حدودية في غرب الوطن . كما نجحت وحدات الكتيبة الإقليمية للدرك بمعسكر، نهاية الأسبوع في حجز 511 قنطار من خليط مادة القمح اللين (الفرينة)، وعلمت "الشروق" أن مادة الفرينة المضبوطة، كانت معبأة داخل أكياس ذات سعة 50 كلغ قدرت القيمة المالية للمادة ب1.737 مليون دج، أي ما قيمته 3400 دج للقنطار الواحد. أقوات المواطنين تتحول إلى علف للحيوانات العملية تمت على إثر معلومات وردت إلى الفرقة الإقليمية للدرك ببلدية فروحة، مفادها وجود أحد الأشخاص يقوم بشراء مادة القمح اللين (الفرينة) المدعمة من طرف الدولة، ويقوم بخلطها بمادة النخالة وتحويلها كعلف للمواشي، بمستودع سري تم توقيف صاحبه، ولفت المصدر إلى أنه جرى اتخاذ جميع التدابير القانونية بإحالة شخصين إلى التحقيق المعمق لمعرفة مزيد من التفاصيل بشأن الحادثة، التي تعتبر الثانية من نوعها في ولاية معسكر، بعد ضبط كمية 91 قنطارا من القمح اللين بتاريخ 19 مارس من الشهر الجاري في بلدية تيزي، على متن شاحنة حاملة لوحة ترقيم مزورة في طريقها إلى زهانة، تم ضبط الحمولة وإخضاع سائقها للتحقيق لتحديد هويات شركائه . كما أوقفت يوم الجمعة الفرقة الإقليمية للدرك بمهدية بولاية تيارت، شاحنة "سافيام" على متنها 124 قنطار من مادة القمح اللين، وجاءت هذه العملية على إثر دورية للفرقة على مستوى الطريق الوطني رقم 40، في شطره الرابط بين مدينتي تيارت ومهدية. وبعد التدقيق وفحص الوثائق، تبين أنه من المفروض أن يتم تسليم القمح اللين على مستوى تعاونية الحبوب والخضر الجافة بولاية مجاورة، منذ أربعة أشهر حسب التحريات المبدئية . في سياق ذي صلة بالموضوع، أفادت مصالح درك النعامة أنها حققت عملية نوعية بإحباط تهريب 71 قنطارا من القمح اللين في أعقاب توقيف شاحنة نصف مقطورة كانت محملة بذات المادة الغذائية، بعد أن حاول سائقها، الذي لا يحوز على أية وثيقة ترخص له نقل هذه البضاعة، عبور مسلك ترابي من أجل الإفلات من المراقبة على مستوى الجهة الشمالية الغربية لبلدية النعامة، ولكن سرعان ما تم توقيفه، وجرى ضبط الكمية في سياق عمل مستمر للحد من الحركية التجارية غير القانونية لهذه المادة المدعمة والموجهة في الأصل للمطاحن من أجل التحويل، والتي يستعملها البعض كأعلاف للمواشي. وفي السياق ذاته، كانت غرفة الاتهام لدى مجلس قضاء الشلف، قد أيدت نهاية الأسبوع الفائت، أوامر حبس ثلاثة أرباب مطاحن و10 مسيرين وموظفين في تعاونيات الحبوب في قضية التلاعب بالقمح المدعّم على مستوى 3 مطاحن كبرى بولاية الشلف، كما جرى تأييد أوامر الرقابة القضائية ل13 شخصا، يتابع الجميع في ملف الحال بتهم من العيار الثقيل تتعلق بالمضاربة غير المشروعة، تبديد المال العام وإبرام صفقات مخالفة للقانون واستغلال الوظيفة. القضية تعود إلى فتح فصيلة البحث والتحري تحقيقات معمقة حول ملف التلاعب بكميات هائلة من القمح المدعم الذي كان يعاد توزيعه وتسويقه من قبل أصحاب بعض المطاحن بأسعار مضاعفة عن تلك التي يتم اقتناؤه بها من ديوان الحبوب، علاوة على حصول صفقات مخالفة للقانون. هذه الحصائل التي حققتها المصالح الأمنية، تندرج ضمن الحرب ضد المافيا الحقيقية التي برعت في التلاعب بأطنان القمح المدعم، وتحويله عن مقصده لبيعه بأسعار مرتفعة في السوق الموازية، أو إلى مصانع العجائن، بل هناك من النافذين وأرباب المال و"الجاه" ممن تورطوا في بيع هذه المادة إلى الفلاحين أنفسهم الذين يعيدون بدورهم بيعها لديوان الحبوب ب4500 دينار للقنطار، بغرض التكسب السريع وتحقيق الثراء على حساب خزينة الدولة.