تترقّب تركيا، الثلاثاء، إعلان محمد علي شاهين، نائب رئيس الوزراء، أن رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان سيكون مرشّح حزب "العدالة والتنمية" الحاكم لانتخابات الرئاسة المرتقبة في 10 أوت المقبل. وكان الرئيس عبدالله غل مهّد للأمر، بإعلانه أنه لن يترشّح لولاية ثانية، فيما أكد قادة في الحزب الحاكم أن أردوغان يعتزم خوض معركة الانتخابات، بعد رسمه سيناريو لترتيب البيت الداخلي ل"العدالة والتنمية"، إثر دخوله قصر الرئاسة. أما المعارضة الكردية فرشّحت للمنصب صلاح الدين دميرطاش، رئيس "حزب السلام والديموقراطية"، علماً أن المعارضة اليسارية والقومية، ممثّلة بحزبَي "الشعب الجمهوري" و"الحركة القومية"، تبنّت مرشحاً مشتركاً هو أكمل الدين إحسان أوغلو، الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي. وتتباين استطلاعات الرأي حول حظوظ المرشحين، إذ أن تلك التي يُعدّها الحزب الحاكم تُظهِر أن أردوغان سيحسم السباق من الدورة الأولى، بنيله نحو 56 في المئة من الأصوات. لكن الاستطلاعات التي تُعدّها المعارضة تشير إلى أن رئيس الوزراء سيحصل على نحو 42 في المئة من الأصوات في الدورة الأولى، ما سيجبره على خوض دورة ثانية مع أقوى مرشحي المعارضة، قد يخسرها إذا التفت كل القوى المعارضة حول ذاك المرشح. ويُتوقّع أن يكون السجال حاداً، في أول انتخابات رئاسية بالاقتراع المباشر من الشعب، بعد عقود على انتخاب الرئيس في البرلمان. فالمعارضة تتهم أردوغان باستغلال ثغرة في قانون انتخابات الرئاسة الذي وُضِع على عجل قبل 6 سنوات، إذ لا يلزِم رئيس الوزراء بالاستقالة من منصبه في حال ترشّحه للرئاسة. يعني ذلك أن أردوغان يستطيع أن يقود حملة ترشّحه من مكتبه في رئاسة الوزراء، ويؤجّل أمر خلافته داخل الحزب الحاكم وعلى رأس الحكومة، إلى ما بعد حسم انتخابات الرئاسة. كما تتهم المعارضة أردوغان باستغلال ملفَّي القضية الكردية والمخطوفين الأتراك في الموصل، لكسب أصوات الناخبين، من خلال تعهده خطة جديدة لتسوية تلك القضية، والسعي إلى تحرير الرهائن الأتراك في العراق قبل الانتخابات. ويدرك دميرطاش أن حظوظه شبه معدومه في السباق، لكنه يراهن على حرمان أردوغان من أصوات الأكراد في الدورة الأولى، لتحظى بثقل أكبر في الدورة الثانية، ما قد يُجبر رئيس الوزراء على تنازلات أكبر للأكراد قبل جولة الحسم. أما إحسان أوغلو فما زال يحاول كسب ودّ الأتاتوركيين واليساريين، من خلال زيارته ضريح مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك وإقراره بفضله على الجمهورية، معلناً دعمه النظام العلماني في البلاد. وكان أعضاء في "حزب الشعب الجمهوري" اعترضوا على ترشيح الحزب إحسان أوغلو، إذ كان لسنوات محسوباً على الحكومة والتيار الإسلامي المعتدل، فيما تفيد معلومات بأن عائلته اضطرت إلى ترك تركيا والسفر إلى مصر حيث وُلِد أكمل الدين، بسبب خلاف مع النظام الأتاتوركي. ويتمتع إحسان أوغلو بصفات كثيرة تدفع المعارضة إلى الالتفاف حوله في الانتخابات، لكن منتقديه يعتبرون أنه بعيد من ميدان السياسة الداخلية عموماً، وليس معروفاً شعبياً. كما أن اعتداله ووقاره قد لا يصمدان كثيراً أمام كاريزما أردوغان المرتكزة على الاستقطاب السياسي، وشحن المشاعر سياسياً وعاطفياً.