يتعلمون تعذيب الحيوانات منذ صغرهم دون رادع من العائلة، بل وبتشجيع منها، فتتبخر عواطفهم، ويضحون أشخاصا قساة عديمي الرحمة. أنهم أطفال يشتري لهم أولياؤهم صيصانا وقططا... ويتركون لهم الخيار في طريقة قتلها بعد تعذيبها. إذ كيف يُعقل أن يلهو طفل لا يتعدى الخامسة من عمره مع صُوص صغير دون قتله. انتشرت مؤخرا ظاهرة بيع الصّيصان والسلاحف وحيوانات صغيرة بالأسواق الشعبية، وأصبحت تستهوي الأطفال، وتحت ضغطهم يقتني لهم آباؤهم صُوصا أو اثنين لغرض اللعب به؟؟ خاصة وأن ثمن الصّوص الواحد لا يتعدى 30 دج. والظاهرة بدأت تثير استياء كثيرين، لأن الصيصان أصبحت تشترى لتُعذب، فهذه الطيور ليس بإمكانها العيش لأكثر من يومين بعيدا عن الجوّ المناسب لها، من درجة حرارة وإضاءة معينة، كما أن كثرة حملها يُسبب لها أمراضا، ورغم ذلك لا تتوانى العائلات في إهدائها لأولادهم. وهو حال صبي في السادسة من عمره، صعد حافلة نقل المسافرين بمحطة عين النعجة رفقة جدته، والصغير كان يحمل صُوصا داخل كيس ورقي اشتراه من سوق عين النعجة، والكيس كان مغلقا بإحكام، الأمر الذي جعل المسافرين يطلبون من الصغير ترك منفذ صغير لتهوية الطائر، فنطقت جدته "يا حسراه ماشي هذا الأول الي قتلوا، قتل ربعة قبلو" فاستغرب الركاب من قولها واستفسروا عن سبب قبولها بهذا السلوك، فبررت أن حفيدها يشرع في البكاء كلما رأى الصيصان في السوق فتشتري له واحدا لأرضائه، لكن بمجرد وصوله المنزل، يشرع في قذف الصوص الى الأعلى ورميه على الحائط، حتى يتسلى مع أقرانه. وفتاة أخرى وضعت صوصا اشترته داخل علبة للأحذية، لكنه مات داخل الحافلة بسبب الحرارة المرتفعة. تتجاهل كثير من العائلات تلقين صغارها، سلوك الرحمة بالحيوانات، لأن الرحيم مع الحيوان، سيكون أرحم مع الإنسان، وهنا تحضرني قصة أخبرتني بها سيدة من ولاية تيبازة، تقول أن ابنها البالغ السابعة من عمره، مُتعود على اصطياد صغار الضفادع من البرك والمجاري المائية بالحدائق، ثم يقوم بتمزيق جسدها، حيث يفصل رأسها و أرجلها، و يحضرها إلى والدته ليخيفها، والأخيرة لم تستهجن هذا السلوك، فكل ما همها في الأمر أن يغسل الطفل يديه بعد كل عملية تعذيب. لكن وعندما كبر الصبي أصبح عدوانيا جدا يضرب كل من يصادفه بطريقه. كما تعودنا كل عيد أضحى على رؤية أطفال صغار يعذبون الكباش تحت مرأى أوليائهم، فيجرونهم من ذيولهم، ويضربونهم بقطع حديدية وخشبية، وحتى يقذفونهم من النوافذ فقط ليتسلوا. وآخرون يتمتعون بتعذيب الحمير وضرب القطط المشردة في الشوارع وحتى دهسها. وتعتبر الرحمة بالحيوان من أخر اهتمامات الجزائريين، فحتى في المساجد نادرا ما يتطرق أئمتها لهذا الموضوع، كما يغيب عن المقررات االدراسية. ولكل مُستهزئ بالموضوع، نذكره برحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالحيوان والطير، حيث منع تعذيبها وتجويعها، وتكليفها ما لا تطيق، واتخاذها هدفا يُرمى إليه، بل وتحريم لعنها... وهو أمر لم ترق إليه البشرية اليوم في عصرنا الحاضر، رغم كثرة الأصوات المنادية برحمة الحيوان. والنبي صلى الله عليه وسلم لعن كل معذب حيوان ومُستهين بآلامه، وأن الشخص قد يدخل النار في إساءة ارتكبها مع حيوان، فقد دخلت النار امرأة في هِرَّة، حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي أطلقتها.. ودخلت الجنة امرأة بغيٌّ في كلب سقته. وعن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال::مَرَّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بفتيان من قريش قد نصبوا طيرا وهم يرمونه... فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر: من فعل هذا؟، لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا. ومن صور رحمته صلى الله عليه وسلم بالحيوان نهيه عن المُثْلة بالحيوان، وهو قطْع قطعة من أطرافه وهو حي، ولعَن من فعل ذلك. وعن جابر - رضي الله عنه - : (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر عليه حمار قد وُسِمَ (كوي) في وجهه، فقال: لعن الله الذي وسمه.