حمّل الرئيس بوتفليقة الصحافيين مسؤولية تأخر تنظيم قطاع الإعلام وإرساء مؤسساته، وفي مقدمتها سلطة ضبط الصحافة المكتوبة ومجلس أخلاقيات وآداب المهنة، بسبب فشل رجال الإعلام في إنشاء إطار نقابي قادر على الدفاع عن القطاع والعاملين فيه. وقال بوتفليقة في رسالة وجهها إلى الأسرة الإعلامية بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة: "أناشد العاملات والعاملين في هذا القطاع الانضمام إلى مسار الإصلاح، من خلال الانضواء في تنظيم يتيح تمثيلهم في الهيئات التي أتى بها هذا التطور، ومنها، على وجه الخصوص، سلطة ضبط الصحافة المكتوبة ومجلس أخلاقيات وآداب المهنة". ويقصد القاضي الأول هنا، غياب أي إطار نقابي خاص برجال الإعلام مهيكل وتمثيلي، قادر على لعب دور الشريك الاجتماعي، على غرار ما هو حاصل في مختلف المهن الأخرى، والذي مكنها من افتكاك قوانين أساسية خاصة بها. ومعلوم أن الصحافيين لا يتوفرون على نقابة، رغم المحاولات المتكررة، وكل ما هو موجود لا يتعدى فدرالية على مستوى الاتحاد العام للعمال الجزائريين، انتهت آجال شرعية مؤسساتها، والحال كذلك بالنسبة إلى نقابة الصحافيين الجزائريين، التي عجزت عن عقد مؤتمرها بالرغم من مرور سنوات، فخسرت أهليتها القانونية، ومن ثم لعب دور الشريك في مواجهة السلطة. وفيما بدا إلقاء للكرة في مرمى الصحافيين، أضاف الرئيس: "لقد تم، منذ ثلاث سنوات، من خلال سن القانون العضوي للإعلام، ضبط القواعد القانونية التي تحكم فعل الاتصال والإعلام، وفق المعايير المعمول بها في المجتمعات الديمقراطية، وفتح ذلك المجال للحكومة للشروع في إرساء أسس البنية التنظيمية لمنظومة الاتصال والإعلام، في مجالات الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية والإلكترونية والنشاطات المرتبطة بها". ونبّه إلى مسؤولية الصحافيين في بناء مؤسسات القطاع بقوله: "بالفعل، إن تكامل التطورات الهيكلية والتنظيم الذاتي لأسرة الإعلام، من شأنه أن يسمح لجميع وسائل الإعلام المكتوبة والسمعية البصرية، أن تشهد تطورا نوعيا قوامه التمسك بمبادئ القانون ذات الصلة وتقديم خدمات متنوعة كما وكيفا خدمة للمواطن والمجتمع". وكان وزير الاتصال السابق، محمد السعيد، قد دعا رجال الإعلام إلى أن يتهيكلوا في نقابة، حتى يساعدوه، كما قال، في تنظيم القطاع، ورغم بعض المحاولات، إلا أن الفشل كان حليف تلك المبادرات اليائسة. وأوضح الرئيس بوتفليقة أن السنة الجارية ستشهد استكمال تنصيب سلطة ضبط السمعي البصري، وكذا "تفعيل آليات نشاط الوسائط السمعية البصرية، عملا بالقانون واستجابة لتطلعات المجتمع"، تضيف الرسالة التي شددت على أن "تأطير فعل الاتصال والإعلام لا بد أن يقابله، من جانب المتعاملين فيه، التزام حقيقي بخلق مؤسسات دائمة، تستثمر في الموارد البشرية وتساهم بمنتوجها في الإشعاع المعرفي والثقافي والفكري، في استقلالية تامة". واستغل في الأخير المناسبة، ليعلن عن "تأسيس جائزة رئيس الجمهورية للصحافي المحترف، وإسدائها ابتداء من هذه السنة، وهذا تعبيرا عن اعتراف الأمة بعطاء الصحافي المحترف وبلائه الحسن في تكريس مبادئ حرية التعبير وإشعاع فضائلها".