في إطار جلسات الاستماع السنوية التي يخصصها لنشاطات مختلف القطاعات الوزارية، ترأس رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة اجتماعا مصغرا خصص لتقييم قطاع العمل و التشغيل و الضمان الاجتماعي. تم خلال الاجتماع بحث العناصر البارزة للأعمال التي تمت مباشرتها و آفاق التطور في مجالي التشغيل و أجهزة المراقبة و في مجال علاقات العمل. 1- فيما يخص الجانب المتعلق بالتشغيل فإن تقدم أهم مؤشرات سوق الشغل خلال الفترة الممتدة بين 1999 و2007 تميز بما يلي : *زيادة السكان العاملين حيث انتقل عددهم من 6 ملايين سنة 1999 الى 3ر9 ملايين سنة 2007 أي بمعدل ارتفاع سنوي قدر ب6ر5 بالمائة. * استحداث أزيد من 4.000.000 منصب شغل دائم و مؤقت خلال الفترة 1999-2007. * انخفاض متواصل في نسبة البطالة التي تقلصت من نحو 30 بالمائة من مجموع السكان العاملين سنة 1999 الى 8ر11 بالمائة سنة 2007. و تعود النتائج المعتبرة التي سجلت في مجال توفير مناصب الشغل و تقليص نسبة البطالة أساسا الى : * تطبيق برامج تنموية تم اقرارها بالنسبة لمختلف قطاعات النشاط * آثار التدابير العمومية لترقية الشغل و استحداث النشاطات * نمو هام خارج المحروقات (5ر6 بالمائة سنة 2007) نجم عن قطاعات مولدة لمناصب الشغل لا سيما البناء و الاشغال العمومية (10 بالمائة) و الخدمات (7 بالمائة) و الزراعة (5 بالمائة) و التي استحدثت زهاء 55 بالمائة من مجموع مناصب الشغل التي تم توفيرها. * تحسن مستوى الاستثمار الخاص (الوطني و الخارجي) نظرا لخصوصيات سكاننا الديمغرافية فان 70 بالمائة من طالبي العمل اليوم هم طالبوا عمل لاول مرة يضاف إليهم سنويا 300.000 طلب عمل جديد. و عليه و تطبيقا لتعليمات رئيس الدولة تمت المصادقة على مخطط العمل الخاص بترقية التشغيل و محاربة البطالة. يتضمن مخطط العمل هذا محاور سبعة هي : 1- دعم الاستثمار في القطاع الاقتصادي المستحدث لمناصب الشغل 2- ترقية التكوين المؤهل قصد تسهيل الاندماج في عالم الشغل 3- ترقية سياسة تحفيزية في اتجاه المؤسسات الاقتصادية 4- ترقية تشغيل الشباب 5- اصلاح و تحديث تسيير الخدمة العمومية للشغل عبر الوكالة الوطنية للتشغيل 6- ادخال آليات متابعة و تقييم 7- انشاء أجهزة التنسيق ترتكز السياسة الجديدة لترقية تشغيل الشباب على تصور اقتصادي و تقوم على: * دعم تطوير روح المقاولة * دعم ترقية العمل المأجور فيما يخص دعم تطوير روح المقاولة تمحورت الاصلاحات أساسا حول : * ازالة العراقيل المرتبطة بالتمويل البنكي و تأهيل موظفي المؤسسات الينكية و الوكالات المتخصصة في دعم خلق النشاطات و مرافقة المقاولين الشباب * توسيع الاتفاقات البنكية و منح المزايا و مساعدات الدولة * تقليص آجال معالجة الملفات و تظهر حصيلة خلق النشاطات بالنسبة للفترة الممتدة من 1999 الى 2008 تمويل حوالي 94.000 مشروع استحدث قرابة 260.000 منصب شغل مباشر. فيما يخص ترقية العمل المأجور فقد أفضى الى وضع اجراءات جديدة للمساعدة على الادماج المهني الرامي الى تسهيل توظيف دائم للشباب الذين يطلبون العمل لاول مرة عن طريق تحفيزات في اتجاه مستخدمي القطاع الاقتصادي. تتكون هذه الاجراءات من ثلاثة نماذج من عقود الإدماج الموجهة على التوالي ل: *حاملي شهادات التعليم العالي و التقنيين السامين * الشباب خريجي التعليم الثانوي و مراكز التكوين المهني * الشباب الذين ليس لهم أي تكوين ولا تأهيل. كما تتضمن هذه الاجراءات الخاصة بالمساعدة على الإدماج الاجتماعي استحداث عقد عمل مدعم يسمح بدعم أجور الشباب طالبي العمل لأول مرة الذين تم توظيفهم بشكل دائم في القطاع الاقتصادي و ذلك لفترات تمتد بين سنة و ثلاثة سنوات حسب الصنف. كما ترمي إلى المساهمة في ترقية يد عاملة مؤهلة على المديين القصير والمتوسط من خلال التمويل الجزئي أو الكلي للتكوينات التي ينظمها المستخدمون سيما في موقع العمل لفائدة الشباب طالبي العمل لأول مرة المدمجين في إطار هذا الجهاز. و يتضمن الجهاز الجديد تمكين 400000 شاب طالب للعمل لأول مرة من منصب شغل سنويا. و فيما يخص تأهيل و تحديث الوكالة الوطنية للتشغيل فان نتائج عملية تجسيد البرنامج الثلاثي (2006-2008) الخاص بتأهيل الوكالة الوطنية تشير إلى تحسن ملموس لنسبة التاطير و توسيع شبكة الوكالات (25 هيكل جديدة) علاوة على تطوير تسيير هذه الوكالات. فيما يخص التشغيل فان تقديرات توفير مناصب شغل لفترة 2009-2013 تفيد باستحداث معدل 400000 منصب شغل سنويا مما سيسمح بتقليص نسبة البطالة إلى ما دون 10 بالمائة خلال السنوات الخمس المقبلة. 2 - وفيما يخص تطبيق سياسة إصلاح أجهزة المراقبة التي تندرج في إطار توجيهات رئيس الجمهورية الرامية إلى إصلاح مصالح المراقبة ففيما يخص مفتشية العمل فقد سجلت النتائج التالية: * تطوير مفتشية العمل الذي تجسد من خلال : - تدعيم المصالح بوسائل الإعلام الآلي و وضع شبكة الإنترانيت - تثمين الموارد البشرية من خلال أعمال التكوين المتواصل لفائدة اكثر من 500 مفتش و توظيف مفتشي عمل جدد مما سمح بالتوصل إلى مستوى تغطية بمفتش عمل واحد (1) ل7000 عامل. * إعادة تنظيم مصالح مفتشية العمل على المستوى المركزي و المحلي (إنشاء المفتشية الولائية) الذي سمح بتغطية احسن لمناطق التشغيل. * تعزيز وسائل تدخل مفتشية العمل * توسيع مجال تدخل مفتشي العمل لمراقبة تصريح العمال في الضمان الاجتماعي و احترام الأحكام التشريعية في مجال التوظيف. * تحسين ظروف العمل من خلال إدراج إنجاز 43 مقرا لمفتشية العمل منها تسعة (9) مقرات تم إنجازها. وقد سمحت هذه الإصلاحات بتكثيف أعمال المراقبة و التفتيش بحيث ارتفع عدد زيارات التفتيش و المراقبة من 77918 سنة 1999 الى اكثر من 90000 سنة 2007. 3- في ميدان علاقات العمل تم التأكيد على تطبيق العقد الوطني الاقتصادي و الاجتماعي الذي يشكل خطوة هامة في ميدان الحوار و التشاور بين مختلف الشركاء الاقتصاديين و الاجتماعيين حيث سجل بهذا الخصوص : - التوقيع على 64 اتفاقية و اتفاق فرعي منذ سنة 2006 على مستوى جميع قطاعات النشاط و يتمحور أساسا حول زيادة الأجور إذ تم التوقيع منذ 1990 إلى جوان 2008 على 147 اتفاقية و اتفاقات فروع جماعية بين الشركاء الاجتماعيين. - التوقيع على اتفاقية /إطار بين الاتحاد العام للعمال الجزائريين و منظمات أرباب العمل في القطاع الخاص تتمحور حول زيادة الأجور. في مجال الحفاظ على القدرة الشرائية للأسر تم التذكير بان الأجر الوطني الأدنى المضمون قد تضاعف بين سنة 1999 و 2007 منتقلا من 6000 دج إلى 12000 دج. و موازاة مع ذلك تبدل الدولة الجهود الضرورية في ميدان دعم أسعار بعض المواد الأساسية. و على اثر عملية تقييم القطاع ذكر رئيس الجمهورية أن ارتفاع نسبة البطالة كانت من أهم آثار الأزمة الاقتصادية و الاجتماعية و التقويم الهيكلي التي مرت بها بلادنا خلال العشرية الماضية. و قد أوضح رئيس الجمهورية في هذا الصدد انه "بضمان تراجع ملموس للبطالة و من خلال الرفع المحسوس لنسبة النشاط في بلادنا فان الجهود التي بذلتها الدولة من اجل الإنعاش الاقتصادي و توفير مناصب الشغل قد أعطت نتائجها بما لا يترك مجالا للشك". كما أكد أن "مكافحة البطالة ينبغي أن تتواصل بإصرار شديد و كذا من خلال تسخير وسائل معتبرة إذ لا ينبغي أن ننسي بان النمو الديموغرافي يأتي كل سنة إلى سوق الشغل بحوالي 300000 طالب جديد للعمل". و حث رئيس الجمهورية الحكومة بان "تولي الأهمية الكبرى لتقليص البطالة لان ذلك يعد عاملا أساسيا من اجل الاستقرار الاجتماعي و من اجل أن يستفيد جميع السكان من نتائج إعادة البناء الوطني لاسيما الشباب الذي ينبغي أن نبعث فيه الأمل بقوة " .و قد اعطى رئيس الدولة تعليمات في هذا الخصوص. في المقام الأول "يجب على كافة البرامج التنموية المدعمة من ميزانية الدولة أن تدرج ضمن مقارباتها استحداث أكبر عد ممكن من مناصب الشغل سواء تعلق الأمر بدعم الفلاحة بكل مجالاتها أو بمختلف إجراءات دعم القروض المصغرة. و ستوفر الدولة كل الموارد اللازمة شريطة أن تستغل هذه البرامج بالشكل الأنسب و أن يستفيد منها طالبو العمل الحقيقيون.كما يجب أن تولي هذه البرامج أهمية خاصة للمناطق التي تعاني من تأخر في التنمية و يتعين على قطاع التكوين المهني تكريس طاقاته لمرافقة طالبي العمل من خلال التأهيل أو إعادة التأهيل". و في المقام الثاني "ينبغي أن تضع السياسة العمومية لدعم الاستثمار و تأهيل المؤسسات ضمن شروطها في المستقبل عروض العمل التي يقدمها المتعاملون الذين يطلبون دعم الدولة. كما يجب أن تجند مكافحة البطالة إسهام الجميع لا سيما المتعاملين الاقتصاديين". و في المقام الثالث "سيتم الإبقاء على برامج التشغيل المؤقت في المستوى العالي التي هي عليه الآن لأنها تساهم في شغل طالبي العمل من خلال تقديم أجر أدنى في انتظار توفير الشروط اللازمة لإدماجهم الفعلي في عالم الشغل". "و يتعين على مختلف الإدارات و الهيئات الناشطة في مجال ترقية الشغل تعزيز التشاور و التكامل في اعمالها ". و في نفس الوقت "يجب على الحكومة مواصلة جهودها الرامية إلى تحديد الطلب الفعلي على مناصب الشغل في كل ولاية و على الديوان الوطني للإحصاء إيلاء أهمية خاصة لهذا الجانب من مهامه. و يجب تعزيز مكانة الوكالة الوطنية للتشغيل كنقطة وصل أساسية بالنسبة لكل طالبي العمل من أجل تعزيز معلومات الخدمة العمومية حول سوق الشغل ". و من جهة أخرى فإن "الحكومة مكلفة بتعزيز وسائل تدخل مفتشية العمل إذ أن سياسة فعالة لمكافحة البطالة تتطلب حتما مكافحة دائمة للعمل الموازي و التحايل على القانون. و عليه يتيعن على مختلف مصالح الدولة التي تقوم بتسيير المعلومات الاقتصادية و الاجتماعية أن تعزز التنسيق و تقاسم المعطيات فيما بينها". و ألح رئيس الجمهورية من جهة أخرى على ضرورة إدماج عنصر التشغيل في مسار تنفيذ سياسة الاستثمار. و بخصوص الادماج المهني للشباب أعطى رئيس الجمهورية تعليمات لمسؤولي القطاع بغية مواصلة الجهود المبذولة في هذا الإطار لا سيما من خلال تعزيز روح المقاولة لدى الشباب و ترقية العمل المأجور كما هو منصوص عليه في مخطط العمل لترقية التشغيل لمكافحة البطالة. و أكد الرئيس بوتفليقة على ضرورة مواصلة عصرنة الخدمة العمومية و التشغيل و إدراج آليات التقييم و المراقبة و التنسيق. و في مجال علاقات العمل أبرز رئيس الجمهورية أهمية مواصلة تنفيذ و ترقية و تعزيز التشاور و الحوار الاجتماعي. و أخيرا دعا رئيس الجمهورية الحكومة إلى مواصلة الحوار الاجتماعي مع ممثلي العمال و أرباب العمل مؤكدا أن "العقد الوطني الاقتصادي و الاجتماعي الذي تم التوقيع عليه منذ سنتين و كذا إطار التشاور الثلاثي الذي حدد منذ قرابة عقدين يشكلان آليتين قيمتين من أجل تعزيز تظافر جهود كل الأطراف المعنية خدمة للتنمية المستدامة و السلم الاجتماعي"