عدوى ارتفاع الأسعار تنتقل إلى كل المجالات أفاد الخبير الاقتصادي بشير مصيطفى بأن الأزمة المالية العالمية ستؤدي إلى تدهور القدرة الشرائية للمواطن الجزائري، بسبب الارتفاع الذي ستشهده المواد الغذائية والأدوية المستوردة من الخارج، وكذا الأدوات الكهرمنزلية وأيضا السيارات بسبب معاناة الشركات الأجنبية من نقص في السيولة المالية. * وقال بشير مصيطفى في اتصال مع "الشروق" بأن الوضع المالي الجديد الذي تعرفه كافة دول العالم أدى إلى عودة ظاهرة الأسر المتقشفة في أوروبا والولاياتالمتحدةالأمريكية، وستنتقل حسب تقديره الظاهرة لتمس الجزائر أيضا، لأنها ستواجه أسعارا أعلى من السابق، مما سيجبر الأسر على تخفيض فاتورة الاستهلاك، والاكتفاء بالضروري والاستغناء عن الكماليات، وكذا اقتناء أدوات منزلية مستعملة والسيارات القديمة. * وفي شرحه لكيفية تأثر الجزائر بالأزمة المالية العالمية، أكد الخبير الاقتصادي بشير مصيطفى بأن الاقتصاد الوطني مرتبط بدول عديدة، من بينها الصين والهند وكذا بلدان الاتحاد الأوروبي، التي تأثرت جميعها بالأزمة المالية العالمية، مما أدى بعديد من وحدات الإنتاج على مستواها إلى تخفيض نشاطها بسبب قلة الطلب. وكما هو معروف من الناحية الاقتصادية فإن ركود الإنتاج أو تراجع العرض، يؤدي حتما إلى ارتفاع أسعار ما تصدره تلك الدول إلى الخارج، من بينها الجزائر. * ويؤكد مصيطفى بأن ارتفاع الأسعار لن يمس كافة المواد الموجهة للاستهلاك، بل إن الأمر سيقتصر على قائمة محددة فحسب، من بينها المواد الغذائية والأدوية، والسلع الوسيطة غير كاملة التصنيع، من ضمنها قطع الغيار التي تدخل في صناعة الأدوات الكهرمنزلية، كالثلاجات والمبردات وحتى السيارات. * وفيما يخص السيارات، فقد لاحظ الخبير الاقتصادي بأن أسعارها قد ارتفعت بالفعل، موضحا بأن البنوك التي تقدم قروضا لاقتناء السيارات أضحت تعاني من نقص في السيولة، مما سيدفع بها إلى رفع قيمة القرض، مما سيؤدي لا محالة إلى ارتفاع السعر الإجمالي للسيارات بصورة عامة. * ويتوقع الخبير الاقتصادي استمرار أزمة السيولة المالية على مدى خمس سنوات كاملة، تماما كما سارت عليه الأمور خلال الأزمة المالية التي شهدها العالم سنة 1929، وبالتالي فإن مشكلة قروض العقار ستتحول إلى قروض الاستهلاك؛ لأن البنوك ومن بينها البنوك الجزائرية ستكون مجبرة على الحفاظ على سيولتها المالية، من خلال تصعيب عملية الاقتراض، وسيكون ذلك عن طريق رفع سعر القروض، أي رفع سعر الفائدة إلى جانب فرض جملة من الضمانات، تجعل الواحد يفكر أكثر من مرة قبل أن يقدم على إيداع ملف لدى بنك ما للحصول على قرض. * ولم يستبعد مصيطفى منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية أن تطال هذه الأخيرة الجزائر، بحكم ارتباطها بالسوق العالمية عن طريق الاستيراد، لذلك فهي الأخرى ستواجه ضغوطات بسبب الأسعار. * موضحا بأن انخفاض قروض الاستهلاك، وبالتالي قلة الطلب، أدى إلى ركود الاقتصاديات الكبرى، خصوصا في الولاياتالمتحدةالأمريكية والصين، التي أغلق بها أمس مصنع خاص بلعب الأطفال كان يشغل أزيد من 10 آلاف عامل، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار نظرا لقلة العرض. * وفيما يخص سوق العملة الصعبة، يتوقع المتحدث ذاته بأن تتحول احتياطات الدول من الدولار الذي انخفضت قيمته إلى الأورو الذي سيشهد ارتفاعا آخر، وبما أن الجزائر تصدر بالدولار وتبيع بالأورو، فإن أسعار الواردات ستكون أغلى مما هي عليه الآن. * ويقترح بشير مصيطفى على السلطات العمومية من أجل التخفيف من تداعيات الأزمة المالية العالمية على المواطن، وضع سياسة اجتماعية جديدة خلال الأربع سنوات القادمة، إلى جانب إجراء حوار مع الشركاء الاجتماعيين الذين يهددون بشن إضرابات وحركات احتجاجية، خصوصا وأن سياسة الأجور الجديدة التي تنوي السلطات العمومية تطبيقها قد تصطدم بالأزمة المالية العالمية، ولن تجد طريقها نحو التجسيد الفعلي على أرض الواقع.