من مفارقات المشهد الوطني في هذه الأيام، أنه مع استمرار الأرصاد الجوية في نشر تحذيراتها بخصوص رياح قوية متوقعة وأمطار غزيرة مرتقبة في العديد من ولايات الوطن، تخرج زعيمة حزب العمال لتقول أن البرلمان يعيش جفافا سياسيا حادا. * وبأنه أصبح خطرا على الشعب، والدولة، حيث لم ينتعش في المدة الأخيرة إلا بالزيادة في أجور أعضائه، ولم يرتعش هؤلاء النواب إلا خوفا أثناء تعيين اللجان الداخلية، بما يدل على أن الغيث النافع الذي يسقي الله به الأرض منذ فترة، عاكسه الغيث الفاسد والضار لبعض المحسوبين على الشعب والمحتسبين من الميزانية العمومية! * ولكن، لماذا الكلام عن الجفاف البرلماني والحزبي والسياسي فقط، طالما أن اللوثة الفكرية أصابت مؤخرا جسم المثقفين في البلاد، فتشيّع هؤلاء وتشبعوا بلغة الكراهية وإقصاء الآخر، وظهر أنهم سلبيون، سواء في حالة غياب النقاش العمومي، أو في حالة حضوره؟! * نحن نعاني جفافا حادّا، وعبر مستويات مختلفة، ليس في ذلك شك، والأمر أصبح مبعثا للقلق، كما أضحى من الضروري أيضا تحرير نشرة خاصة على غرار نشرة الأحوال الجوية للكشف عن بواطن الجفاف ومواطن الإسفاف في السياسة والثقافة والاقتصاد، وأيضا في الرياضة التي أصبح الفساد فيها يحمل عدة مسميات، رغم أننا نعاني جفافا في الأداء، والخوف كل الخوف أن تكون النتائج الأخيرة للفريق الوطني مجرد أمطار صيف كاذبة، تماما مثل هوشة عدد من النواب أثناء رفضهم الصوري لضريبة السيارات، وكذلك الوطنية الزائدة للبعض دفاعا عن الثورة والشهداء مع علمهم أن هؤلاء ليسوا بحاجة لمحاميين طالما أن قضيتهم ناجحة سلفا؟! * وبالمنطق الذي سقناه للكلام عن الجفاف السياسي والحزبي والجمعوي، فإن الرئاسيات بهذا الشكل ستكون غيثا ينتظره الكثيرون، لكن صلاة استسقائه التي قدمها الكثيرون في شكل بيانات مساندة مجانية، ونداءات تطبيل وتزمير، لم تفارق حناجر هؤلاء، لأنها في الأصل مجرد دعوات زائفة وأمطار صيف كاذبة!