وصلت حمى الرئاسيات إلى أحد أشد الأحزاب معارضة في الجزائر في السنوات الأخيرة، ممثلا في حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، بإعلان اثنين من قادته تجميد نشاطهما، لتتوسع بذلك موجة الغضب في حزب سعيد سعدي من يوم إلى آخر؛ وهي الحركة التي تعيش على وقعها أحزاب أخرى مثل حركة مجتمع السلم والجبهة الوطنية الجزائرية. * فبعد إسقاط اسمين كبيرين يعتبران من أقرب المقربين لزعيم الأرسيدي، وهما النائبان بالمجلس الشعبي الوطني، مولود لوناوسي وجمال فرج الله، من قائمة أعضاء المكتب الوطني للحزب قبل أقل من أسبوعين، جاء إعلان اثنين آخرين من المجلس الوطني للأرسيدي عن تجميد عضويتهما وإيقاف نشاطهما في هذه التشكيلة السياسية التي مضى على انضمامهما إليها لأكثر من عشرية من الزمن. * وتزامن هذا التململ مع إعلان الرئيس بوتفليقة عن مشروعه لتعديل الدستور، الذي نال تزكية غرفتي البرلمان مجتمعتين، علما أن زعيم الأرسيدي، سعيد سعدي، يعتبر من أشد الناشطين السياسيين المعارضين لهذا التعديل، الذي فتح الباب واسعا أمام القاضي الأول للبلاد كي يترشح لعهدة ثالثة، بعد تعديل المادة 74 من الدستور، الذي قوبل بانتقاد حاد من طرف الأرسيدي، بعدما قرأ فيها توجها نحو تكريس سياسة الأمر الواقع. * ولم يقتصر مسلسل التململات والانشقاقات التي عصفت بالساحة السياسية في الأسابيع القليلة الأخيرة، على حزب سعيد سعدي، بل سبقه انشقاق كبير ضرب أركان المجموعة البرلمانية للجبهة الوطنية الجزائرية، على خلفية قرار رئيسها الذي دعا نواب "الأفانا" بتوجيه من الأمين العام، موسى تواتي، إلى الامتناع عن التصويت على مشروع تعديل الدستور، في قرار يعبر عن توجسه من أن يقود التعديل الدستوري إلى تكريس المخاوف من أن تكون الانتخابات الرئاسية المقبلة مغلقة. * وأدى قرار موقف موسى تواتي من التعديل الدستوري إلى انشطار كتلة حزبه، قسم منها أيد التعديل الدستوري والقسم الآخر امتنع عن التصويت، وهو التململ الذي خرج من أروقة البرلمان إلى هياكل ومؤسسات الحزب المحلية، على غرار ما حدث بمدينة وهران بعد مصادقة البرلمان على الدستور المعدل، الذي خلق أيضا سباقا محموما بين النواب الموالين لزعيمة حزب العمال، لويزة حنون، وبين المعارضين لها، حول من يقدم أفضل خدمة لدعم إنجاح مشروع الرئيس. * هذا ويتوعد الآتي من الأيام الأحزاب السياسية بانشقاقات وتململات وحركات تصحيحية، من شأنها أن تعيد ترتيب الواقع السياسي في البلاد، بسبب "لعنة" الانتخابات الرئاسية التي كلما اقترب موعدها، اندلع أوار الخلافات واشتعلت نار المصالح داخل الأحزاب السياسية، والتي آخرها إعلان المعارضين لأبو جرة سلطاني في حركة مجتمع السلم عن ترشيح عبد المجيد مناصرة لموعد أفريل المقبل، وهي الخطوة التي من شأنها أن تحرج قيادة حركة مجتمع السلم أمام حزبي التحالف الرئاسي الآخرين، التي ينتظر أن تتحمل عناء التكفل بالحملة الانتخابية لصالح الرئيس بوتفليقة، بصفته مرشح التحالف الرئاسي.