بانتظار انعقاد مؤتمر للمانحين بمصر لإعادة بناء قطاع غزة، يبدو انه يتعين على المواطنين الفلسطينيين في القطاع انتظار بلورة الأطراف المختلفة تفاهم حول ما يمكن أن يكون أكثر عملية إعمار "تعقيدا" في التاريخ لوجود رغبات واضحة من قبل مختلف الأطراف لإتمام هذه العملية بعيدا عن حركة (حماس) التي تسيطر فعليا على غزة. * قال الدكتور يوسف المنسي وزير الأشغال والعدل في الحكومة المقالة إن عملية إعادة الإعمار تكلف ملياري دولار و215 مليون، مشيرا إلى أن إعادة الإعمار في القطاع توجب إعادة فتح المعابر ورفع الحصار بشكل كامل. وذكر المنسي أن الحرب على غزة أدت إلى تدمير عشرين ألف وحدة سكنية، مشيراً إلى أن إعادة إعمارها يتطلب 850 مليون دولار، موضحاً أن متوسط عدد البيوت السكنية التي يمكن إعادة ترميمها تصل إلى عشرة ألاف وحدة سكنية. وأضاف أنه يتوجب تخصيص 880 مليون دولار لإعادة بناء المباني الحكومية والمؤسسات العامة من بلديات ونواد رياضية، إلى جانب 65 مليون دولار لإعادة إعمار المساجد والجمعيات الخيرية، و100 مليون دولار لإعادة بناء المطار والميناء، و40 مليون دولار لإعادة بناء مئات المدارس والجامعات ورياض الأطفال. وشدد على أن المصانع والورشات وآليات الدفاع المدني ومراكب الصيد والسيارات الخاصة والعامة التي دمرت تتطلب 55 مليون دولار، فيما انه يتوجب تخصيص 75 مليون دولار لإعادة إعمار البنية التحتية والطرق والجسور والمياه والصرف الصحي وشبكات الكهرباء والهاتف، و40 مليونا للدفيئات الزراعية والمزارع المعمرة والموسمية ومزارع الثروة الحيوانية. وأكد وجود خمسة آلاف أسرة مشردة جراء الحرب، وهي في حاجة الى معونات إغاثية وإيوائية عاجلة بتكلفة عشرة آلاف دولار للاسرة الواحدة لمدة عام إلى حين إعادة بناء بيوتها، فيما تعرضت عشرة الاف اسرة اخرى للتدمير الجزئي ويتطلب مأوى لمدة عام بتكلفة خمسة الاف دولار للاسرة الواحدة، فيما يقدر عدد الاسر التي يمكن إعادة ترميم مساكنها بحوالي عشرة الاف اسرة ويمكن ترميم منازلها بقيمة ثلاثة الاف دولار للاسرة الواحدة، أي بما يعادل 110 ملايين دولار تكلفة تقديرية للإغاثة العاجلة والايواء لمجموع هذه الاسر. * وأشار الى أن حكومته وضعت خططا شاملة للايواء والاغاثة واعادة الاعمار، مشدداً على موقف حكومته المصرّ على أن تكون هي جهة التنسيق والاشراف. وقال ان حكومته قدمت حتى الان ما يزيد عن مليوني دولار كمعونات عاجلة لإيواء المشردين. * * الصراع الفلسطيني الفلسطيني * إلا أن الخلاف بدا مباشرة وقبل أن تجف الدماء بين غزةورام الله من سيتسلم الأموال ويشرف على الإعمار في ظل تحذير أمريكي إسرائيلي بأن لا تصبح عملية الإعمار فرصة إضافية لتقوية حكومة حماس والتهديد الإسرائيلي بضرورة اضطلاع الأجهزة الإسرائيلية على خطط الإعمار.. * من جهته، قال أسامة حمدان ممثل حماس في بيروت "إذا كان البعض قد فشل في العودة إلى غزة عبر الدبابة الإسرائيلية، فإنه لن يعود على ظهر خلاطة إسمنت أو أطنان من حديد الإعمار، فالناس لا تنسى لمن وقف شامتاً فيهم أثناء العدوان". والسلطة الفلسطينية، تصر على أن تتولى بنفسها إعادة إعمار القطاع، وقالت إنها لن تسمح لأي جهة أخرى بأن تتولى هذه المهمة، لان في ذلك استبعاد للسلطة الشرعية، وتسليم بسلطة أخرى وبالانقسام الفلسطيني وتكريس له، كما جاء على لسان سلام فياض. * وكان وزير الخارجية رياض المالكي قد شدد على ان "كل البرامج والآليات والخطط التي سيتم الاتفاق عليها ستمر عبر السلطة الفلسطينية فقط". * وفي حملة واسعة وكل في مجال اختصاصه وجه وزراء حكومة فياض هجومات للتشكيك بنزاهة حكومة حماس وأنها قامت ببيع المساعدات الى القطاع الخاص وأنها غير مؤهلة للقيام بإعمار غزة وحكومة فياض تتسلح في ذلك بموقف السعودية التي جعلت بند الاعمار من خلال السلطة في رام الله. * من جهتها، هاجمت حماس حكومة رام الله وقالت "إن حكومة رام الله التي يرأسها سلام فياض قامت بالسطو على شاحنات مساعدات عاجلة قادمة للمنكوبين في قطاع غزة إثر الحرب على القطاع ومن ثم قامت ببيعها إلى تجار من داخل القطاع". وقالت حماس: ان حكومة رام الله باعت مساعدات أدخلتها عبر معبر العوجا الذي تسيطر عليه قوات الاحتلال لتجار بغزة على أنها بضاعة قادمة للقطاع الخاص، مشيرين إلى أنه وبعد وصول هذه الشاحنات للتجار قاموا ببيع هذه المساعدات لسكان القطاع كمواد خاصة في الأسواق. * * الموقف الأوروبي والدولي * يبدي الموقف الأوروبي ليونة في التعامل مع موضوع الإعمار، إذ يستبعد طرفي التنازع الفلسطيني حكومة فياض وحكومة هنية من استلام الأموال والإشراف على الإعمار.. الأمر الذي دفع فياض الى القول في حديث صحفي "إن المعونات المطلوبة لإعادة الإعمار ينبغي أن تمر من خلال السلطة الفلسطينية".وأضاف أن المانحين الدوليين الحريصين على إعادة بناء قطاع غزة الذي تديره حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يخاطرون بتعميق الانقسام السياسي من خلال تجاهل دور السلطة الفلسطينية. * ويأتي ذلك ردا على تصريحات دبلوماسيين غربيين كبار بأن بلدانهم والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اقترحوا على السلطة الفلسطينية إنشاء لجنة دولية مؤقتة تتولى تمويل وتنظيم المعونات المخصصة لإعادة إعمار قطاع غزة. * وأكد دبلوماسي غربي كبير أن الاقتراح ليس مقصودا به تجاهل عباس، وأضاف أن "المقصود به أن يكون آلية مؤقتة، لأن سلطة محمود عباس لا تسيطر على غزة ونحن نريد التعجيل بعملية إعادة إعمار غزة". * * الموقف الإسرائيلي * ولكن هذا تحديدا ما لا تريده إسرائيل، اذ يعكف حاليا ممثلون عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزارتي الدفاع والخارجية على بلورة أفكار لاستخدام مليارات الدولارات المتوقع ان تخصص لغزة وذلك من اجل عدم استخدامها في إعادة بناء قدرات حركة (حماس) أو منح الشرعية للحركة. * وتقول مصادر إسرائيلية إن احد مصادر القلق للإسرائيليين هي الكميات الكبيرة من الحديد والاسمنت التي ستكون هناك حاجة إليها لإعادة بناء قطاع غزة وإمكانية استخدامها من قبل حركة (حماس) في بناء قدرات صاروخية. وقالت"إحدى الافكار المطروحة هي مطالبة ان يتولى البنك الدولي والاونروا أو ربما السلطة الفلسطينية في رام الله المسؤولية عن إعادة البناء". * وقال مسؤول إسرائيلي"هناك خشية حقيقية من إمكانية ان يؤدي هذا الدعم الى الاعتراف بحماس كأمر واقع، لأنها مازالت الطرف الذي يسيطر على غزة ونحن نبحث عن طرق لإعادة بناء القطاع بدون الحركة". * وفي أوروبا جرى بحث هذا الموضوع مع السلطة الفلسطينية وإسرائيل وطرح بقوة في اجتماعات وزراء الخارجية الأوروبيين الاربعاء، مع الخارجية الاسرائيلية ولاحقا مع وزراء خارجية فلسطين والأردن ومصر وتركيا ويعقد كلا الاجتماعين في بروكسل. * قد يرى البعض في الصندوق الدولي أو في مؤسسات الأممالمتحدة نفسها عبر لجانٍ دولية مقترحة بعض حل، وقد تزعم السلطة أن الحل عندها، وقد ترى حماس أنها الأحق ولاسيما أن هناك اقتراحات مقدمة لها لإعادة إعمار القطاع بطريقة من يكون قادراً على المقاومة والصمود في المستقبل أكثر وأكثر، وخططاً مليئة بالملاجئ والمستشفيات. * * الموقف الامريكي * الحديث عن الموقف الامريكي يعني الحديث عن الموقف الرسمي العربي ولن يغير النظام العربي قيد أنملة في التوجه الأمريكي.. تأمل الولاياتالمتحدة استخدام إعادة الإعمار في غزة بعد الحرب في مساعدة السلطة الفلسطينية على استعادة حضورها ونفوذها في معقل حركة المقاومة الإسلامية وسيكون الهدف هو "ضمان أن يعود الفضل في إعادة الإعمار للسلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس الفلسطيني لا إلى الإسلاميين الذين فازوا في الانتخابات الفلسطينية عام 2006 وانتزعوا السيطرة على قطاع غزة بعد ذلك بثمانية عشر شهرا" وقاوموا الاحتلال بشكل أسطوري. * * إسرائيل: الإفراج عن شاليط مقابل فتح المعابر * اعتبر مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى أمس السبت، أن الهجوم الإسرائيلي الدامي على قطاع غزة وفر ظروفا أفضل لضمان الإفراج عن الجندي الإسرائيلي المحتجز لدى حركة حماس جلعاد شاليط. ورأى نائب وزير الدفاع ماتان فيلناي أن "العملية وفرت ظروفا أساسية ستسمح لنا باعتماد مقاربة مختلفة في المحادثات، مبرزا في تصريح للإذاعة العامة أن قضية جلعاد شاليط لطالما كانت في أذهاننا طوال العملية ومنذ خطفه. وسنبذل كل ما في وسعنا لاسترداده. والمعابر هي إحدى هذه المسائل". * وشنت إسرائيل هجوما عنيفا استمر 22 يوما على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس، انتهى الأحد الماضي، بهدف وقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية على جنوب الدولة العبرية ووقف تهريب الأسلحة من مصر إلى غزة. ولكن الحكومة الإسرائيلية لم تذكر الإفراج عن شاليط الذي أسره مسلحون فلسطينيون في هجوم عند تخوم قطاع غزة في جوان 2006، بين أهداف عملية "الرصاص المصبوب". وقد فشلت عدة محادثات كانت تهدف إلى الإفراج عنه في مقابل معتقلين فلسطينيين جرت بوساطة مصرية. وقال فيلناي "ينبغي أن ندفع ثمنا غاليا لإعادته". * وقال وزير الخارجية المصري احمد أبو الغيط الأربعاء، إن لا مصر ولا إسرائيل تملكان معلومات عن مصير الجندي. وكان الرئيس المصري حسني مبارك قال في اكتوبر أن شاليط في صحة جيدة وان حركة حماس لن تؤذيه. *