كشفت مصادر قريبة من وزارة الطاقة والمناجم أن أحد الأشخاص المقربين جدا من الوزير شكيب خليل، كان يعمل إطارا رفيعا بالوزارة قد تحصل على تقاعده أياما قليلة قبل تفجير فضيحة "سوناطراك" ، والغريب أن هذا الشخص قد حصل على تعويضات تقاعد جد مريحة تقارب 800 مليون سنتيم، قبل التحاقه النهائي بسويسرا بعدما تمكن من بيع كل أملاكه بالجزائر، ليحصل على عقد عمل مع شركة سويسرية تربطها علاقات عمل مع مجموعة "سوناطراك". * * الحوت الصغير دائما هو الضحية * * ويكون هذا الإطار الذي تم تداول اسمه عشرات المرات خلال التحقيق في قضية "سوناطراك" قد غادر نهائيا إلى الخارج لحصوله على معلومات شبه أكيدة بأن اسمه سيتم تداوله هذه المرة وبقوة، وأن المتهمين والشهود في الفضيحة سوف يحملونه مسؤولية الكثير من التجاوزات، وهو بالفعل ما حدث، حيث تم توقيف الكثير من المتهمين، بينما فر هذا "الحوت الكبير" بطريقة غريبة، خاصة وأن نفس الشخص تمكن من الخروج كالشعرة من العجين في فضيحة تصفية الشركة المختلطة الجزائريةالأمريكية "براون روت أند كوندور" ثم تحويل كل المزايا والامتيازات التي كانت تتحصل عليها هذه الشركة بالجزائر إلى شركة "سايبام" التي تملك مجموعة "إيني" الإيطالية العملاقة بأكثر من 43 بالمائة من أسهمها. * * واستفادت شركة "سايبام" الجزائر، التي تعتبر شركة إيطالية متخصصة في هندسة المشاريع البترولية والبحث والتنقيب عن المحروقات وبناء شبكات النقل وبناء أنابيب نقل الغاز في المياه العميقة، وهي شركة تابعة للمجموعة الطاقوية الإيطالية "إيني"، من الحل السريع للشركة المختلطة الجزائريةالأمريكية "براون روت أند كوندور: بي أر سي" التي كانت تملكها مجموعة "سوناطراك" بواقع 51 بالمائة، وشركة "كايلوغ براون أند روت" فرع شركة "هاليبرتون" التي يملكها نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني بنسبة 49 بالمائة والتي حلت سنة 2007 في ظروف غامضة بعد تسرب معلومات عن إبرام صفقات مشبوهة مع الشركة من طرف "سوناطراك"، ليتم بعد حل الشركة سجن الرئيس المدير للشركة عبد المؤمن ولد قدور بتهمة إفشاء أسرار الدولة لجهات أجنبية، لمدة 30 شهرا قضاها بسجن البرواڤية. * * "سايبام الجزائر" 10 ملايير دولار في 3 سنوات..!؟ * * ومعروف عن "كيلوغ براون أند روث" لدى الأوساط المتنفذة في الولاياتالمتحدة والعالم بأنها عين أمريكية على الدول التي تنشط فيها هذه المجموعة التي تمكنت من الدخول إلى الجزائر في ظروف غامضة، وتم الحكم عليها بالوفاة والحل في ظروف أكثر غموضا، وهذا مباشرة بعد تعرض حافلة تابعة للشركة لعملية إرهابية مسلحة خلفت قتيلين وعدة جرحى يوم 10 ديسمبر 2006 بمنطقة بوشاوي قرب العاصمة، قبل تحويل كل مخلفات حل الشركة إلى المولود المدلل الجديد "سايبام الجزائر" التي فازت وفي ظرف قياسي بمشاريع تجاوزت قيمتها 10 مليار دولار في ظرف ثلاث سنوات، وهي التي كان دفتر طلبياتها في الجزائر لا يحتمل أزيد من 30 ميلون دولار سنة 2006 أي في وقت الرخاء والبحبوحة التي كانت تعيشها "براون روت أند كوندور" التي فازت بعقود فاقت قيمتها 187 مليار دج وعلى رأسها أشغال تهيئة مقر وزارة الطاقة والمناجم الحالي ومجموعة من المشاريع في مجال الهندسة والبناء في مجال المحروقات والأشغال العمومية، وهي شركة متخصصة في إنجاز مشاريع التصميم والتموين والبناء في قطاعات المحروقات والبتروكيماويات والبيئة والهياكل القاعدية، وكانت الشركة قد حققت سنة 2005 رقم أعمال تجاوز 2 مليار دولار والتي كانت توظف حوالي 2000 مهندس، مما يعطي الانطباع بأن صحتها المالية في وضع جيد ولكنها تعرضت للحل سنة بعد ذلك، مما يطرح الكثير من الأسئلة حول ظروف حلها ونقل كل عملياتها لشركة "سايبام" الإيطالية التي وظفت المئات من المهندسين الذين اشتغلوا لدى "براون روت أند كوندور" سابقا، ولكن الغريب أن 40 بالمائة من المهندسين عاودوا الهجرة إلى الخارج مفضلين الهجرة على عدم العودة إلى "سوناطراك" التي كانت تسير بطريقة غير مباشرة من وزير الطاقة والمناجم شخصيا. * * "سوناطراك".. وأزمة الشفافية * * من الواضح أن أزمة "سوناطراك" ولواحقها توجد في الشفافية التي تعتبر الغائب الأكبر خاصة في التوظيف وفي تسيير الصفقات الضخمة التي لا يملك الجزائريون الاطلاع على تفاصيلها في الصحف الوطنية تماما مثلما حصل مع صفقات الطريق السيار والمشاريع الكبرى الأخرى ولذلك بعد حل شركة "براون روت أند كوندور" تم توظيف كبار المسؤولين السابقين بها من طرف شركة "سايبام الجزائر" التي منحت لهم أجورا بآلاف الدولارات، بعد تصنيفهم في خانة المتعاونين الأجانب حتى تتمكن من منحهم أجورا تتجاوز 10 ألاف دولار شهريا بالعملة الصعبة، وبعد إحكام قبضتها على جميع المشاريع التي كانت بحوزة "براون روت أند كوندور"، انتقلت إلى "سايبام" التي يوجد مقرها الرئيسي بمنطقة سيدي يحيى بحيدرة بالعاصمة، إلى حصد العشرات من المشاريع مع وزارة الطاقة والمناجم ومجموعة "سوناطراك" ومجموعة "سونلغاز" وشركة "أ . بي . بي إيطاليا" المتخصصة في تصنيع التجهيزات الكهربائية والتي تربطها عقود كبيرة مع "سونلغاز"، مستفيدة من العلاقة العائلية المباشرة بين المدير العام لشركة "أ. بي. بي إيطاليا" والمدير المالي لشركة "سايبام" الجزائر وهما الإخوة "فالفري" * وتعتقد الكثير من الجهات المطلعة في العاصمة الجزائر، أن شركة "سايبام الجزائر" ما هي في الحقيقة سوى غطاء بصورة جديدة لتنفيذ السياسة السابقة التي كانت تنفذها شركة "براون روت أند كوندور" بصورة أخرى، مما يدفعهم للقول إن "سايبام الجزائر" نفسها قد تتعرض للحل في حال حامت حولها شكوك بالفساد مع مجموعة "سوناطراك" ومجموعات بترولية أجنبية عاملة في الجزائر بالشراكة مع "سوناطراك" ومنها الشركة المصرية "بتروجيت" المتخصصة في رعاية المصالح المصرية في المجال النفطي بالجزائر. * وتمكنت الشركة من الاستمرار في الحصول على نفس الامتيازات التي كانت بحوزة "براون روت أند كوندور" عن طريق توظيفها لأقارب مسؤولين كبار، خاصة في القطاعات المكلفة بمتابعة صفقات بملايير الدولارت في مجموعة "سوناطراك" والقطاع الطاقوي الجزائري عموما. * وبفضل العلاقات الممتازة للشركة مع جهات نافذة بوزارة الطاقة والمناجم سجلت الشركة دخولا قويا إلى قطاع الطاقة الجزائري وفازت منذ 2006 بعقود مهمة جدا تجاوزت 10 مليار دولار، ومنها العقد المبرم مع "سوناطراك" ، ومجموعة "فيرست كاليغاري بتروليوم" بقيمة 1.85 مليار دولار يوم 23 مارس 2009، وهو العقد الخاص بإقامة مشروع غازي بحوض بركين في المنطقة المسماة "لجمات"، بالإضافة إلى مشروع خاص مكان رمي النفايات الخاص بالمشروع البيتروكمياي لإنتاج اليوريا والأمونياك بمنطقة مرسى الحجاج بولاية وهران، وهو العقد الذي حصلت عليه الشركة بقيمة 220 مليون دولار، فضلا عن فوز الشركة بمشروع وضع خط نقل الغاز الطبيعي الخاص بمشروع "ميدغاز" بين الجزائر وإسبانيا تحت المتوسط، وهو عقد مهم جدا أيضا كانت تكلفته 900 مليون أورو، وهي نفس الشركة التي فازت بعقد إنجاز خطا أنابيب الغاز بين حاسي رمل ومنطقة أرزيو على طول 495 كم وتم توقيع العقد يوم 11 أكتوبر 2007 بقيمة 200 ميلون أورو، بالإضافة إلى العشرات من المشاريع في القطاع النفطي تقوم الشركة بتنفيذها بالمناولة لصالح شركات فرنسية وإيطالية ومصرية تعمل في قطاع البتروكمياويات، ومنها مشروع مرسى الحجاج للأسمدة بين "سوناطراك" و"أوراسكوم" التي حصلت على امتيازات خيالية، ومنها العقد طويل المدى الخاص بتزويدها بالغاز الطبيعي لمدة 25 سنة بسعر تفضيلي، يسبب للخزينة العمومية خسائر بملايير الدولارات، كانت ستستفيد منها البلاد في حال تصديرها للغاز على حالته بسعر السوق الدولية.