كشف نائب رئيس الفدرالية الوطنية للوكالات العقارية عبد الحكيم عويدات بصفته المكلف بالإعلام لدى الفدرالية، ل"الشروق" أن صيغة القروض العقارية للحكومة ستضع حدا لسياسة المضاربة المتفشية في سوق العقار، كما أن هذا الأخير سينخفض بنسبة 20 بالمائة، لكنه أكد أن الوضع السوق تشهد حالة من الركود وأن عرض قطعة أرضية للبيع يحتاج لسنة كاملة من أجل إيجاد مشترٍ لها. وقال نائب رئيس الفيدرالية الوطنية للوكالات العقارية، أن التحويلات العقارية التي تقوم بها الوكالات العقارية تراجعت بنحو 80 بالمائة، وأوضح عويدات أن سوق العقار يتسم حاليا بوجود حجم طلب كبير على السكن ومختلف أنواع العقارات، مع حجم عرض كبير، لكن هذا العرض يقابله طلب مادي خيالي وجنوني، إذ من غير المعقول أن تقدر ثمن قطعة أرضية في الجزائر بضعف ما تقدر عليه في أرقى العواصم العالمية، ومنها دبي وباريس، هذه الأسعار التي لا تتناسب بتاتا مع القدرة الشرائية للمواطن، مؤكدا أن القرض العقاري الذي ستمنحه البنوك حتى لو قدر ب 700 مليون سنتيم فإنه لن يحل مشكلة العقار، وضرب مثلا بقوله "إذا كان سعر شقة مثلا في العاصمة يعادل مليار سنتيم، فإن سعرها في باريس مثلا هو 10 آلاف أورو، وهو مبلغ في متناول إطار سام، بفضل الأجر القاعدي المرتفع والذي يعادل 1200 أورو، في حين لا يمكن للموظف في الجزائر، أن يشتري شقة بهذا السعر في الجزائر. وفسر محدثنا أسباب ارتفاع الأسعار لسوق العقار، بسبب توافد المستثمرين ورجال الأعمال الأجانب على إنشاء مؤسسات ومشاريع بالجزائر، وهو ما زاد الطلب على العقار، مؤكدا أن عرض قطعة أرضية للبيع تبقى تنتظر بائعها لأكثر من سنتين بالرغم من حملات الإشهار لها. وبخصوص إمكانية أن تلعب القروض العقارية دورا في خفض الأسعار، قال المتحدث إن القروض العقارية ستنشط السوق، ويمكن لها أن تضع حدا للمضاربة لسوق العقار في الجزائر، مؤكدا إمكانية خفض الأسعار ب20 بالمائة. أما بشأن مشكلة القضاء على أزمة السكن، قال المتحدث إن الفيدرالية الوطنية للوكالات العقارية قدمت جملة من الاقتراحات لخفض الأسعار وضبط سوق العقار، وعلى رأس هذه الاقتراحات، توجيه برنامج المليون سكن للكراء بأسعار تنافسية، بدل توزيعها وهو ما من شأنه خفض محسوس لأسعار البيع والكراء معا. وقال عويدات إنه تم توجيه طلب للجهات الوصية من أجل فرض ازدواج ضريبي على كل الشقق الشاغرة التي أشار إليها الإحصاء الخامس للسكان، مع خفض مستوى الضرائب على الشقق الموجة للكراء. وقال المتحدث إن القانون الجديد للوكالات العقارية عرقلة مهمة الوكيل العقاري، وطالب المتحدث أن تعيد وزارة السكن والعمران النظر في صياغة القانون، حيث حرم هذا القانون 95 بالمائة من ممتهني المهنة مزالة النشاط بعد اشتراط المستوى الجامعي. وقال المتحدث أن 20 بالمائة من مجمل عمليات البيع والكراء التي تتم عبر كامل أنحاء الوطن تشارك فيها الوكالات العقارية، أما 80 بالمائة الباقية تتم بين الخواص، وهنا يطرح إشكالية أخرى وهي قيمة الضريبة التي تفرضها الدولة على تلك المعاملات، ويدعو الدولة إلى ضرورة تخفيضها إلى أقل من 7 بالمائة وهذا ما يشجع على الكشف عن القيمة الحقيقية للعقار، الأمر الذي سيجنب الدولة الخسائر التي تتكبدها جراء هذا التهرب الضريبي. جدير بالذكر أن عدد الوكالات العقارية الناشطة في سوق العقار يقدر ب6000 وكالة عقارية عبر الوطن. المرقون العقاريون يتوقعون نتائج إيجابية القروض العقارية ستخفف الطلب على السكن الاجتماعي يتوقع المرقون العقاريون أن تقتصر الآثار الإيجابية للقروض العقارية التي أقرتها الحكومة مؤخرا، على أسعار السكن التساهمي والترقوي، فيما استبعد أي تأثير لهذا الإجراء على أسعار العقار بصفة عامة في البلاد. يقول المرقي العقاري هارون منيعي: "لا أعتقد أن خفض نسبة الفائدة على القروض العقارية سيقلب أسعار العقار في الجزائر، والتي تبقى في مستويات أسعار العقار في أكثر المدن غلاء في العالم "، والسبب برأي المتحدث، هو أن سوق العقار في بلادنا، تحكمه معايير أخرى غير التي يفترض أنها تتحكم في الأسعار في بقية دول العالم. وأوضح المتحدث ل "الشروق"، أن النتائج الإيجابية التي يمكن أن تترتب على خفض نسبة الفائدة على القروض العقارية، يمكن حصرها في إقبال أكبر عدد من الجزائريين إلى الاقتراض من البنوك العمومية وصندوق التوفير والاحتياط، من أجل شراء عقارات أو بناء أو شراء سكنات جاهزة، وهو أمر من شأنه أن يخفف الضغط على الطلبات الموجهة للسكن الاجتماعي على مستوى البلديات، مستغلين هامش خفض الفائدة، الذي يسمح لذوي الدخل المتوسط من اقتصاد موارد مالية إضافية. ويرى منيعي أن قيمة أي عقار تحدده جملة من العوامل، أولها موقع الأرضية التي يوجد بها العقار، إذ لا يمكن مقارنة العقار الذي يوجد في منطقة نائية، مع ذلك الذي يوجد في مدينة كبرى تعيش على وقع كثافة سكانية، على غرار ما تعيش العاصمة منذ مدة، يضاف إلى ذلك طبيعة ملكية العقار، فالعقار الذي تملكه الدولة لا يمكن أن يباع بذات السعر الذي يبيع به الخواص، لأن أسعار العقار المملوك من طرف الدولة أسعاره محددة، عكس أسعار الخواص، التي عادة ما يتحكم فيها السوق الموازية. ومن الأسباب التي ساهمت في غلاء العقار، كثرة الطلب على السكن في ظل غياب حظيرة وطنية قادرة على الاستجابة للطلب المتزايد، وغياب العقلانية في توزيع السكنات، يضاف إلى ذلك المضاربة التي صارت العامل الأبرز في سوق العقار الوطني، في ظل غياب اطر قانونية واضحة تضبط هذا القطاع الحساس، الذي سقط بين أيدي أقلية قليلة من المضاربين والسماسرة، وهو ما يفسر التقلبات الكثيرة لأسعار العقار من يوم لآخر، على حد تعبير منيعي، الذي أكد أن ظاهرة المضاربة صارت قاسما مشتركا لكل القطاعات. وبرأي المتحدث، فإن عجز الدولة أيضا عن التحكم في أسعار مواد أولية على علاقة وطيدة بالعقار، على غرار مواد البناء كالإسمنت وحديد الخرسانة والخشب، ساهم بدوره في تجذر ظاهرة المضاربة، على اعتبار أن العقار في النهاية هو قطعة أرضية شيدت عليها بناية، مشددا على ضرورة تنظيم القطاع وهو الإجراء الذي يبقى لا مفر منه لإنهاء معاناة ملايين الجزائريين من أزمة السكن. الإتحاد الوطني لمقاولي البناء والعمران يؤكد أنها ظاهرة مرضية عدم إحترام آجال الإنجاز والتسليم راجع لإضطرابات سوق مواد البناء أكد الإتحاد الوطني لمقاولي البناء والعمران أن مشكل تأخر تسليم المشاريع السكنية في آجالها الزمنية المحددة وتجاوز مدة الإنجاز للمعدل الطبيعي أصبح ظاهرة حقيقية في الجزائر تتكرر مع كل مشروع سكني، نتيجة لمشكلين أساسين يتعلقان ببيروقراطية الإدارة في إقرار الإضافات المالية نتيجة تعديلات مكاتب الدراسات للدراسة التقنية للمشروع بالإضافة إلى غياب الرقابة في سوق مواد البناء. وأوضح قاسمي سليم أن جميع المشاريع ترتكز على قاعدة ثلاثية "العامل التقني، المالي والوقت" يرتبط كل عامل بالآخر ويؤثر عليه فأي اضطراب على مستوى العامل التقني كندرة في مواد البناء أو عدم استقرار في الأسعار بسبب غياب الرقابة أو مواجهة المقاول لمشاكل في الميدان لم ترد في الدراسة التقنية للمشروع، ما يتسبب في أشغال إضافية تتطلب غلاف مالي إضافي، إلا أن أي إضافة مالية تستدعي إعادة دراسة تقنية بالرجوع إلى مكتب الدراسة، ومن ثم إعادة عرض الدراسة على لجنة الصفقات العمومية وانتظار قانون المالية الجديد لإدراج القيمة المالية الإضافية وكل هذا يعرقل عملية الإنجاز. وأشار نفس المتحدث إلى أن كل تعديل في الدراسة التقنية يؤثر على القيمة المالية للمشروع التي تستدعي مراجعة كاملة للمشروع من قبل لجنة الصفقات العمومية والمراقب المالي وإقرار التعديلات على الغلاف المالي في قانون المالية، حيث تستغرق هذه العملية في العادة من 6 أشهر إلى سنة ما يعطّل عملية الإنجاز ويؤخر تسليم المشاريع في آجالها المحددة مسبقا، إلا أن عدم استقرار أسعار مواد البناء والندرة المفاجئة لبعض المواد تبقى أساس عدم احترام المقاولين لآجال إنجاز المشاريع السكنية في ظل غياب الرقابة على سوق مواد البناء، ففي حين يتراوح سعر الكيس الواحد من الإسمنت بين 300 و330 دج للكيس الواحد يتجاوز سعره في السوق الموازية 800 دج نتيجة للندرة، خاصة عندما يتعلق الأمر بمادة الرمل، في ظل منع جلبه من شواطئ البحار والوديان والاعتماد فقط على رمل المحاجر ما يتسبب في أزمات ندرة حادة متتالية في سوق مواد البناء في الجزائر يلهب أسعار الكميات القليلة المعروضة في السوق، وأمام المقاول خيارين كليهما مضيعة للوقت، ويؤخر تسليم المشاريع وإتمامها فإما ينتظر انخفاض أسعار السوق واستقرارها أو يُطالب بغلاف مالي إضافي يتطلب مراجعة الدراسة التنقية والمالية للمشروع وإعادة مناقشتها والمصادقة عليها من قبل لجنة الصفقات العمومية وكلها إجراءات تستدعي مدة زمنية طويلة تؤخر عملية الإنجاز. من سيدفع الفارق بين السعر الحقيقي والسعر الرسمي للسكن؟ سيجد أزيد من 80 في المائة من القوة الناشطة في الجزائر المقدر عددها بحوالي 9،6 مليون نسمة أنفسهم عاجزين عن اقتناء مسكن لائق، بعد الشروع في تطبيق الإجراء الخاص بالقروض العقارية الذي أقرته الحكومة، بالنظر إلى قيمة القروض الذي تمنحها البنوك، تناسبا مع قيمة الأجور التي تتقاضاها تلك الفئة، وهي لا تتجاوز في أحسن الحالات 40 ألف دج. وبحسب السيد معلوف مختص في الدراسات الاجتماعية بوكالة "ميديا سانس"، فإن الفئة التي بإمكانها الحصول على قرض عقاري يمكنها بالفعل من شراء مسكن، وكذا تسديده على مدى 25 سنة هم الإطارات الذين تتجاوز رواتبهم الشهرية 80 ألف دج، لأن قيمة القرض الذي تحصل عليه هذه الشريحة تصل إلى800 مليون سنتيم، وهي فئة جد قليلة يقتصر عددها على بضعة آلاف إطار فقط، في حين أن الغالبية الساحقة من العمال والإطارات العاملة في القطاع العمومي تقل رواتبهم بكثير عن ثمانية ملايين سنتيم في الشهر. ويرى المصدر ذاته بأن الإطارات العاملة في القطاع الخاص هي من لديها الحظ أكثر في امتلاك سكن بفضل القروض العقارية التي ستشرع البنوك في منحها، بالنظر إلى ارتفاع رواتبها، في حين تبقى الإطارات العاملة في القطاع العمومي ملزمة بالبحث عن دعم مالي آخر تضيفه إلى القرض الذي تمنحه البنوك من أجل تحصيل تكلفة السكن، التي لا تخضع لأية معايير أو مقاييس ويبقى يسطير عليها المضاربون والسماسرة، في ظل عجز الدولة عن وضع معايير مضبوطة تحدد سعر المتر المربع الواحد في المدن وخارجها.