المخرج التركي ايرميك رفقة صحفية الشروق / تصوير: بشير زمري "أقول لنجوم سوريا ومصر عليهم تقبل الأمر لأنه وقت تألق الدراما التركية" "90 بالمائة من الأتراك مسلمون ونحن أيضا ضد خدش الحياء والتجارية" دق أبواب الإخراج السينمائي والتلفزيوني في سن ال26، يكتب سيناريوهات أعماله بنفسه، ويرفض استغلال نجومية أبطال الدراما التركية للترويج لأفلامه السينمائية، يقول أن سر النجاح أن يُطبخ الإبداع على نار هادئة وأن لا يركب المخرج موجة التجارية، فينتشر ثم سرعان ما ينسى، حلمه دخول منافسة مهرجان "كان" ويرفض من يربط نجاح الدراما التركية بدبلجتها إلى اللهجة السورية ويتحدث عن مهند ونور وسمعتهما في تركيا.. هو مخرج "إكليل الورد" أول مسلسل تركي عرض على المشاهد العربي.. إنه تشان إيرميك.. معنا في هذا اللقاء مع الشروق على هامش افتتاحه للأيام السينمائية التركية بالجزائر بفيلمه الشهير "أبي ابني" سبقك في زيارة الجزائر مسلسلك "إكليل الورد" الذي تابعه الجزائريون على غرار المجتمعات العربية على قناة "أم بي سي" هل أنت على علم بأنه حصد أعلى نسبة مشاهدة حسب إحصائيات الفضائية؟ أنا سعيد جدا بزيارتي الأولى للجزائر، أنا ابن إقليم أزمير وأوجه التشابه كثيرة بين مسقط رأسي والجزائر، أحببت طبيعتها وسكانها وعمرانها، وشعرت فعلا أنني لم أغادر تركيا، أما بالنسبة لمسلسل "إكليل الورد" - يضحك- فوصلتنا أصداء نجاحه من خلال تنقلاتي إلى مختلف المهرجانات، وأحب أن أشير إلى أن ما تعتبرونه في الوطن العربي ظاهرة جديدة وفريدة من نوعها أن تكتسح الدراما التركية العالم العربي وتنافس السورية والمصرية، فنحن أيضا في تركيا مندهشون ومتفاجئون للحركية التي تعرفها الدراما والسينما على حد سواء. ما هو سبب هذا الانتعاش المفاجئ - إن صح التعبير- للسينما والدراما التركية في رأيك؟ أولا، السينما التركية لها تاريخ يقارب القرن، ومعروف عن المجتمع التركي التنوع في العادات والتقاليد، ما حدث أنه في السابق كان هناك اتجاهان، الأول كان يجتهد لمواكبة الغرب، والاتجاه الثاني كان هدفه منافسة المشرق، فخسرت الدراما والسينما التركية هويتها، وبقيت على مر عقود من الزمن تلهث في طريقين متناقضين، وفي الفترة الأخيرة استرجعنا هوية إبداعنا وقررنا كمخرجين ومنتجين أن نقدم ما يعكسنا ويمثلنا، والدليل أن السينما الإيرانية استطاعت التخلص من عقدة الشرق والغرب و صراع العالمية والوطنية وذاع صيتها مؤخرا، ونفس الشيء بالنسبة للسينما الهندية والإيطالية، لأن عامل النجاح هو التميز الذي نملكه. على ذكر التميز، لاحظنا اعتماد أغلب المخرجين الأتراك على الموسيقى التقليدية حتى وإن تناول السيناريو قصة معاصرة هل هو خيار تقني أم جمالي؟ الموسيقى في الدراما التركية هي وسيلة لرواية الأحداث، تعوض الحوار وتختزل المشاهد، لأنها تحكي بطريقتها عن قيم ومعانٍ يعجز الحوار أحيانا على تجسيدها، الحكايات التركية القديمة ممتعة وغير معروفة خارج تركيا، لذلك نتعمد استغلالها وتقديمها في قالب فني مقبول وراقٍ. رفض المشاهد العربي بعض المسلسلات التجارية التي لم تحترم التقاليد والتعاليم الإسلامية، هل يطرح هذا المشكل في تركيا، خاصة وأن الأغلبية مسلمة؟ ثم بعيدا عن قصص الحب، ألا توجد مواضيع أخرى جادة تشتغل عليها الدراما؟ طبعا هناك الكثير من المسلسلات التركية التجارية المرفوضة عندنا أصلا، وهي مسلسلات لا تلقى الرواج وحتى من يشارك فيها من الممثلين غير معروف، هناك مواضيع اجتماعية وسياسية كثيرة تناولتها الدراما التركية، وتوظيف قصص الحب ليس إقحاما دائما وإنما طريقة صحية لجذب المشاهد العاطفي بطبعه دون إهمال الجوهر والمعنى الأعمق من العمل. استنكر نجوم الدراما السورية هذا الاكتساح ووصفوا المسلسلات المدبلجة إلى اللهجة السورية بالتجارية، ونلاحظ اليوم توجه المغرب والخليج أيضا إلى الدوبلاج. إلى أي مدى تظنون أن الظاهرة صحية؟ وهل ستؤثر على مستوى الإنتاج ونوعيته؟ أتذكر جيدا أن المنتجين السوريين كانوا يقصدون تركيا لإكمال عملية المونتاج بسبب كثرة الأعمال، وأقول لمن يرفض هذا الاكتساح إنه حان وقت الدراما التركية. سمعت عن توجه بعض الدول إلى دبلجة المنسلسلات التركية إلى لهجاتها، وهذا نافع للطرفين، لأنه تسويق مزدوج وستحظى هي الأخرى بانتشار لهجتها من خلال الفضائيات. تفاجأ كل من سانغول أودن المعروفة بدور نور وكيفانش تاتلوغ بدور مهند بشهرتهما في العالم العربي، وأكدا خلال استضافتهما على قناة "أم بي سي" أنهما لا يتمتعان بنفس الشهرة في تركيا، هل هذا صحيح؟ هذا غير صحيح، فكلاهما معروف جدا في تركيا، وحاليا هما من أشهر الفنانين ولكنهما معروفان أكثر في الدراما، ولم يشاركا بعد في السينما. تعرف السينما التركية مؤخرا انتشارا واسعا ومشاركات عديدة في المهرجانات الدولية، أين حصدت جوائز تقديرية وأشيد بمستواها، ما سر هذا الانفتاح؟ وما هو دور الإنتاج الخاص أو المستقل مقارنة بالإنتاج العمومي؟ الإنتاج الخاص بتركيا منفتح جدا ولا يعترف بالطابوهات، وأنا شخصيا تطرقت لفترة الانقلاب العسكري بكل جرأة، ولم أواجه أي مشاكل، أظن أن الإنتاج المستقل هو من دفع أكثر بعجلة الفن السابع في تركيا، المعروف أن السينما غير مجبرة على إيجاد الحلول للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولكنها تستطيع تقديم طرح جريء بتناول الراهن من زوايا أخرى، وهذا ما أفعله، فأنا لا استبق الموضوع وإنما هو من يختارني، وأكتبه كلما ألهمني مكان ما أو شخص ما بالكتابة. هل لديك أي فكرة عن السينما الجزائرية؟ و هل تعلم أنها الدولة العربية الوحيدة التي افتكت السعفة الذهبية في مهرجان "كان"؟ شاهدت الكثير من الأفلام الجزائرية خلال تواجدي بمهرجان القاهرة أو في مهرجان اسطنبول، وسمعت عن أفلام وصلت إلى العالمية، أما بالنسبة لمهرجان كان فهذا حلم حياتي وأظن أنه حلم كل دولة وكل مخرج، لأنه مهرجان دولي كبير وعريق، أتمنى أن يتحقق حلمي يوما مثلما تحقق حلم الجزائر. بعد "وادي الذئاب" جاء مسلسل "صرخة حجر" ليتناول القضية الفلسطينية بكل جرأة ويعري الإسرائيليين من ثوب السلام الملطخ بعار جرائمهم اللانسانية، هل فكرت يوما في تناول هذه القضية؟ طبعا لدي أفكار حول هذه القضية، ولست خائفا من التعبير عنها، ولكن أفضل تجسيدها في فيلم أو مسلسل على أن أدلي بها، لأن البعض قد يقرأها سلبيا، أفضل الصورة. هل من جديد درامي أو سينمائي؟ نعم أنا بصدد الانطلاق في تصوير فيلم جديد مطلع الشهر المقبل، اسمه "نوم الأميرة" المقتبس عن "الثلجة البيضاء"