عندما تدخل محله التجاري تجده يعرض مختلف أنواع الأعشاب والخلطات الشعبية التقليدية قد لا تصدق أن خلف هذه الواجهة المزينة بأدوية تقليدية لمختلف الأمراض ووراء هذه الرفوف التي يقصدها العليل باحثا عن علاج لأمراضه، وجود نشاطات أخرى، حروز تكتب ومستقبل يقرأ وأعمال سحر تصنع في الخفاء، ليكون بيع الأعشاب غطاء قانونيا لعمل شركي يرفضه الدين والقانون. لم يعد المشعوذون والسحرة يمارسون أعمالهم المحرمة داخل منازلهم أو في المستودعات بعيدا عن أعين الرقابة ورجال الأمن، بات جلهم يفضلون فتح متاجر لبيع الأعشاب في قلب المدن حيث تكثر حركة المارة، ففي خلفية المحلات وبداخل مكان ضيق ومظلم يقومون بأعمال الشرك والدجل المتعودين عليها، المخالفة لتعاليم ديننا الحنيف والتي نهانا عنها المولى عز وجل ورسوله الكريم. كانت الصدفة وحدها هي التي ساقتنا لمحل لبيع الأعشاب في البليدة، عندما دخلنا لشراء بعض الأعشاب شرع صاحب المحل وهو في أواخر الأربعينات من العمر، كانت ملامحه تبدو مرعبة وفي عينيه لمعة غريبة بثت الخوف والذعر في نفوسنا، يستفسرنا عن أسباب اقتنائها والغرض الذي ستستخدم له، ثم بدأ يذكر لنا أن البعض من هذه الأعشاب تستعمل أيضا لإبعاد العين وطرد الجن وهناك من يستعملها للتداوي، ليكشف لنا بعدها عن مواهبه الأخرى وهي قراءة الطالع "فتح الكتاب" لمعرفة المستقبل والأشخاص الذين يضمرون الشر ويسعون لإيذائنا، حاولنا توريطه أكثر في الحديث فرحنا نستبعد ما يقوله عن وجود أعداء فرد علينا بعبارة "الحرب خداع"، وعن السعر رد محدثنا يكون ابتداء من ألفين دينار فما فوق زاعما أن قراءته تصيب غالبا وهو ما أكسبه شهرة حسب ادعاءاته فيقصده الزبائن من مختلف الولايات. وللأسف ليس المحل المذكور سابقا هو الوحيد ففي العاصمة وبالتحديد ببلكور تكثر المتاجر المشابهة، دخلنا لواحد منها كي نقتني قارورة ماء ورد، وهناك شاهدت صاحب المحل يقوم بكتابة أسماء وطلاسم غريبة على جلد، ولما علم بطلبها اعتقد أن للأمر علاقة لتزويجها فعرض عليها أن يمنحها حرزا من جلد الغزال لكنها رفضت وفرت هاربة تاركة قارورة ماء الورد. وفي هذا الإطار، اعتبر رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الجزائريين، الحاج الطاهر بولنوار، ما يقوم به هؤلاء التجار لا يمكن وصفه بالنشاط التجاري بل هو استغلال للزبون باتخاذ نشاط تجاري معلن لممارسة نشاط آخر غير قانوني وممنوع فهذا نوع من التحايل يضيف بولنوار، لأن النشاط الأصلي لهؤلاء التجار هو الشعوذة وليس بيع الأعشاب. كاشفا عن وجود عديد المحلات المشابهة على مستوى العاصمة بالأخص محلات بيع الأعشاب، فغالبية أصحابها يستعملونها لنشاطات أخرى إما السحر أو الرقية، وما زاد من انتشارهم هو صعوبة رقابتهم فممثل وزارة التجارة قد لا يعثر على شيء، لذا يتوجب على المواطنين التبليغ ضدهم في كل مرة يصادفونهم فيها.