خلفت الاستقالة المفاجئة لعضو المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني المكلف بالإعلام، حسين خلدون، جدلا واسعا في أوساط الحزب، بسبب التطورات التي أعقبت الحادثة، التي وصلت إلى حد مطالبة القيادي المستقيل بالإطاحة بولد عباس من منصب الأمين العام. وبينما ربط متابعون لشؤون الحزب العتيد، ما حدث بحر الأسبوع المنصرم، بصراع ولد عباس مع تركة سلفه عمار سعداني، لكون خليفة خلدون هو عضو المكتب السياسي السابق، الوزير الأسبق، موسى بن حمادي، الذي أبعده سعداني من عضوية المكتب السياسي في ظروف غامضة، تؤكد مصادر عليمة بشؤون "الأفلان" أن الأمر لا يتعلق إطلاقا بهذه الفرضية. القضية حسب المصدر ذاته، تتعلق بتنازع صلاحيات وزادها تفشي بعض الحساسيات بين الأمين العام ومحيطه الضيق وبالتحديد مدير ديوانه فضيل سعد الدين من جهة، وعضو المكتب السياسي المكلف بالإعلام المستقيل من جهة أخرى. فتنظيمات الحزب المحددة لصلاحيات أعضاء المؤسسات القيادية تضع مهمة "الناطق الرسمي أو المتحدث باسم الحزب" ضمن صلاحيات الأمين العام، مع تخويل هذا الأخير صلاحية تفويضها لمسؤول آخر أو الاحتفاظ بها. ومعلوم أن ولد عباس عندما خلف سعداني في منصب الأمين العام، وجد خلدون عضوا بالمكتب السياسي مكلفا بالإعلام أو ناطقا رسميا باسم الحزب (قوانين الحزب لم تفصّل في التسميتين)، ولذلك رأى ولد عباس تصريحات خلدون التي كثيرا ما حملت توصيف "الناطق الرسمي للحزب"، امتدادا للصلاحيات التي أوكلته إياها قوانين الحزب الداخلية، فقرر استرجاعها. وما يعزز هذه الفرضية هو أن ولد عباس استرجع هذه الصلاحية من خلدون ومنحها للوزير الأسبق، موسى بن حمادي، الذي عينه مستشارا إعلاميا للأمين العام، لكن من دون أن يقلده عضوية المكتب السياسي، الذي يتطلب تزكيته من طرف أعضاء اللجنة المركزية. الأمر الثاني هو أن الأمين العام مخول بتوزيع المسؤوليات على أعضاء المكتب السياسي، ومن هذا المنطلق، فقد عمد ولد عباس في البداية إلى تجريد خلدون من مسؤولية الإعلام وتكليفه بمسؤولية التشريع، غير أن الرجل يكون قد اقتنع بأن ما تعرض له إهانة، لا سيما أن ولد عباس طعن في ما كان يقوم به خلدون كناطق رسمي للحزب. والسؤال الذي يبقى بحاجة إلى إجابة بحسب المطلعين على هذه القضية هو: هل تقييم ولد عباس السلبي لحصيلة خلدون في حقيبة الإعلام بالمكتب السياسي كانت من بناة أفكار الأمين العام أم بوشاية من أطراف أخرى في الحزب؟ المصادر ذاتها تشير إلى أن مدير ديوان ولد عباس، فضيل سعد الدين، وبحكم خلفيته الإعلامية (كان صحفيا بالإذاعة الوطنية) وكذا بحكم قربه منه، يكون أفتى لولد عباس، بحسب المصادر ذاتها ب"رداءة" خدمات خلدون الإعلامية، لا سيما أن العلاقة بين الرجلين ليست على ما يرام منذ عهد الأمين العام السابق.