ظلت صورته مقرونة في ذهن المشاهد الجزائري بفيلم "الطاكسي المخفي"، حيث ظهر في دور ابن الممثلة الراحلة "وردية" التي قاسمته أيضا بطولة مسرحية "شيري بيبي" للراحل مصطفى بديع. وبقي هذا العمل الأقرب إلى قلبه كما ردد ذلك عدة مرات. في رصيده أكثر من 400 عمل بين السينما والتلفزيون والمسرح. انه الفنان أرزقي رابح المعروف بأبو جمال الذي ووري الثري أمس، منهيا بذلك مسيرة فنان ونجم من نجوم الزمن الجميل. أبو جمال أو ارزقي رابح من مواليد نوفمبر 1940، ظهر إلى جانب نخبة من الممثلين الفرنسيين والعرب المعروفين أمثال جون كلود بريالي وجيرارد دو بارديو وعبد الله غيث وسميحة أيوب، تحية كاريوكا وفيفي عبده. إلى جانب كونه فنانا كان أيضا مجاهدا، حيث اعتقل في الخمسينيات وأدخله الاستعمار سجن بربروس. انطلاقته كانت من الكشافة الإسلامية الجزائرية التي قادته إلى دهاليز النضال في القصية الوطنية. قبل دخوله إلى سحن سركاجي الذي بقي فيه إلى ما بعد وقف إطلاق النار. عرف السجون الفرنسية بعد ان تم اكتشاف دوره ضمن مجموعة الدعم، فر من السجن وعاد للعمل متخفيا في التلفزيون قبل ان يقتاده المستعمر مجداد إلى سجن سركاجي، اين عرف التعذيب وإذلال المستعمر. حصل على تقديرات عدة في الوطن العربي، حيث شارك في أعمال فنية عربيا ودوليا في تونس والمغرب وايطاليا وفرنسا. فيلم "الطاكسي المخفي" خلده في ذاكرة الجمهور الجزائري. المطربة لطيفة هي التي أطلقت عليه لقب أبو جمال وكانت سبب دخوله إلى عالم الفن. دخل التمثيل المسرحي عام 1948 وقدم عدة أعمال سواء على الخشبة او التلفزيون، حيث وقف إلى جانب عمالقة الخشبة والشاشة الجزائرية امثال حسن الحسني ورويشد، سليم رياض، لخضر حمينة، احمد راشدي. آخر عمل مسرحي قدمه هو"راسوا في قرطاسو" مع مصطفى كاتب. أعاده لخضر بوخرص إلى الشاشة لتكذيب إشاعة وفاته، حيث ظهر معه في العمارة، وكان هذا آخر عمل يقدمه الراحل قبل أن تغيبه العزلة والمرض، ويغيبه أمس الموت نهائيا. إجماع على طيبته وتميزه سينمائيا ومسرحيا الشعب يودّع فتى "الكلوندستان" المدلل ووري الثرى، أمس، بمقبرة زرالدة بالعاصمة الجزائر، جثمان الممثل أبو جمال واسمه الحقيقي أرزقي رابح، الذي وافته المنية ليلة الخميس إلى الجمعة بعد صراع مع المرض وسط حضور حشد شعبي كبير وعدد من الفنانين وأصدقاء الراحل. وكان الفقيد ارزقي رابح الذي ولد في 14 مارس 1938 من أبرز الوجوه السينمائية والمسرحية في الجزائر، حيث كانت لديه عدة أدوار هامة في السينما الجزائرية والفرنسية. وعقب وفاة المرحوم أبو جمال تحدثت "الشروق" إلى مجموعة من الفنانين الذين عايشوه وتعاملوا معه سواء داخل إطار التصوير أم خارجه. رابية عميمر: "أبو جمال إنسان طيب ومحبوب الجماهير" قال رئيس جمعية "أضواء سينمائية" رابية عميمر، إنّ المرحوم ارزقي رابح، والمعروف في الساحة الفنية الجزائرية بأبو جمال إنسان طيب ومتواضع، أعطى للفن الجزائري الكثير سواء في مجال السينما أم المسرح أم التلفزيون. وأضاف رابية عميمر في تصريح ل"الشروق" أنّ أبو جمال محبوب في الوسط الشعبي له دور مهم جدا في التمثيل ومهما اختلفت الأدوار فإنّه يجسدها بتميز. وأشار المتحدث أنّ جمعية "أضواء وقفت إلى جانب "بطل "الطاكسي المخفي" الذي شارك رفقة عمالقة الفن على غرار المرحوم رويشد وحطاب يوسف، فضلا عن كونه كان عضوا بها. حسان بن زراري: "لم يسعفني الحظ للعمل معه" أكدّ الممثل المعروف حسان بن زراري أنّ المرحوم أبو جمال قدم الكثير للمسرح والسينما في الجزائر، بدأ أولى سنواته في الفن الرابع بالمسرح الوطني "محيي الدين بشطارزي" مع الراحل مصطفى كاتب. وقال بن زراري في تصريح ل"الشروق" عقب سماعه بنبأ وفاة ارزقي رابح الشهير في فيلم "الطاكسي المخفي" بابن الممثلة وردية إنّ الراحل يعد ممثلا فكاهيا وكوميديا فذّا، وقيمة كبيرة في الفن الجزائري لاسيما في المسرح والسينما، إلى جانب كونه شخصا محترما وشخصيته وهيئته جعلتاه يبرز في المسرحيات والأفلام العديدة التي قدمها للجمهور الجزائري. واعتبر بن زراري أنّ من صفات أبو جمال الطيبة والتواضع، وبرز ذلك من خلال علاقة الأخوة التي جمعتهما. ولفت المتحدث في السياق أنّ لم يسعفه الحظ لان يشارك إلى جانب المرحوم أبو جمال بالرغم من أنّه كانت هناك مشاريع مقترحة تجمعهما ولكن القدر سبق ذلك. ولم يخف بن زراري الذي بدا عليه الحزن وهو يتحدث عن أبو جمال أنّ الأخير كان يأتي إلى جمعية أضواء السينمائية وإلى مقر الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة. مشيرا في سياق حديثه أنّ أبو جمال (ارزقي رابح) حظي باهتمام الدولة، حيث منح سكنا، كما قدمت له المصالح الاجتماعية بالديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة الرعاية الكاملة والاهتمام. حسان كشاش: "أدوار أبو جمال استثنائية ومتميزة" أشار الممثل السينمائي حسان كشاش أنّ المرحوم أبو جمال غاب في السنوات الأخيرة عن الساحة الفنية لفترة طويلة، وجزم كشاش بأنّ رحيل أبو جمال يعد خسارة كبيرة للفن الجزائر وبالأخص للسينما والمسرح ويضاف إلى الأعمدة الفنية التي رحلت في 2016 وبداية 2017. وقال حسان كشاش في حديث ل"الشروق" إنّه لم يعرف بشكل شخصي الفنان أبو جمال ولكن محيطه الفني يؤكد أنه إنسان متواضع. ولفت المتحدث أنه لا يزال يذكر دوره في الفيلم الشهير "الكلوندستان" ولا تزال هذه الشخصية التي أدّاها عالقة في ذهنه. معتبرا في السياق أن المرحوم يشهد للمرحوم بالإمكانيات الكبيرة في مجال التمثيل وبالتالي حسب كشاش فإن جل الأدوار التي أداها أبو جمال متميزة واستثنائية بالنسبة للتنوع الفني.
نزيه برمضان: "أبو جمال فنان أحبّه الشعب" أكدّ مدير الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي نزيه برمضان أنّ الوسط الفني الجزائري فقد فنانا أحبه الشعب رغم قلة أدواره، وقدم مشاهد خالدة حفظها المشاهدون عن ظهر قلب فيذكرونه بشكل يومي". وقال بن رمضان ل"الشروق" عن المرحوم ارزقي رابح: "هكذا يخلد الفنانون في الذاكرة الجماعية، كان يلبي دعوة أي تظاهرة على المستوى الوطني ما جعله يحظى بالاحترام من قبل المؤسسات الثقافية والجمعيات النشطة، رحم الله أبو جمال وألهمنا وأهله وكل الأسرة الفنية الجزائرية الصبر الجميل والسلوان". جمال محمدي: أبو جمال ممثل عالمي عقب وفاة الممثل المعروف، ابو جمال، كتب السينمائي جمال محمدي على صفحته بالفايسبوك فقرة عن المرحوم يتضمنها كتابه "بوسعادة والمسيلة مهد السينما الجزائرية" وقال: "ابو جمال في ذمة الله، الممثل ارزقي رابح، المعروف بأبو جمال رحل عن عمر ناهز ال80 عاما، بعد مشوار حافل بالأعمال المسرحية السينمائية والتلفزيونية الجزائرية، بدأ مشواره رفقة المرحوم رويشد ونورية وكلثوم سنة 1950 والمرحوم محمد التوري قبل أن يشتغل بالإذاعة 1956. ثم بالمسرح الوطني الجزائري. بمسرحية "السلطان الحائر" للحبيب بوخليفة وفي مسرحيات أخرى كثيرة لاحقا، ظهر كممثل في فيلم "برانكاليون" سنة 1970 للمخرج الايطالي ماريو مونتيسلي من بطولة النجم العالمي فيتوريو قاسمان وستيفانيا سندرلي. وشارك في هذا الفيلم كل من حسان الحسني وسعيد حلمي ثم في فيلم "الطاكسي المخفي"، الممثل الكبير عثمان عريوات والمرحومة وردية. يوسف نجيمي: "أبوجمال طاقة سينمائية لم يُحسن المنتجون استغلالها.." يصف الإعلامي والموسيقي يوسف نجيمي الراحل أبو جمال بالممثل الذي لم يأخذ حقًّه سينمائيا، رغم موهبته الكبيرة بسبب حصره في قالب تمثيلي واحد، يمثل الرجل الساذج قليل النباهة بسبب شكله المميز، فاستغلها الكتاب والمخرجون سينمائيا وفي المسرح، فحصروه في ذلك القالب وفي أدوار صغيرة لم تشبع رغبته كفنان في إخراج طاقته الإبداعية وأداء شخصيات محورية، لكن رغم ذلك كان حضوره ملفتا ومؤثرا مثلما حدث في دوريه في فيلمي "حسان طاكسي" و"الطاكسي المخفي"، في وقت – يضيف نجيمي الذي ربطته به علاقة صداقة قوية - أن هذا الشكل الكوميدي في السينما المصرية والفرنسية يُستغل في صناعة نجوم كبار من خلال بطولات محورية وحتى مطلقة كما هو الشأن للفرنسيين بيار ريشارد، ولويس دي فنيس، والممثلين المصريين إسماعيل ياسين وسيد زيان، كما أن طموح أبو جمال هو أداء أدوار جادة بعيدا عن القالب الكوميدي الذي حُصر فيه، لكن لم تسنح له الفرصة رغم أنه يتمتع بحس فني عالٍ ويمتلك ثقافة سينمائية عالمية، استعان بها سيدعلي كويرات ورويشد وحسان الحساني في أعمالهم المسرحية خلال الستينيات والسبعينيات، هذا وأشار يوسف نجيمي أن الراحل عانى صحيا طوال حياته وكانت بداية انتكاسه صحيا الضربة الموجعة التي تلقاها إثر سقوطه من فوق ظهر الحصان خلال كواليس فيلم "وقائع سنين الجمر" سنة 1974 للأخضر حامينا، ومن يومها وهو يعاني من متاعب صحية إلى أن وافته المنية. رفقاء دربه ينعونه من مهرجان المسرح العربي بوهران "ابو جمال" .. سجنته فرنسا وأقعده المرض ونساه الفنانون" فجع أمس المسرحيون المشاركون في فعاليات مهرجان المسرح العربي بوهران بخبر وفاة الفنان ارزقي رابح المعروف باسم "ابو جمال"، فسادت حالة تأثر بالغ وخيم الحزن على اغلب الفعاليات التي نظمت الجمعة بفندق الميريديان وخاصة بالنسبة لمن عايشوه وعرفوه عن قرب من ممثلين ومخرجين ومدراء مسارح. عبد الحميد رابية: "سجنته فرنسا في بربروس وعاصر اشهر الفنانين" "للأسف يغادرنا فنان اخر مع بداية السنة الجديدة، بدا مسيرته المسرحية من الحركة الكشفية وبعد اندلاع الثورة التحريرية انضم الى الاذاعة وألف الكثير من المسرحيات القصيرة مع الطيب ابو الحسن وبوبقرة . وشارك كفدائي حتى سجن بسجن بربروس ثم التحق بالمسرح الوطني في عهد مصطفى كاتب وشارك مع رويشد "الغولة" و"البوابون" و"حسان تيرو" اضافة الى مسرحية "جحا والناس" تأليف بن قطاف اضافة الى مسرحيات اخرى مع "علال المحب" وحبيب رضا . شارك في اشهر الافلام السينمائية وعاصر ابرز الممثلين والمخرجين ". عمر فطموش: "للأسف لم نعرف قيمته ولم يستغل " "رحم الله الفقيد،عرفته في بجاية سنة 2007 في اطار نشاط مهرجان الضحك .. ابو جمال كان دائم الابتسامة وكان مثل طفل كبير صافي القلب والسريرة ولا يشغله الا حب الابداع وعشق الخشبة. اذكر انه قال لي يومها "للاسف شكل جسمي وحجمه لم يخدماني كثيرا لأنني ارفض في الكثير من الاعمال بسبب طول قامتي التي لا تتناسب مع الادوار. للأسف لم نعرف قيمته ولم يستغل كما يجب. ستبقى الاجيال تذكر ادواره في "الطاكسي المخفي" و "اه يا حسان".. رحمه الله واسكنه فسيح جناته". محمد يحياوي: "عانى كثيرا بعد اصابته بمرض عضال" عانى الكثير بسبب المرض العضال الذي أصابه منذ سنوات كثيرة عرفته سنة 1994 خلال تنظيم مهرجان المسرح المحترف بباتنة. ويومها تعرفت عليه عن قرب والتقيته كثيرا في العاصمة. عندما عينت مديرا للمسرح الوطني زرته في المستشفى وتعرف علي بسهولة ثم كرمناه في اطار مهرجان المسرح المحترف . هو خسارة كبيرة للثقافة والمسرح في الجزائر .. نترحم على روحه الطاهرة ونسال الله ان يسكنه فسيح جناته". واسيني الاعرج: "جيل كامل هو الركيزة الأساسية يرحل" "ظاهرة الفقد عالمية لأن جيلا كاملا كان يشكل الركيزة الأساسية يرحل .. السينما المصرية مثلا وثقت لأجيال إبداعية في السينما والمسرح وما زلنا نحب ان نراهم ونعود إلى تلك الفترة الزمنية من خلال "الأبيض والأسود". رحل ابو جمال الذي يعتبر جزءا من هذا الجيل الذي ابدع وتفرد .يجب ان نبقى متفائلين بان جيلا جديدا سيخلف هؤلاء الرواد وسيحمل مشعل الإبداع على الرغم من اختلاف المعطيات ومساحة التأثير.الجيل الجديد إمام تحديات كبيرة أيضا وعليهم التسلح بالأمل للبقاء ولتقديم الأفضل مثلما فعل الجيل الذي سبقه".