بعد أسبوع كامل من البحث وسط الأوحال والأحراش، في أعماق وادي الشارف بولاية سوق أهراس، تم نهار السبت، انتشال جثة الرضيع شارف من طرف مصالح الحماية المدنية وسط أجواء حزن كبيرة وإغماء والدة الرضيع من هول المشهد. الرضيع ساجد عبد الرحمان محبوب، كان مفقودا منذ السبت الماضي، بعد أن جرفته مياه الأمطار الطوفانية التي تهاطلت على بلدية سدراتة بولاية سوق اهراس، وكانت طوال تلك الفترة أمه المكلومة تتجه إلى ضفاف الوادي كل يوم وتضع يدها على خدها في انتظار معجزة أو جثة رضيعها لتدفنه، وهي صورة هزت مشاعر الناس، بين من يواسيها بالترحم على الرضيع ويطلب له الجنة والصبر لأهله، وبين من يمدّ يده لمساعدة العائلة ومصالح الحماية المدنية في البحث عن جثة الرضيع، إلى أن تم انتشالها أمس السبت، من وادي الشارف الواقع بين بلديتي بير بوحوش وسدراتة بولاية سوق اهراس، الذي ارتفع منسوب مياهه بعد أمطار الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوياته. وكانت مديرية الحماية المدنية بولاية سوق اهراس سخّرت كل الوسائل المادية، والبشرية، من فرق للغطاسين وفرقة سينو تقنية مدعمين بكلاب مدرّبة مختصة في البحث عن الضحايا في الكوارث الطبيعية والفيضانات، التابعة لوحدة التدخل بالمديرية العامة للحماية المدنية، وضخت نحو 250 عون للحماية المدنية ورجال الدرك الوطني، بعتادها ورجالها، بما في ذلك الاستنجاد بمروحية استطلاعية تابعة لمصالح الدرك الوطني، إلا أن كثرة الأوحال والأشجار بالوادي، صعّبت عملية البحث وعقّدها وأطال في أمدها إلى غاية السبت. ولكن صورة الأم الباكية في صمت والشاخصة ببصرها نحو الوادي يوميا، جعلت المواطنين الذين يتوافدون على مكان الحادث باستمرار يعرضون خدماتهم تضامننا مع عائلة الرضيع المفقود. وقد شوهدت السبت والدة ساجد تصحب ابنها الثاني صباحا، وهذا ساعات قبل العثور على الجثة، وجلست وحيدة، لا أحد يعلم ما يدور في خلدها، ماعدا بصرها الذي لا يغادر الوادي، وهي تستحضر يوم الحادث عندما حاصرتهم المياه وجرفت السيارة وكانت رفقة زوجها وابنيها على مشارف الهلاك غرقا، فتمكن مواطنون من إنقاذ العائلة وتوقيف زحف السيارة إلى الأعماق، ولكن الصغير ساجد فلت من بين ذراعيها، بسبب قوة السيول فكانت نهايته وانتشال جثته بعد أسبوع من البحث.