يحمل أغلب الجزائريين أفكارا خاطئة عن التلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية ما جعلّهم يرفضون الأمر دون التقرب من المختصين لمعرفة التفاصيل والوقوف على الحقيقة العلمية من منبعها. وقصد تغيير وجهة نظر هؤلاء وإنجاح الحملة في طبعتها الحالية، كثّف المختصون ومختلف الفاعلين في مجال الصحة خرجاتهم الميدانية والإعلامية وتقرّبوا من المواطنين في فضاءات واسعة بعيدا عن النشاط الرسمي خلف المكاتب والمآزر البيضاء، حيث أوضح مدير الوقاية وترقية الصحة بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات جمال فورار استيراد معهد باستور الجزائر ل2.5 مليون جرعة مع إمكانية استيراد كميات إضافية عند الضرورة. وحسب المسؤول ذاته فإن وزارة الصحة استثمرت هذه السنة في الاتصال والإعلام بأهمية اللقاح أكثر من السنوات الماضية وذلك من خلال تعزيز الحملات التوعوية والتحسيسية بتخصيص ومضات إشهارية تلفزيونية وإذاعية فضلا عن ملصقات بالأماكن العمومية والمؤسسات الصحية ووسائل النقل العمومي. وميدانيا، احتضن المركز التجاري ل"أرديس" يوما تحسيسيا موجها للجمهور العريض، نظمته مديرية الوقاية ومكافحة الأمراض المتنقلة على مستوى وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات بالتعاون مع "سانوفي باستور". وتندرج التظاهرة، حسب منظميها، في إطار حملات التوعية الكبرى ضد الأنفلونزا الموسمية التي انطلقت حملة التلقيح ضدها يوم الأحد. وكانت الأجواء في أرديس تفاعلية تهدف إلى تغيير الرأي السلبي للجزائريين بخصوص التلقيح من خلال برنامج ثري تضمن العديد من الورشات والعروض الترفيهية للأطفال الذين رافقوا آباءهم. وركّز المختصون الذين نشطوا اليوم التحسيسي، على غرار الدكتورة كبيري والدكتورة قرماح، على أهمية التلقيح في هذه الفترة بالذات لكونه قادرا على إنقاذ حياة الكثيرين، لاسيما المصنفين في قائمة المهددين بالخطر وكذا الذين يعانون مضاعفات صحية وأمراض مزمنة. من جهته، أوضح كريم جرّود مدير سانوفي الجزائر أن الفئات التي يوصى بتلقيحها تترواح أعمارها بين 65 عاما فأكثر وكذا الأطفال وذوي الأمراض المزمنة والنساء الحوامل وكذا مستخدمي الصحة والقاصدين للبقاع المقدسة. ولتعزيز هذه الحماية والوقاية، ينصح محدثنا باتباع إجراءات بسيطة من خلال غسل الأيدي واستعمال المناديل الورقية والواقيات على الفم وغيرها من السلوكات البسيطة ذات الأثر الكبير على الصحة العمومية. وأكد جرّود في ختام حديثه أنّ لقاح الإنفلونزا الموسمية يمثل الوسيلة الوحيدة الفعالة للوقاية من الإصابة ومضاعفاتها وانتقال عدوى الفيروس. وعبر المتحدث عن أمله في تبني التلقيح من قبل العديد من المواطنين لتجنّب العدوى وتقليل الأخطار. ويبرر المواطنون الذين تحدثنا إليهم عزوفهم عن التلقيح بعدم ثقتهم فيه، حيث يشككون في تركيبته، كما يشككون في احترام سلسلة التبريد، في حين يرفع آخرون مبرر الآثار الجانبية التي يخلفها على غرار الاحمرار والحمى، أمّا الفئة الثالثة فترى أن التلقيح لا جدوى منه مادام الشخص الملقح يصاب بالأنفلونزا ويتناسون في ذلك أن الإصابة تكون سطحية وعابرة. وحسب أرقام رسمية، يصيب وباء الأنفلونزا الموسمية سنويا حوالي مليون ونصف مليون جزائري ويسبب لهم تعقيدات صحية كثيرة، لاسيما بالنسبة للأطفال والمسنين الذي تفتقد أجسامهم للمناعة الكافية لمواجهة المرض، ويضطر هذا الوضع الكثير من الفئات العاملة إلى التغيب عن عملها وتحمل تكاليف الفحوصات الطبية والأدوية الموصوفة، كل هذا يشكّل اضطرابا في ميزانية الفرد الجزائري البسيط الذي بالكاد يستطيع تأمين حاجياته اليومية، كما يحمّل الكثير من المؤسسات خسارة في ساعات العمل التي تضيع هباء، كان بالإمكان تفاديها من خلال التلقيح بمصل يقدم مجانا لبعض الفئات. وفي السياق ذاته، دعا المختصون إلى اعتماد خطة وقائية لتلقيح الأطفال الأقل من خمس سنوات والمرضى المزمنين، بالإضافة إلى كبار السن، لأن ذلك سيجنب الدولة والمواطنين مصاريف كبيرة جدا تنتج عن إصابتهم بالفيروس، ويقدّر هؤلاء وجود أكثر من 5 ملايين جزائري مهدد بخطر الإصابة بالأنفلونزا الموسمية في الجزائر، وهو العدد الذي يمثل الشريحة المستهدفة بالوباء.