عندما يعترف اللاعبون في الفريق الوطني أن مشاهدتهم لفيلم "معركة الجزائر" هو ما حفزهم على هزم الانجليز بفرض التعادل السلبي عليهم، تقفز في رؤوسنا مباشرة، استفهامات كثيرة عن صورة وأداء الحكومة وجميع المسؤولين في هذا البلد، وعن ماذا يشاهدون في بيوتهم وعلى شاشاتهم، حتى يمارسوا كل تلك الأساليب من النهب والفساد والبيروقراطية ضد الشعب!؟ أليس بين هؤلاء المسؤولين، عاقل واحد مثل عنتر يحيى يدعوهم لمشاهدة علي لابوانت بدلا من أفلام الكوبوي والعرّاب وشتى عروض المافيا الايطالية التي يبدو أنهم مغرمون بها ومتعلقون بأبطالها! قبل فترة، قيل إن النخبة العسكرية والمخابراتية في أمريكا، قامت بمشاهدة فيلم "معركة الجزائر"، في سبيل فهم طبيعة المقاومة العراقية، والطريقة التي تنتهجها لضرب أفراد جيش الاحتلال في بلاد الرافدين، بمعنى أن الجميع بات يستفيد من "معركة الجزائر"، إلا أبناء الجزائر نفسها! أحدهم علّق على مبادرة عنتر يحيى بالقول، إن علي لابوانت جاهد مع بقية الجزائريين ضد الانجليز في جنوب إفريقيا، ذلك صحيح، ولكن، لماذا لا نرى علي لابوانت يجاهد مع البسطاء ضد بيروقراطية الإدارة، وفساد البنوك، وانتهازية المنتخبين المحليين والنواب، وضدّ غياب الديمقراطية والتداول على السلطة في البلاد!؟ ماذا لو عاد الشهداء يوما إلى البلاد في زمن الاستقلال؟ ماذا لو عاد العربي بن مهيدي وأحمد زبانة ومصطفى بن بولعيد والعقيد سي الحواس وعميروش..؟ هل كانوا سيسعدون بحال شعب لا يتذكر أبطال ثورته إلا نادرا، على غرار مباريات كرة القدم! ما قام به عنتر يحيى حين اقترح على رفاقه مشاهدة فيلم "معركة الجزائر" لاستنهاض هممهم، لم تقم به جميع الأحزاب السياسية في البلاد، حتى تلك التي تسمي نفسها وطنية، ولم تمارسه كثيرٌ من المنظمات التي تدعي أنها وريثة الثورة وتاريخ الشهداء، كما لم تنتهجه أيضا كل الجمعيات المتمددة على أريكة النهب والسلب والسرقات، والتي أشبعتنا في الأعياد الوطنية، خطابات نمطية فارغة ومكررة، صدّعت رؤوسنا طويلا بعنتريات ما قتلت يوما ذبابة، فهل من الصدفة أن يكون محطم تلك العنتريات الزائفة، هو عنترٌ جديد من أبناء الاستقلال!؟ هل سأل أحد المسؤولين نفسه يوما لماذا يخرج الجزائريون، أثناء استقبال لاعبي كرة القدم للهتاف باسم الوطن، لا بأسماء الزعامات والأشخاص!؟ ولماذا يرفعون الأعلام الوطنية بدلا من صور تلك القيادات المقيتة!؟ هل سأل مسؤول واحد نفسه يوما لماذا يناصر الشارع عنتر يحيى وحليش وبوڤرة بمصداقية وحب كبيرين، في الوقت الذي يكثر فيه النفاق السياسي والشعبي أثناء الاحتفالات الحزبية والانتخابية! لو سأل وزير أو "مير" أو رئيس حزب، نفسه هذا السؤال، لعثر على الإجابة سريعا، ذلك أن الفرق بينه وبين عنتر يحيى وحليش وكل اللاعبين، ليس في المستوى ولا في النفوذ ولا في الشكل فقط، ولكنه كالفرق بين الثرى والثريّا، وبين الواقع والخيال، وبين أبناء وأحفاد "معركة الجزائر" وورثة "عصابة حمادة وتوتو"!