لم يجد الوزير الأول، أحمد أويحيى، من منفذ للخروج من تداعيات التصريحات التي أدلى بها وزير المالية، عبد الرحمن راوية قبل أيام، في دبي الإماراتية، غير تحميل المسؤولية لوسائل الإعلام التي نقلت الخبر، معتبرا ما نقل عن راوية مجرد تأويلات جانبت الصحة. أويحيى الذي توارى عن الأنظار منذ نحو شهر، خرج نهاية الأسبوع من ولاية بسكرة حيث احتفل بالذكرى ال 21 لتأسيس حزبه التجمع الوطني الديمقراطي، لينفي أن يكون وزير ماليته قد أدلى بتصريحات تؤكد عزم الحكومة على رفع الدعم عن المواد ذات الاستهلاك الواسع بداية من العام المقبل. وقال أويحيى: "الحكومة لن ترفع الدعم عن المواد واسعة الاستهلاك، لا عن الحليب ولا البنزين..هناك مغالطات وتأويلات يرافقها هجوم سياسي وإعلامي ضد تصريح مسؤول بالحكومة"، وذلك بينما كان يشير إلى تصريح وزير المالية، وخلف زوبعة من ردود الأفعال، لأن قرارا من هذا القبيل يتعارض مع أحد المبادئ التي بنيت عليها الدولة الجزائرية المستقلة مثلما حددها بيان أول نوفمبر 1954. وسبق وزير الداخلية، نور الدين بدوي، أويحيى في الرد على راوية، حيث بادر خلال زيارته لقصر المعارض الثلاثاء المنصرم، للتأكيد على تمسك الدولة بالدور الاجتماعي رغم الصعوبات المالية التي تكبدتها منذ تراجع أسعار النفط، وقال: "سمعنا أن هناك تخليا من الحكومة عن دعم القدرة الشرائية للمواطنين، وهذا غير صحيح.. الرئيس أمرنا بمواصلة سياسة الدعم الاجتماعي". وكان وزير المالية أكد الأسبوع المنصرم على هامش اجتماع المنتدى العربي الثالث حول المالية العمومية بحضور رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، شروع الحكومة في تطبيق إجراءات عملية لرفع الدعم عن بعض المواد التي رصدت لها الخزينة العمومية على مدار عقود أغلفة مالية معتبرة، بداية من 2019، وهو ما أثار جدلا واسعا، لا سيما وأن الظرف غير مناسب لإطلاق مثل هذه الإجراءات. ومن بين المصادر التي أوردت تصريح راوية، وكالة رويترز للأنباء التي نقلت عنه قوله إن "الحكومة تتطلع لإجراء إصلاحات في نظام الدعم مع سعيها للتخلص من عجز الميزانية خلال ثلاث إلى أربع سنوات"، مشيرا إلى أن "خفض الدعم سيتم في سياق إصلاحات تهدف إلى جعل النظام أكثر كفاءة". ولم تكن الوكالة الأنجليزية هي الوحيدة التي أوردت الخبر، بل نقلته أيضا العديد من المصادر وبمعلومات متطابقة، وهو ما يؤكد أن تصريح راوية مؤكد وثابت.. فلماذا سارع الوزير الأول ومعه وزير الداخلية إلى التنصل من تصريح وزير المالية؟ ويرى مراقبون أن التصريح الذي أدلى به راوية لم يكن في وقته تماما، فالجبهة الاجتماعية تعيش حالة من الغليان، وعليه فالإدلاء بتصريح من هذا التصريح وفي مثل هذه الظروف، كمن يلعب بالنار أمام برميل بارود.. لكن هل مسؤول بحجم وزير لم يكن يدرك حساسية مثل هذا التصريح؟ أم أن خطاب راوية كان موجها للخارج، في حين أن خطاب أويحيى وبدوي موجهان للداخل؟