هونغ كونغ.. أو كما تعرف حديثا بمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة بجمهورية الصين الشعبية، والتي تقع في منطقة بحر الصين الجنوبي، قد كان لها وافر الحظ من زياراتي هذه السنه، سواء الإنسانية منها، أو السياحية، ومن أول وهلة لا تستطيع إلا أن تلاحظ أن التأثير البريطاني ما زال جليا، فلا يزال السكان يقودون السيارة على الجهة اليسرى، بالإضافة إلى أن اللكنة "الطاغية" لا تزال البريطانية، فالصين صاحبة شعار "دولة ونظامين"، لها حقوق سيادية في بعض المجالات، وبالأخص في قضايا الدفاع الوطني والدبلوماسية. * أما باقي الأمور الاخرى كالعملة، والجمارك فيحكمها نظام خاص وبمناسبة الحديث، فإن الدولار بهونغ كونغ يصدره كل من بنك الصين، وبنك (HSBC) وبنك هونغ كونغ وشنغهاي.. وتتخطى قيمته أحيانا قيمة العملة الصينية المحلية.. بكثير، وكان ذلك من بين ما لاحظته أثناء تجوالي ومعاملاتي . ومن المفارقات التي شهدتها هناك أن الصين لإضعاف بريق المدينة - الدولة ذات النظام الخاص - أنشئت على بعد كيلومترات قليلة مدينة أخرى تنافس المنطقة، ويطلق عليها " شونزو " ، كاستراتيجية بعيدة المدى . وقد شهدت هونغ كونغ العديد من الغزاة الوافدين لها سواء من البريطانيين، الذين قاموا فيما بعد باستئجار الأراضي، أو اليابنيين، أو الكنديين ومن ثَم أخيرا رجعت إلى الصين . وأثناء تجولك تلاحظ خليط الأفراد، وبنيتهم القوية والتي تختلف عن الصينيين بشكل خاص وعن سكان دول جنوب شكل آسيا بشكل عام ... كما لاحظت انتشار العديد من المعابد البوذية والكنفوشستية، مما يوحي بمزيج السكان، إلى جانب الديانة الكاثوليكية، بالإضافة إلى وجود حوالي 50 ألف مسلم تقريبا، وبعض الجاليات من الهندوس والسيخ، وتلاحظ معظمهم في التجارة. وتشمل مقاطعة هونغ كونغ بين ثناياها أربعة مساجد، أهمها وأكبرها مسجد " كولون " ، أو مسجد " دين الإسلام " الذي يتسع لما يقرب 2000 مصل، حيث يرفع فيه الآذان يوميا . وبالرغم من وقوع هونغ كونغ تحت رحمة النظام الشيوعي منذ الحقبة البريطانية، تجد من المفارقات العجيبة أنها تعد ركيزة من ركائز النظام الرأسمالي. وقد تنبهر بمينائها، الذي يعتبر مستودعا عالميا للبضائع والمنتوجات، وبذلك أصبحت قطبا من أقطاب الصناعة والمال والتجارة في العالم . فعلى سبيل المثال لا الحصر، قدرت نسبة العاملين في قطاع الخدمات في عام 1994 ب 71٪ ، ووصلت نسبة مساهمة القطاع في الدخل القومي إلى نفس النسبة تقريبا، ويرجع الفضل في ذلك إلى انخفاض نسبة الرسوم الجمركية المطبقة في المنطقة... وبالطبع، لا يمكنك أن تكون في هونغ كونغ، دون أن تنتهز الفرصة لقضاء بعض الوقت فى مدينة "ديزني لاند"، وهي إحدى أكبر ثلاث مدن ترفيهية والتي تحمل نفس الاسم في العالم، إلى جانب باريس والولايات المتحدة والتي تشكل منطقة جذب سياحي هائل. فالجزيرة وبالرغم من بعدها وموقعها في البحر، فإنك لن تشعر ولو للحظات بأي نوع من انواع الانعزال عن العالم، ويعزى ذلك للطرقات والتوصيلات الأخرى الممتده والتي تربط الجزر ببعضها كوحدة واحدة . وأخيرا، أستطيع أن أقول إن انضمام هونغ كونغ إلى الصين، حسب قناعتي الشخصية وما لمسته أثناء تواجدي، هو بلا شك إضافة مهمة للصين واقتصادها، وتربعها على عرش المبادلات التجارية بدون منازع ... .. ودمتم .