صالح عوض مئة عام وأنتم في ساحة الابتلاء العظيم وقد تلونت أيامكم كلها بلون دمكم.. حاربتم من قرية الى قرية، وانتزعتم من بيت الى بيت وأصبحتم تحفظون مجازركم، كما يحفظ الواحد أسماء أبنائه، في دير ياسين والرملة وترشيحا وكفر قاسم وخانيونس وصبرا وشاتيلا وبرج البراجنة وايلول الاسود.. وغيرها وغيرها.. كم قتلتم بأيدي الأعداء وبأيدي أصدقاء الأعداء. دمكم المستباح لم يتوقف عن النزف لحظة.. كم طوردتم وطردتم، في وطنكم وفي منافيكم وكان ذلك كله لزحزحتكم عن اليقين وانتزاع فلسطين من قلوبكم.. الا ان مفاتيح بيوتكم في الوطن المغتصب لم يعتريها صدأ الغربة. أيها الفلسطينيون كنتم صفحة العرب المؤلمة والمحزنة، لكنها المشرفة، كم منحكم العرب والمسلمون من دموع ودم ومال بلا كلل، كم ارتفعت الأيادي بالدعاء لكم.. قلوب العرب والمسلمين كانت أحوالكم تمنحها الفرح أو الألم.. كم نظام سقط بحجة خيانته لقضيتكم، كم زعيم قتل، لانه فرط بحقوقكم، وكم من الأحزاب نشأ في بلاد العرب وأنتم عنوانه الوحيد؟ ثارت الشعوب على حكامها عندما رأت فيهم تفريطا بكم.. والأحرار في العالم في أمريكا اللاتينية وجنوب إفريقبا والشرفاء في أوروبا من أحزاب ضد العنصرية وشخصيات حرة أبية كم منحوكم ولاءهم وحبهم، كم غصت بهم الشوارع يعطلون مصالحهم في البرد والحر من أجل قضيتكم، كنتم أنتم بنضالكم من يتقدم الصفوف ضد الامبريالية والعنصرية والاستعمار وكنتم بوصلة الأحرار والشرفاء في العالم لعدالة قضيتكم وإنسانيتها.. لهذه الاعتبارات جميعا، فأنتم لستم أحرارا فيما تفعلون.. أنتم لستم أحرارا في إطفاء الشعلة، والشعلة لا يطفئها إلا حملتها.. وهي لا تنطفئ إلا عندما يتنازع حملتها الراية تتجاذبهم الأهواء والمصالح، أنتم لستم أحرارا في القضاء على المقاومة قبل الانتصار.. أنتم لستم أحرارا في الركون للعدو الشرير، أنتم لستم أحرارا في التنازل عن كرامة الثورة .. وكذلك أنتم لستم أحرارا أن تمنحوا العدو فرصة العمر باقتتالكم.. أيها الفلسطينيون خافوا ليس فقط على شعبكم المظلوم، خافوا أيضا على من يحبكم وجعلكم عنوان نضاله، خافوا على الأحرار في العالم الذين يتخذون من صبركم أسوة نضالية.. إنكم لن تخونون شعبكم فقط إن تقاتلتم إنكم ستخونون التاريخ والإنسانية والكرامة..لهذا كله نحن واثقون أن ما يريده العدو لن يكون، وستجتازون الامتحان بنصر عظيم لتقدموا نموذجا جدير بالاحترام في حل التصادمات.. وأن الأمة كلها تنتظر شرفاءكم وموقفها التاريخي.