الأحياء العتيقة بحلة عصرية وتوفير النقل والأمن من بين الأولويات تبنت الحكومة برنامج عمل جديد يتمثل في المخطط الإستراتيجي لتطوير ولاية الجزائر الممتد إلى غاية 2029، والذي تشرف عليه وزارة الداخلية والجماعات المحلية بالتعاون والتنسيق الدائم مع وزارة السكن والعمران، يهدف إلى جعل العاصمة مدينة عصرية تشكل بوابة لدخول الجزائر.
وذكرت مصادر رفيعة المستوى في تصريح خاص ل «الأيام» أن هذا المخطط الذي اعتمد بصفة رسمية في اجتماع جرى نهاية الأسبوع المنصرم بحضور كل من الأمين العام لوزارة الداخلية والجماعات المحلية، والي الجزائر، الأمين العام للعاصمة، الولاة المنتدبين وإطارات بوزارة الداخلية والجماعات المحلية والمدراء التنفيذيين بالولاية، جاء كضرورة حتمية ليرافق المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية الذي استفاد من فترة تمديد من 2025 إلى 2030، حيث من المنتظر أن تشرف وزارة الداخلية والجماعات المحلية على تسيير هذا الملف الذي أولت له الحكومة أهمية بالغة من أجل تحقيق الأهداف المرجوة والمتمثلة في جعل مدينة الجزائر منطقة تنمية حقيقية وجوهرة وعاصمة سياحية لمنطقة البحر الأبيض المتوسط.
ويشمل هذا المخطط حسب المعلومات التي تحصلت عليها «الأيام»، عدة محاور أبرزها القضاء على السكن الفوضوي والأحياء القصديرية، إضافة إلى إعادة تهيئة كل المباني القديمة بقلب العاصمة وإنشاء مدن جديدة ذات طابع تنموي وسياحي، إلى جانب التنسيق بين وزارة الداخلية وكل القطاعات لتوفير الأمن والنقل وأماكن الراحة والتجارة إلى غاية ساعات متأخرة من الليل وغيرها مما يحتاجه المواطن الساكن أو المتجول في عاصمة البلاد، وهو ما يعكس عزم الحكومة على تغيير شكل عاصمة البلاد دون اللجوء إلى نقل العاصمة السياسية إلى مدينة أخرى. الحكومة تراهن على مشروع «إعمار» لتغيير الواجهة البحرية للعاصمة وأضافت المصادر ذاتها أن هذا المخطط يشمل أيضا مشاريع تهدف إلى القضاء على النقاط السوداء وإعادة ترميم المدن القديمة كالقصبة التي بقيت لسنوات محل صراع بين وزارة الثقافة وولاية الجزائرية في ظل غياب قانون يحدد الجهة المخول لها مباشرة أشغال التهيئة، كما يشمل هذا المخطط إعادة تحسين الطرقات والاهتمام بنظافة المدينةالبيضاء وتوزيع مرافق جديدة للراحة والاستجمام في كل أرجائها. وحسب المصادر ذاتها فقد تقرر إعادة بعت مشروع سياحي ضخم بمنطقة «جون الجزائر»، الذي كانت الشركة الإماراتية للتطوير العقاري والسياحي «إعمار» قد تقدمت به في وقت سابق وجمد لأسباب خاصة، ولم تذكر مصادرنا هوية الجهة المكلفة بهذا المشروع، إلا أن الرئيس التنفيذي لهذه الشركة «محمد العبار»، صرح مؤخرا بأنه يتوقع نمو أصوله وأرباحه لاسيما بعد الشروع قريبا في أشغال مشاريعه بالجزائر، حيث تقدمت هذه الأخيرة ب 4 مشاريع تتمثل في الواجهة البحرية ل خليج الجزائر، الممتد على مساحة 260 هكتارا ويبعد نحو 3 كيلومترات عن وسط المدينة، ويشمل فيلات تتميز بإطلالاتها البحرية الساحرة، بالإضافة إلى شقق وبنايات مخصصة للمكاتب ومركز للمؤتمرات ومركزين للتسوق ومجموعة من الفضاءات التجارية، علاوة على مرسى بحري وفندق من 5 نجوم، إلى جانب مدينة طبية في «اسطاوالي» وأخرى ذات طابع سياحي ترفيهي بكل من شاطئ الكولونيل عباس والمدينةالجديدة «سيدي عبد الله». هيكلة النسيج العمراني وضمان الأمن والنقل من بين الأولويات ومن جهة أخرى أعلنت وزارة الداخلية في بيان لها أنها ستعمل على إيجاد حلول لبعض المسائل الحيوية التي ينبغي الشروع فيها بشكل تدريجي ومرحلي، مشيرة إلى أنه من بين هذه المشاكل، تحسين النقل داخل العاصمة وهيكلة النسيج الحضري وإعادة تأهيل وتنشيط المركز التاريخي وكذا إعادة التوازنات الإيكولوجية والمحافظة على الأراضي الفلاحية بمدينة الجزائر. وترى وزارة الداخلية أن إيجاد حلول لهذه المشاكل الهامة والمتشعبة تتطلب إطارا من الانسجام يضمن جسورا بين مختلف القطاعات في إطار مشروع كلي تم تقديمه، وأن مشروعا بهذه الضخامة لا يمكن تصور تحقيقه إلا على المدى الطويل، ولذلك ارتأت أنه من الضروري تجزئته إلى أربع وحدات زمنية الأولى تمتد إلى غاية 2014، ليتم بعدها تحديد المهام وفقا لخماسيات 2015-2019، 2020-2024 و2025-2029 . وتتمثل المرحلة الأولى في تجميل العاصمة وترتكز في المقام الأول على الأعمال الرامية إلى هيكلة النسيج الحضري، حيث أدرجت ضمنها سنة 2009 باعتبار أن الحكومة باشرت خلالها عدة مشاريع تنصب في هذا الإطار، كما سيتم خلال هذه المرحلة استكمال شبكة الطرق الرئيسية وتهيئة الأحياء المحيطة بكبريات تجهيزات المشاريع وإنشاء شبكات كبرى للنقل الجماعي في العاصمة، فضلا عن التهيئة الجمالية للطريق السريع الشرقي، كالمقطع العابر للعاصمة من مشروع الطريق السيار شرق-غرب وخطي الترامواي ومترو الجزائر وذلك بهدف تحديد توسع المحيط الخارجي للنسيج العمراني للعاصمة كشرط لتهيئة المناطق الداخلية وتأهيل الوسط. حلة عصرية للأحياء العتيقة بالعاصمة وذكرت وزارة الداخلية أن تأهيل وإحياء البعد التاريخي لهذا النسيج العمراني من خلال إعادة الاعتبار للمركز القديم ومشاريع استعادة الواجهة البحرية على غرار ساحة الشهداء، مشارف الميناء، المسابح، الحمامات المعدنية لباب الوادي ومنتزه شارع الاستقلال، إضافة إلى إطلاق تهيئة «جون الجزائر» ومصب وادي الحراش وشارع طرابلس التي تعد من بين الأعمال المرتقبة، وقالت مصادرنا إن هذه المناطق المذكورة صنفت ضمن مشروع سياحي ضخم أطلق عليه اسم «خليج الجزائر» تشرف عليه عدة مؤسسات خاصة من بينها مجمع «دحلي» الذي كلف بإنجاز قرية سياحية ومكاتب أعمال ومنطقة تجارية ضخمة في المساحة الممتدة بين محطة تحلية مياه البحر بالحامة ومعرض الجزائر الدولي الصنوبر البحري. وأشارت الوزارة إلى أن تطبيق المخطط الإستراتيجي لتطوير ولاية الجزائر يتزامن مع مباشرة المخطط الوطني للتنمية 2010-2014 تحت رعاية رئيس الجمهورية «عبد العزيز بوتفليقة» الذي يهدف إلى تعزيز النتائج الملموسة التي حققتها البلاد خلال العشرية الفارطة وتطبيق مخطط عام ومتنوع لتطوير الاقتصاد الوطني خارج قطاع المحروقات بالاعتماد على عناصر جديدة في مقدماتها السياحة والفلاحة. وأكدت وزارة الداخلية في نص البيان أن تصميم المخطط الإستراتيجي لتطوير العاصمة على المديين المتوسط والطويل من قبل الجهاز التنفيذي لولاية الجزائر في إطار هذا البرنامج، قد أضحى اليوم واضحا لاسيما وأنه يرتكز على دراستين مهيكلتين تتعلقان بتهيئة «جون الجزائر العاصمة» ومراجعة المخطط المدير للتهيئة والعمران اللتين أوكلتا لمكتب دراسة ذي سمعة دولية.